تجريد الاتباع عن المؤثرات الخارجية

تجريد الاتباع عن المؤثرات الخارجية

المقدمة:
بسم الله والحمد لله وبعد.
هذه صور وأمثلة من المؤثرات الخارجية في إتباع الشرع والوحي ،فعلى كل مسلم التجرد عن هذه المؤثرات في تلقيه للوحي والشريعة علما وعملا.

المؤثر الأول:

 الهوى: وهو اتباع ما تميل إليه النفس في مخالفة الشرع.
فلا تنضبط الأقوال ولا الأعمال ولا النيات بسبب الهوى.
قال سبحانه: {…وَلَا تَتَّبِعِ ٱلۡهَوَىٰ فَیُضِلَّكَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِۚ إِنَّ ٱلَّذِینَ یَضِلُّونَ عَن سَبِیلِ ٱللَّهِ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدُۢ بِمَا نَسُوا۟ یَوۡمَ ٱلۡحِسَابِ}[سورة ص ٢٦].
وقال النبي عليه الصلاة والسلام(لا يُؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به) حديث صحيح قال الإمام النووي، رُويناه في كتاب الحجّة بإسناد صحيح.

المؤثر الثاني:

التقليد :ترك الحق في تقليد القوم و الآباء وهذا من سمات أهل الجاهلية،الذين عارضوا الرسل بما كان عليه آباءهم.
قال تعالى:
{بَلۡ قَالُوۤا۟ إِنَّا وَجَدۡنَاۤ ءَابَاۤءَنَا عَلَىٰۤ أُمَّةࣲ وَإِنَّا عَلَىٰۤ ءَاثَـٰرِهِم مُّهۡتَدُونَ}
[سورة الزخرف ٢٢].
وقال: {قَالَتۡ رُسُلُهُمۡ أَفِی ٱللَّهِ شَكࣱّ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوَ ٰ⁠تِ وَٱلۡأَرۡضِۖ یَدۡعُوكُمۡ لِیَغۡفِرَ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَیُؤَخِّرَكُمۡ إِلَىٰۤ أَجَلࣲ مُّسَمࣰّىۚ قَالُوۤا۟ إِنۡ أَنتُمۡ إِلَّا بَشَرࣱ مِّثۡلُنَا تُرِیدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ یَعۡبُدُ ءَابَاۤؤُنَا فَأۡتُونَا بِسُلۡطَـٰنࣲ مُّبِینࣲ}
[سورة إبراهيم ١٠].

المؤثر الثالث:

الغضب:من المؤثرات في اتباع الحق الغضب،لذلك نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب ،ونهى أن يقضي القاضي وهو على هذه الحالة.
قال صلى الله عليه وسلم( لا يحكم أحد بين اثنين وهو غضبان) رواه مسلم وغيره.
وأن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أوصني، قال: (لا تغضب)، فردد مرارًا، قال: (لا تغضب)؛ رواه البخاري.

المؤثر الرابع:

القرابة: القرابة قد تؤثر في الأحكام وفي وفي قول الحق وشهادة الحق،وعلى المسلم الصادق أن يقول الحق ولو على نفسه ولو على قريبه.
قال تعالى: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ ٰ⁠مِینَ بِٱلۡقِسۡطِ شُهَدَاۤءَ لِلَّهِ وَلَوۡ عَلَىٰۤ أَنفُسِكُمۡ أَوِ ٱلۡوَ ٰ⁠لِدَیۡنِ وَٱلۡأَقۡرَبِینَۚ إِن یَكُنۡ غَنِیًّا أَوۡ فَقِیرࣰا فَٱللَّهُ أَوۡلَىٰ بِهِمَاۖ فَلَا تَتَّبِعُوا۟ ٱلۡهَوَىٰۤ أَن تَعۡدِلُوا۟ۚ وَإِن تَلۡوُۥۤا۟ أَوۡ تُعۡرِضُوا۟ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعۡمَلُونَ خَبِیرࣰا}
[سورة النساء ١٣٥].

المؤثر الخامس:

الظلم: وذلك أن العدل واجب ولو في القوم الظالمين الذين عندهم ظلم أو كفر أو بدعة فقد يحمل ذلك بعض الناس ألا يعدلوا فيهم.
لذلك قال تعالى:{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُونُوا۟ قَوَّ ٰ⁠مِینَ لِلَّهِ شُهَدَاۤءَ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَلَا یَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنَـَٔانُ قَوۡمٍ عَلَىٰۤ أَلَّا تَعۡدِلُوا۟ۚ ٱعۡدِلُوا۟ هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ خَبِیرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ}
[سورة المائدة ٨].

المؤثر السادس:

العصبية : وذلك مثل التعصب للمشايخ الأقوال والمذاهب وترك الدليل،والواجب اتباع الدليل حيث كان والحق حيث دار مع أي مذهب كان.
قال تعالى: {ٱتَّبِعُوا۟ مَاۤ أُنزِلَ إِلَیۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦۤ أَوۡلِیَاۤءَۗ قَلِیلࣰا مَّا تَذَكَّرُونَ}
[سورة الأعراف ٣].

المؤثر السابع :

الحزبية: لذلك ذم الله سبحانه وتعالى التحزب في كتابه،ولأن فيه متابعة الحزب الذي يتحزب إليه الإنسان ويترك متابعة الحق من أجل ذلك.
قال تعالى:{إِنَّ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰا لَّسۡتَ مِنۡهُمۡ فِی شَیۡءٍۚ إِنَّمَاۤ أَمۡرُهُمۡ إِلَى ٱللَّهِ ثُمَّ یُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا۟ یَفۡعَلُونَ}
[سورة الأنعام ١٥٩].
وقال{…وَلَا تَكُونُوا۟ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ *مِنَ ٱلَّذِینَ فَرَّقُوا۟ دِینَهُمۡ وَكَانُوا۟ شِیَعࣰاۖ كُلُّ حِزۡبِۭ بِمَا لَدَیۡهِمۡ فَرِحُونَ}
[سورة الروم ٣١ – ٣٢].

المؤثر الثامن:

المنصب أو الجاه أو الحسب أوالنسب، فلا يؤثر ذلك في قول الحق أو إقامة الحق.
ففي الحديث عن عائشة -رضى الله عنها-: (أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله ﷺ؟ فقالوا: من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حِبُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟، فكلمه أسامة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتشفع في حد من حدود الله؟، ثم قام فاختطب ثم قال: إنما أهلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله، لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعتُ يداها)متفق عليه.
فهذه امرأة شريفة، قرشية من بني مخزوم،والشريف الذي له وجاهة، منزلة، حسب، نسب، منصب.

المؤثر التاسع:

الحسد : الحسد يجر إلى الجور وعدم قول الحق وإلى فعل الظلم فهو من صفات اليهود وهو السبب في في كفر إبليس لعنه الله.
قال تعالى:{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلْمَلآئِكَةِٱسۡجُدُوا۟ لِـَٔادَمَ فَسَجَدُوۤا۟ إِلَّاۤ إِبۡلِیسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِینࣰا}
[سورة الإسراء ٦١].
وهو أو ذنب عصي الله به في الأرض ،
 وذلك عندما حسد أحد ابني آدم أخاه فقتله،فأصبح من النادمين الخاسرين.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 لا تُقتل نفس ظلماً ، إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها ، لأنه أول من سن القتل)متفق عليه.

المؤثر العاشر :

الطبع : من المؤثرات الطبع،تجد أن الواحد من الناس يحكمه الطبع أكثر مما يحكمه الشرع،فتجد الشخص الذي طبيعته متساهلة في حياته العادية ينعكس ذلك عليه فيميل إلى التساهل في الشرعية وإلى الأقوال السهلة،وأن الواحد إذا كانت شخصيته صعبة أو حادة ينعكس عليه ذلك فيميل إلى الإنغلاق أو التشديد على نفسه أو غيره .
والواجب في ذلك ألا تهيمن الطبيعة إنما تكون الهيمنة للعلم والشرع والوحي.
قال تعالى:{ٱتَّبِعۡ مَاۤ أُوحِیَ إِلَیۡكَ مِن رَّبِّكَۖ…}
[سورة الأنعام ١٠٦].

المؤثر الحادي عشر :

الخوف:وهو الخوف الذي يقود العبد إلى فعل محرم أو ترك واجب أو ترك النصيحة أوالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،بغير مسوغ شرعي.
مثل من يفتي بما يخالف الشريعة بحسب أهواء الأمير أو السلطان خوفا منه.
قال تعالى{إِنَّمَا ذَ ٰ⁠لِكُمُ ٱلشَّیۡطَـٰنُ یُخَوِّفُ أَوۡلِیَاۤءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ}
[سورة آل عمران ١٧٥].
وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله ليسأل العبد يوم القيامة، حتى يقول: ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره، فإذا لقن الله عبداً حجّته، قال: يا رب، رجوتك، وفَرَقْت الناس –أي: خفتهم-) رواه ابن ماجه.

المؤثر الثاني عشر:

الرجاء:رجاء المخلوق المحرم:وهذا النوع يكون في رجاء منفعة من مخلوق فلا يريد أن تنقطع أو يخاف ألا يحصلها.
فيترك الأمر والنهي ويداهن في الحق من أجل هذا الرجاء.
وذلك مثل من يفتي بحسب أهواء الجمهور وعامة الناس لكسب رضاهم ومنفعتهم.
فالعبد المؤمن يترك ما يرجوه من المخلوق إذا كان هذا الرجاء مما يسخط الله تبارك وتعالى،ويرجوا ما عند الله سبحانه، قال تعالى:(أُولَٰئِكَ ٱلَّذِینَ یَدۡعُونَ یَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِیلَةَ أَیُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَیَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَیَخَافُونَ عَذَابَهُۥۤۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورࣰا)
[سورة الإسراء ٥٧].
وقال صلى الله عليه وسلم:(من التمس رضى الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى الناس عنه، ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس)رواه ابن حبان.

المؤثر الثالث عشر :

المصطلح: تأثير المصطلحات كبير،فبها يلبس الحق بالباطل ويزخرف الباطل لتقبله النفوس .
فلا بد من تجريد الأقوال والنظر إلى حقيقتها وعدم الانخداع بزخرفها.
قال تعالى،عن شياطين الإنس والجن{وَكَذَ ٰ⁠لِكَ جَعَلۡنَا لِكُلِّ نَبِیٍّ عَدُوࣰّا شَیَـٰطِینَ ٱلۡإِنسِ وَٱلۡجِنِّ یُوحِی بَعۡضُهُمۡ إِلَىٰ بَعۡضࣲ زُخۡرُفَ ٱلۡقَوۡلِ غُرُورࣰاۚ…}
[سورة الأنعام ١١٢].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم(إن من البيان لسحراً) رواه البخاري ومسلم.

المؤثر الرابع عشر   :

التعريفات،حركة التعريف في العلم هي حركة اصطلاحية، فلا يسوغ القول تعريف كذا شرعا أو الجزم بذلك، بل يقال اصطلاحا، لأنه يقع الخلاف بين العلماء في التعاريف الاصطلاحية،لذلك لا تعتمد التعاريف في رد النصوص الشرعية لشمول النصوص للأزمنة والأمكنة، ولأنها من حكيم خبير.
قال تعالى{أَلَا یَعۡلَمُ مَنۡ خَلَقَ وَهُوَ ٱللَّطِیفُ ٱلۡخَبِیرُ}
[سورة الملك ١٤].
فتبقى اصطلاحات العلماء الاجتهادية محكومة بالنصوص الشرعية لا حاكمة عليها.
وهذا يقال أيضا في التقسيمات والضوابط المذكورة في كتب العلم.

المؤثر الخامس عشر:

القوة والهيمنة : فالهيمنة والقوة لها تأثير كبير على الناس وفي انتشار الأقوال،ففي زماننا بسبب الهيمنة الغربية صار كثير من الأمور الباطلة هي من التحضر ومن العلم.
وصار بعضا من المسلمين يحرف النصوص وينكر الحدود الشرعية بسبب تأثير الهيمنة الغربية، والذي ينبغي أن يعلم أن الإسلام قوي وإن ضعف المسلمون،فالإسلام يعلوا ولا يعلى عليه ،قال تعالى:{هُوَ ٱلَّذِیۤ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِینِ ٱلۡحَقِّ لِیُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّینِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ}
[سورة التوبة ٣٣].

الخاتمة :

على كل مسلم أن يسعى في تحقيق الاتباع وتجريده عن المؤثرات، لأن ذلك مقتضى الشهادتين شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمد رسول الله.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وكتبه يزن الغانم أبو قتيبة.

About the Author

يزن الغانم
يزن الغانم أبو قتيبة باحث شرعي

Be the first to comment on "تجريد الاتباع عن المؤثرات الخارجية"

تعليقك يثري الموضوع