الإجمال بعد التفصيل في أساليب الشيخ علي الطنطاوي – دراسة تحليلية 13\10

أساليب الشيخ علي الطنطاوي

دراسة تحليلية

بقلم : عبدالعظيم بدران

الإجمال بعد التفصيل

يلحظ قارئ الطنطاوي – في أحيان كثيرة – أنه يلخص لقارئه ما يريد في نهاية كلماته، القصيرة أو الطويلة، فيُجمل ويكثف المعنى بعد بسطه. فهو مثلا في حديثه عن رعاية الأطفال وطريقة تربيتهم، يقول: “وارفعوا الظلم يرتفع الإجرام، وأذهبوا البؤس يذهب الخطر، واعلموا أن هؤلاء المجرمين الذين تمتلئ بهم السجون كانوا يوما أطفالا أطهارا، وأن هؤلاء الأطفال المهملين المظلومين سيصيرون يوما مجرمين أشرارا. إن رأس الإجرام ومنبع الشر هو الذي ظلم هؤلاء الأطفال”[113].

إنه تعبير أدبي ينتقي الكلمات ولا يتكلفها كما في قوله: “ارفعوا… يرتفع… وأذهبوا… يذهب…”، ويلون العبارة بالمترادفات والأضداد الموحية كما في:”الظلم، الإجرام، البؤس، الخطر، المجرمين، أطهارا، المهملين، أشرارا”.. ويربط النتائج بالأسباب ربطا ذكيا، يزيد الصورة سطوعا، والمعنى رسوخا، ثم يُجمل في نهاية كلمته القصيرة ما بسطه من معنى: “إن رأس الإجرام ومنبع الشر هو ظلم هؤلاء الأطفال”.

ومن ذلك أيضا ما ذكره في نهاية مقالته “تسعة قروش”، التي نشرها 1948م، وحث فيها على الإنفاق على الضعفة والحنو عليهم، يقول:

“إذا شئتم أن تذوقوا أجمل لذائذ الدنيا، وأحلى أفراح القلوب، فجودوا بالحب والعواطف كما تجودون بالمال”[114]. لقد أجمل المعنى وصرح بخلاصته في هذه الجملة بعد أن فصَّل في طول مقاله جوانبه. وهي ظاهرة في أسلوبه الإذاعي والكتابي على السواء.

الهامش

[113] – مقالات في كلمات، علي الطنطاوي، 1/13.

[114] – صور وخواطر، علي الطنطاوي، ص34.

المصدر

فهرس البحث

Be the first to comment on "الإجمال بعد التفصيل في أساليب الشيخ علي الطنطاوي – دراسة تحليلية 13\10"

تعليقك يثري الموضوع