رسالة الى شيطان
عبد الرحمن الفراتي
لم أكن أتخيّلك قبل اليوم بعد ما رأيتك بأمّ عيني أنك بهذا المستوى من الخسّة والجبن والإنهزامية، ولم أكن أتصوّر بنفس الوقت أنك رعديد ومخواف لهذه الدرجة.
بحيث أن مجرد قطعة قماش حمراء مثبَّتة على جدار ما.. أو كونها راية تعلو سارية عَلَم ما.. أو جدارية لبوستر بسيط من ورق مكتوب فيها [كلمات فيها رضى لله] أزعجتك إزعاجًا شديدًا وأقضَّت مضجعك
على الرغم أنك تدّعي الإيمان والتقوى ومن الحماة المحافظين على الدين والمذهب،
فأبَيتَ إلّا أن تُظهر ما تستبطنه من نذالة ورُحتَ تجرّدها من الجدار وتمزِّقها الى أشلاء كمن ينتهك الحرمات ويهتك الأستار.
لا أجد مسوّغًا يجيز لك هذه التصرّفات العدائية الصبيانية التي تتصرّفها ضد حريَّتي واعتقادي،
فهل يغيضك أن الراية التي أحملها وأهزّها بقوة لترفرف عاليًا كأنها نخلة سومرية باسقة تداعب سعفاتها الرياح،
تارة تضرب هذه الجهة، وأخرى تصفع تلك الجهة؟،
أو لأنها تصفق بطيّاتها لونها الأحمر القاني فتولّد شعلة وهّاجة تضيء المدى فإنّك تشعر أنها تتحدّاك وتوجّه لك برفيفها الصفعات تلو الصفعات؟؟،
وإلّا هل تستطيع أن تقول لي، ما الذي يدعوك الى أن تنتفض هذه الإنتفاضة على مجرّد خرقة حمراء لولا شعورك بالرعب والإنهزامية الفارغة فتُحسّها أنها تشكل تهديدًا لك؟.
رغم أنه لم يوجد في الأمر شيئًا مريبًا ألبتة سوى ما متعارف عليه من مجالس العزاء تتخلّلها فقرات ودروس تربوية وأخلاقية وفقهية وبحوث وقراءة قرآن ومحاضرات فيها رضى لله وتوعية للناس.
يقيمها ويؤدّيها مجموعة مباركة من أبنائنا الأشبال والشباب الواعد.
ثم أليس كل ذلك يُقام تحت أنظارك ورعايتك اللا موفقة اللا سديدة، وهو أمر أكيد يختلف عما تظنه وغيرما تسوّله لك نفسك اللئيمة وتتخيّله أنت وحدك فقط.
ليست جديدة أو غريبة عليك هذه الأخلاق فإنَّ لك أسوة ووازرة سيئة بأجدادك الأوّلين فقد كانوا يعتدون على النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- ويرمونه بالحجارة والقاذورات،
ويحرّضون صبيانهم وجهّالهم ضده ويدفعونهم الى أن يختلقوا الأصوات العالية والضجيج ليغطّوا ويشوّشوا على صوت النبي -صلى الله تعالى عليه وآله وسلم- حتى لا يسمعه الناس وهو يتلو على الملأ آيات من الذكر الحكيم.
الطغاة يرتعبون دائمًا من أبسط الأشياء، من الكلمات والشِّعارات أيًا كان هدفها ومن أي كان صدرت، ومن الأعلام والرايات.
يظنون أنها تشكّل دوافع وحوافز -رمزية و روحية- تدفع الناس الى التمرّد. فلذلك تنبَّه ياشيطان فإنك حتى عندما تكون جليس دارك ذات الأسوار العالية، المطرّزة بالأسلاك الشائكة، يحيطها ويحرسها الكثير من -الجندرمة- فإنك سيبقى الشكّ يخالجك وترتعب،
وستهتز فرائصك حتى عندما ترعد السماء، وقد تعتبر ذلك وعيدًا يتهدّدك، أو تظنّه إرهاصة من إرهاصات الثورة ضدك.
عبد الرحمن الفراتي
Be the first to comment on "رسالة الى شيطان"