مؤسس أم معارض أم ماذا؟
يتفق أغلب المراقبون للشأن السياسي على الدور الكبير الذي لعبه تيار ال الحكيم في عملية البناء السياسي الذي حصل في العراق بعد إزالة النظام البعثي الدكتاتوري من دفة الحكم.
يتمحور هذا الدور بالدفع بإتجاه العمل وفق الرؤية الدستورية التي إتفق الشعب على العمل بمضامينها وخول قواه السياسية للعمل وفق المصلحة العامة عن طريق المشاركة الفاعلة،
في المشهد السياسي المعبر عن الخيار الوطني، عن طريق الممارسات الإنتخابية المتعددة.
كانت القوى السياسية متباينة في تعاطيها مع الواقع الجديد،
فالبعض يرى حرمة المشاركة في هذه العملية بإعتبارها عرفٌا غربيا دخيلا على الثقافة الإسلامية!
ذهب بعض آخر الى عدم شرعية هكذا ممارسات في ظل وجود قوات التحالف،
الأمر الذي يوحي بتدخل القوى الخارجية بنتائجها.
في ظل هذه الأجواء المشحونة وإنسجاماً مع مع رؤية المرجعية في ضرورة مشاركة الشعب العراقي بكل اطيافة في صنع القرار السياسي،
أخذ الحكيم على عاتقه إقناع الشركاء بأهمية إنخراطها في العمل السياسي لما له من أثر كبير في تهدئة الأوضاع والمضي في البناء الديمقراطي الذي غاب لقرون عن أذهان قطاعات واسعة من أبناء الشعب،
فكانت النتيجة لصالح القوى المعترضة من قبيل حصولها على تمثيل برلماني واسع نتج عنه حصولها على مالم تكن تحلم من حيث،
المواقع الوزارية والمناصب المتعددة في الهيكل العام للدولة العراقية الجديدة.
من غير الممكن تصوير الحالة العراقية الحاصلة بعد التغيير بالمثالية المطلقة،
نعم ربما من ناحية التعددية السياسية وحرية التعبير عن الرأي وإرتفاع مستوى دخل الفرد.. لكن من الناحية الأمنية والخدمية حصلت إنتكاسة لم تكن متوقعة جراء إستشراء الفساد في مؤسسات الدولة والمحسوبية الحزبية،
وإنتعاش الحالة الاقتصادية لبعض الفئات على حساب فئات أخرى،
وإنتشار السلاح خارج المنظومة الأمنية وكثير من السلبيات التي رافقت البناء السياسي.
بالرغم من إن الديمقراطية العراقية لا مثيل لها في الجوار العربي،
على أقل التقادير وتشبه إلى حدٍ كبير ديمقراطيات العالم المتحضر من حيث الهيكل العام،
لكنها تفتقر إلى اهم مقوماتها المتمثل بالرقابة وتقييم الأداء والإعتراض على الاداء السلبي للسلطة التنفيذية.
لقد إعتادت القوى الإنسجام مع السلطة التنفيذية، متى ما كانت ملبيةً لرغباتها الخاصة،
لكنها من أشد المعترضين على نفس السلطة في حال شعرت تلك القوى بإفلاسها من المغانم،
مما جعل المراقب في حيرة من أمره فنفس القوى تقف في صف السلطة مرةً وبخانة المعارضة مرةً أخرى،
وهو ما يعبر عنه بثقافة المحاصصة التي يلعنها الجميع أمام الملأ ،
لكنهم يدافعون عنها بشراسة خلف الكواليس!
أمام تلك الحالة لا بد من مبادر يأخذ على عاتقه صدمة الرأي العام ويتبنى خيار المعارضة للسلطة وأداؤها المترهل،
مع المحافظة على البناء العام للدولة العراقية،
التي أسهمت قوى الشعب الواعية في المحافظة عليها.
كان الحكيم اول المبادرين لتبني هذا الخيار،
الذي يخشاه الجميع خوفا على مغانمهم..
هذا الخيار سينسف الأسس الخاطئة التي عملت أحزاب السلطة على إنشائها منذ 2003 ولحد الآن.
Be the first to comment on "مؤسس أم معارض أم ماذا؟"