القدس في الذاكرة حتى النصر

القدس

القدس في الذاكرة مقال للشيخ توفيق الواعي رحمه الله ننشره في ظل الظروف الراهنة بعد اعلان الولايات المتحدة الامريكية على لسان رئيسها دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس

موفياً كما يزعم بالوعد الذي قطعه على نفسه خلال خوضه لانتخابات الرئاسة الأمريكية

القدس في الذاكرة حتى النصر

د. توفيق الواعي،

القدس لن تُنسى وستظل في الذاكرة، وإن حاول اليهود ومن وراءهم طمس معالمها وإضاعة هويتها،

وهل ينسى مسرى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وثالث الحرمين، وجهاد المسلمين في استردادها، وجعلها جزءاً من تراث المسلمين المقدس؟

دخلت في الحكم الإسلامي الفعلي سنة 16ه 636م في عهد الخليفة عمر بن الخطاب عندما تسلم مفاتيحها من البطريرك “صفر ونيوس”

وأعطى أهلها الأمان “العهدة العمرية” التي نصت على منع اليهود من الإقامة في القدس.

وفي عام 1099م، وقعت القدس في قبضة الصليبيين واستطاع الناصر صلاح الدين أن يحررها عام 1187م،

ثم قامت صراعات محلية في بلاد الشام بعد حملات التتار والمغول، أدت إلى تخريب القدس عام 1265م،

ولكن المماليك تمكنوا من الحفاظ على القدس عربية إسلامية حتى مطلع القرن السادس الميلادي وخاصة المحافظة على الأماكن المقدسة ببناء القلاع في ساحة المسجد والمدارس وشبكات المياه…إلخ،

الأمر الذي أدى إلى زيادة عدد السكان العرب المسلمين.

استمر الحكم الإسلامي لفلسطين والقدس حتى انهيار الدولة العثمانية وتولت بريطانيا الوصاية عليها عام 1916م بعد توقيع اتفاقية “سايكس بيكو” لاقتسام العالم الإسلامي بين بريطانيا وفرنسا،

وبدأ المشروع الصهيوني في التبلور خلال فترة الانتداب واحتُلت معظم أراضي فلسطين والقسم الغربي من المدينة عام 1948م وتم احتلالها بالكامل عام 1967م.

وكان الهدف من سريان حملات الاستيطان والتهويد في فلسطين وخاصة القدس مع بداية الانتداب البريطاني:

إضفاء الطابع اليهودي على المدينة المقدسة تمهيداً لإعلانها عاصمة موحدة للدولة الغاصبة.

إنكار أي مطالب عربية وإسلامية في المستقبل حول أحقية الأمة العربية في المدينة المقدسة.

والجدول الذي أمامنا يبين لنا حقيقة الدور الكبير الذي لعبه الصهاينة لتغيير ملامح المدينة ولإثبات شرعية ادعائهم من جميع النواحي.

استراتيجية اليهود للاستيلاء على القدس:

خطوات التهويد: أخذت عملية تهويد المدينة أشكالاً عدة يعود الفضل في تنفيذها إلى التنسيق المبرمج بين اليهودية العالمية والدول الاستعمارية.

فكان من أبرز مشاريع التهويد “مشروع موشى مونتفيوري” الضابط في قصر ملكة إنجلترا ورجل الأعمال المصاهر للعائلة اليهودية العريقة الذي استطاع التأثير على كل من بريطانيا وفرنسا للضغط على الدولة العثمانية من أجل استصدار فرمانات تسمح بإقامة مؤسسات يهودية في فلسطين والقدس.

الدور الذي قام به مونتفيوري:

1 تنظيم رحلات عملية إلى فلسطين لإقامة الأحياء اليهودية عام 1827م.

2 عقد اتفاق مع الطوائف اليهودية في إنجلترا وإيطاليا ورومانيا والمغرب وروسيا لإقامة مشروعه.

3 إجراء عملية إحصاء لليهود في قلب القدس عام 1839م وفي سائر أنحاء فلسطين لكي تكون مدينة بيت المقدس نقطة الانطلاق.

4 بناء 27 مستعمرة يهودية في الفترة من 1843 1897م.

5 أخذْ قطعة أرض من السلطان العثماني بحجة بناء مستشفى وإقامة أول مستعمرة يهودية عليها 1859م.

6 بناء مساكن شعبية لليهود.

وفي القرن التاسع عشر أقيمت أحياء أخرى على امتداد الطرق المؤدية إلى بوابات المدينة.

وقامت الصهيونية بالتحايل على القانون بشراء الأرض التي بنيت عليها الأحياء السكنية بمساعدة القنصل البريطاني في المدينة المقدسة.

وفي عام 1917م أنجز المخطط الصهيوني مرحلة مهمة بمحاصرة مدينة القدس.

وقدم “هرتزل” إلى فلسطين في 4-11-1903م، ليجسد فكرة إقامة وطن قومي لليهود، فقام بتقديم مذكرة تفصيلية لإمبراطور ألمانيا حول الصهيونية وأهدافها التي تنوي تحقيقها على أرض فلسطين،

وقد خطط الاستيطان اليهودي في القدس ليكون ركيزة ينطلق منها المستوطنون إلى سائر أنحاء فلسطين.

هذا وقد حدث تبدل ملحوظ في وضع مدينة القدس إثر قيام الكيان الصهيوني على أرض فلسطين العربية عام 1948م،

وقد حدث هذا التطور على مرحلتين مهمتين من مراحل تطور الصراع العربي الصهيوني.

المرحلة الأولى:

من مايو عام 1948م وحتى نشوب حرب يونيو عام 1967م، فقد قسمت المدينة المقدسة خلال هذه المرحلة إلى قسمين يخضع كل واحد منهما لإدارة قانونية وسياسية غير التي يخضع لها القسم الآخر،

وكانت هذه هي المرة الأولى في تاريخ المدينة التي يتم فيها تقسيم المدينة إلى قسمين؛ إذ ظلت القدس طوال التاريخ غير مقسمة.

وبعدها أعلن “الكيان الصهيوني” أن القدس عاصمته الموحدة وضم القدس نهائياً وإعلانها عاصمة الكيان الصهيوني سنة 1980م،

وحاولت كتلة غوش أمونيم اليهودية السيطرة على الأقصى بالقنابل والرشاشات.

المرحلة الثانية:

في عام 1996م، قام اليهود بافتتاح النفق الثالث تحت منطقة الحرم القدسي، ثم حاولوا مفاوضة الفلسطينيين لإعطائهم قرية أبوديس بدلاً عن المدينة المقدسة،

ومازال وضع القدس يراوح مكانه “والكيان الصهيوني” ماض في التهويد، والعرب ومنظمة المؤتمر الإسلامي في قراراتهم ماضون،

ولم يتحرك أحد لإنقاذها، وكأنهم أموات لا يحسون، فهل للقدس من صلاح الدين وجيل صلاح الدين؟!

لن يكون ذلك إلا بالكفاح والعمل والصبر والتوكل على الله، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون (227) (الشعراء).

المصدر: مجلة المجتمع

اقرأ أيضاً : مقالات سياسية

Be the first to comment on "القدس في الذاكرة حتى النصر"

تعليقك يثري الموضوع