الأدب وأثره في الحياة للأستاذ عبدالوهاب محمد سليم

الأدب وأثره في الحياة مقال للأستاذ عبدالوهاب محمد سليم

الأدب وأثره في الحياة مقال للأستاذ عبدالوهاب محمد سليم تكلم فيه عن تعريف الأدب وأثره في الحياة وفي استثارة العواطف ، نشر في مجلة الهداية الإسلامية في رجب سنة 1348

الأدب وأثره في الحياة

للأستاذ عبدالوهاب محمد سليم

للأدب في هذا العصر رسالة قوية لا تقل في أهميتها وخطورة أثرها عن أيِّ فن آخر من نتاج العقل الإنساني.

هذه الرسالة هي مزيج الإحساس الحي، والإلهام الصادق، والنبوغ المشتعل الرامي بأشعته على آفاق الكون،

والمتغلغل في البيئات الإنسانية، ونواحي النفس البشرية؛

ليستشف حقيقتها، ويلبسها ثوباً جميلاً يلفت الأنظار إلى ما فيها من دقائق الأسرار.

يتناول أدق الأمور، وأعصاها، فيجليها، ويبرزها في أحسن معرض وآنق ثوب.

يستثير العواطف الدفينة؛

فتصبح حية يقظة تبعث الخير والرحمة.

يعمد إلى أدق النظريات وأخفاها فإذا بها سهلة سائغة.

والأدب في أوربا الآن لا يتمثل في شيء مثل تمثله في القصص؛

فبواسطته تمكن العلماء من التحدث عن علومهم إلى أكبر عدد من القراء،

ولو أنهم جمدوا عند حدود التآليف الجافة لأصبح العلم في دائرته الضيقة لا يتجاوز الأخصائيين والمحترفين.

والقصة الأدبية لا يقف أثرها عند عرض الأفكار والمبادئ،

ولكنها؛ لطلاوتها وقربها من عقلية الجمهور يستطيع الأديب من خلالها أن يدني الفضيلة من النفوس،

وأن يبغضها الشر في جميع مظاهره،

يستطيع ذلك بقوة الإيماء والخيال الأخَّاذ،

وبحكايته لما يشابه أدوار الحياة العملية تمام المشابهة في أشخاص قصته.

الأدب روح وأسلوب

والأدب في التحرير ليس نثراً يرصف، أو شعراً ينظم فحسب،

بل هو قبل كل شيء روح وأسلوب، ودراية عملية لأسرار النفس .

أيُّ قيمة لذلك النثر، أو هذا النظم ما دام خالياً من تلك الروح؟

إنه يكون أشبه شيء بتلك الدُّمى التي يبذل صائغُها جهده في نحتها، وتزويقها،

ولكن تعوزها روح الحياة تدب فيها.

يتناول العلماء بحثاً من البحوث، وتتكافأ قواهم في فهم أسراره ومدلولاته،

ومع ذلك فطريقة عرضهم تختلف اختلافاً كبيراً، فبينا تجد جفافاً وخشونة إذ تجد طلاوة، وحسناً،

ومائية تتقبلها النفوس بقبول حسن.

وليس ذلك الاختلاف إلا نتيجة الروح الأدبية التي تعين صاحبها على بسط معلوماته،

وإدخالها في الطور العملي المنتج.

من ذلك نستطيع أن نحكم بأن أيَّ فنان أو عالم يهمل الجانب الأدبي في هذا العصر،

ولا يدخله في علمه أو فنه _ فلا يستطيع بأيِّ حال أن يضمن له الذيوع والانتشار، ثم الثبات والاستقرار.

والشواهد على ذلك يعرفها من وقف على شخصيات العلماء ثم ميَّز بين أساليبها وروحها التأليفية.

الهامش

(*) مجلة الهداية الإسلامية، الجزء الثاني،

المجلد الثاني ص96، رجب 1348هـ.

تعليقك يثري الموضوع