Site icon حديقة المقالات

الطغيان ….. لا دين له !!!.

الطغيان

الطغيان ….. لا دين له !!!. مقال للدكتورة سلوى حداد ، الطغيان ليس في الجانب السياسي في حياة الشعوب فحسب … بل في المشاعر والمواقف والسلوك

الطغيان ….. لا دين له !!!.

د. سلوى يحي الحداد

الطغيان “مفردة لغوية” عندما تمر ببال غالبية الناس فهي تعني الحديث عن الجانب السياسي في حياة الشعوب…

وهذا يعني أننا حصرناها بجانب واحد من مجمل جوانب الحياة…

والمتأمل جيداً لهذه المفردة اللغوية يدرك أن أي إفراط, أو ميل شديد ، والبعض قد يصنفه “تطرفاً” في أي حدث ،أو موقف ، أو جملة، أو كلمة،

أو حتى مجرد تفكير وحديث نفس يعد من الطغيان.

يقول تعالى }وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} الآية (31)،

فالإسراف المادي في الشراء واقتناء الكماليات يعد إفراط وطغيان ويوصف بأنه من عمل الشيطان،

ونقيضه البخل وغل الأيدي بالعطاء سواءً أكان على الأسرة أو الأقارب، أو للمحتاجين الغرباء كذلك طغيان ،

والثرثرة المفرطة في السمين والغث أو كما نطلق عليه في لهجتنا الدراجة “الكلام في الفاضي والمليان” ،

وكذلك الصمت المبالغ فيه والردود المقتضبة التي لا تسمن ولا تغني من جوع كأنك تحادث “ربوت” أو جماداً كليهما طغيان.

طغيان المشاعر

أما إذا تحدثنا عن المشاعر والأحاسيس كيف يكون الطغيان فيها؟!

فالمتأمل يرى فيها حالتين، إما الاسهاب المبالغ فيه سواءً كان في التعبير عن الحب وكلمات الغزل التي تصرع الألباب وتجعل المرء وكأن لا حراك به ،

والوعود بالحياة الخيالية قريبا من القمر وبين النجوم تعد أكبر الطغيان …

وإما المقابل والنقيض : مشاعر الكراهية والحسد والحقد فنجدها قتلاً دون سلاح ..

فنجد أن كلمة أحب تحي القلوب ، وتجعل الأرض خضراء ومشعة بالأمل والرغبة في الحياة والعطاء ،

وكلمة أكره تقتل ، فتجعل الاخضرار يباساً ، والأرض صحاري ….

ومن ملامح الكراهية العبوس الدائم ، الردود المليئة بالسخرية والانتقاص من القدر ، التذمر في كل شيء ، ومن كل شيء،

كفر بالنعم وبهبات الله وعطاياه وبالشكوى الدائمة من ابسط حدث وأقل موقف ،

وكما المبالغة في إظهار المعاناة والضعف والهوان على الناس ….

وأيضاً إخفاء الجانب المضيء للآخرين والعمل على طمسه ،

وتضخم عيوبهم ونواقصهم لدرجة إلغاء كل جميل عملوه،

وتسليط الضوء ” كشاف ضوء” على قصور تافه لا يؤثر في الحياة ولا البشرية يصبح سهماً يغرز في صدر صاحبه اشباعاً لرغبة حاقد و شر حاسد.

إن الزيادة الخارجة عن المعقول والمقبول والجنوح عن والتوسط هي طغيان بكل المقاييس …

لذا فإن من سمات التطرف هو المبالغة والتهويل للشيء اليسير و الطغيان لا يشعر به إلا من عايشه أو لاحظه أو أكتوى بناره .

وفي حياتنا العادية نلاحظ ونعايش أفراداً أو جماعات عينات من هؤلاء البشر ، الذين يعتقدون أنهم لا يعانون من أي مشكلة ،

وأن تركيبتهم النفسية ، والاجتماعية عادية ، وقد يرجع ذلك إلى نمط التربية ، أو ظروفهم الحياتية،

وعدم مرورهم بأي نقد من الآخرين على سلوكياتهم الممارسة ؛ لذا يجدون أنفسهم طبيعيون.

كلمة أخيرة لابد أن نستوعبها ونعمل في إطارها “التوازن هو سر الحياة الجميلة والمريحة و من دونه طغيان”

Exit mobile version