تفاصيل الألم … !!!

تفاصيل الألم … !!! قليل من البشر من يصبر عند الابتلاء والمرض والقليل ايضاً من يواجه ابتلائه بهدوء وسكينه وثبات ؛ د .نيرمين ماجد البورنو

تفاصيل الألم … !!!

د .نيرمين ماجد البورنو

في طفولتنا كنا نتساءل كثيراً عن ماهية ذاك المرض اللعين الذي يفتك بأجساد أحبتنا وأصدقائنا ويميتهم ؛

فنتابع المسلسلات والأخبار والأفلام والبرامج فضولاً لنعرف مكنونات المرض أكثر؛

وربما نلجأ الى الكبار لكي نستفسر عن المرض فكانوا يجيبوا بأنه ليس من المناسب الحديث عنه

لأننا أطفال والحياة أمامنا ولأنه يشعرهم بالقلق فيقوموا بتلاوة آيات التحصين خوفا وقلقا من الإصابة به؛

وربما ذكره أمامهم يشعرهم بأنهم ربما يصابون به يوما ما ؛

وربما يتوهمون في بعض الاحيان لو أصيبوا بأنفلونزا بسيطة انه ذلك المرض فيتوهموا قرب موعد الوفاه؛

فيرددون المثل الشعبي ” تف من تمك “و ” فال الله ولا فالك ” و “اللهم أحفظنا “.

الغريب في وسائل التواصل الاجتماعي والاعلام عندما تقرأ عن المرض وتريد أن تعرف أكثر عن ماهية المرض

يقوموا باستعراض الاحصائيات بالأرقام والنسب الموجودة حول العالم ,

والغريب أنهم لا يتحدثون عن المعاناة والالام التي يتعرضون لها ولا يتطرقون للحديث عن الخدمات والتسهيلات التي تقدم لهم ؛

ولا يتحدثون عن رحلة الكفاح ضد المرض الذي يفتك بأجسادهم ,

والعجب العجاب بالموضوع انه اذا تعرضت امرأة لهذا المرض يتخلى عنها زوجها الذي تعتبره سندها الوحيد في الحياة ؛

وربما يتزوج عليها وهي بأعز الحاجة الى الحنان والكلام الطيب ؛

وربما يرسل اليها ورقة الطلاق قبل تلقيها العلاج وربما وهي تحتضر تصلها ورقة الطلاق ؛

وربما يمنعها من الرجوع الى بيت الزوجية خوفا من العدوى ؛

وكأنها ستره بالية يريدون التخلص منها ؛

أي انسانية نتحدث عنها ونحن نفتقدها !!!

عندما نقوم بزيارة المشفى لأحد الأقارب والأصدقاء بطبيعة بعض البشر نجدهم يبتعدون قدر المستطاع عن قسم أطفال مرضي السرطان ؛

ربما البعض لا يستطيع ان يتحمل أوجاعهم وأصواتهم المليئة بالاه والتعب لكن الوجع يكون أكبر لديهم عندما يشاهدونك وأنت تلف بظهرك عنهم

خاصة ممن لا يؤمنون بقضاء الله وقدره ,

والغريب أن هناك الكثير من الأهالي من أساءوا لأبناهم فنجدهم يتخلون عن فلذات أكبادهم في لحظه جهل

وتزداد آلام البراءة عندما يسيء معاملتهم بعضُ القائمين على علاجهم في المستشفيات،

من عديمي الضمير الذين يضربون بأخلاقيات المهنة عرض الحائط،

ويتجردون من إنسانيتهم، على الرغم من أن هذه الفئة تحتاج إلى تجند كل الجهات والأشخاص الموجودة في محيطهم،

للتخفيف عنهم ومساعدتهم على تجاوز محنتهم سواء نفسيا أم معنويا ؛

فالاقتراب منهم ومحاولة التخفيف عنهم بكلمة طيبة تنبع من قلب مليء بالرحمة والشفقة تجاه الأطفال الأبرياء يشعرهم بالراحة النفسية والقوة والاصرار على مقاومة المرض . 

قليل من البشر من يصبر عند الابتلاء والمرض والقليل ايضاً من يواجه ابتلائه بهدوء وسكينه وثبات ؛

فمنهم من يأخذ الابتلاء لديه منحى جديد ودافع قوى للتشبث بالعيش والتقرب الى رب العباد والصمود ؛

فيخرج من تجربته أكثر قوه وأكثر قدره على التحمل والصبر ؛

وقد نقابل نوعية أخرى من البشر نحاول أن نواسيهم فنجد أننا نحن من يحتاج ألي المواساة فنتعجب من قوتهم وجلادتهم وصبرهم على البلاء؛

والبعض يعد مرضه تجربة مريرة لكنها علمته الكثير فتعرف عبرها على جنسيات مختلفة في مراكز العلاج بالإشعاع وتعلم منهم الأمل والنشاط ؛

بالعادة الناس تسأل عن المريض وتطور حالته وهل هيا مستقرة ام خطرة ؛

فهل فكر أحد منا يوم ما في أن يسأل يوما عن حال من يهتم بالمريض من ذويه!!!

ويتحرون عن مشاعره ونفسيته وكيف يدبر أمورة في ظل تغير أسلوب حياته المعتادة!!!

إن مجرد التفكير في موت شخص عزيز نحبه يوجع القلب ويحرقه ؛

إذن فالمساهمة في زيارة المريض وأهلة واحدة من وسائل التواصل والتراحم والمودة بين الناس ؛

فالمريض بحاجة من يسانده ويشجعه ويخفف عنه في تلك الفترة الحرجة وهذا يساعده في العلاج؛

فعندما يشخص أحدهم بالمرض تستنفر عائلته للبحث عن أفضل طبيب مختص في الأورام لمتابعة حالته

فتكثر حينها الأسماء وينشغل المحبون بالطبيب وبروتوكول العلاج وتكلفته

ويسقطون  سهوا من حساباتهم ان المصاب بذلك المرض الخبيث بحاجة الى دعم نفسي حتى يتمكن من الاستمرار ؛

وان وجودهم بجانبه كدعم معنوي أهم من الانشغال بكل تلك الأمور ؛

فيجب على الأهل احتضان طفلهم بكل ما يملكون من طاقة حتى تزول الصدمة ويتجاوز المحنه ويتقبل مرضه فينتقل بعد ذلك الى مقاومته ومحاولة التغلب عليه ؛

فالأطباء دوما يركزون على الحالة النفسية لما لها أثر كبير في علاج المريض والتغلب والانتصار على المرض

ففي حال كان وضعه النفسي جيدا فانه يسير سريعا على طريق الشفاء بالتزامن مع متابعة العلاج الطبي من قبل المختصين ؛

ويذكر أن هناك حالات كثيرة شفيت نظرا الى عدم الاستسلام للمرض ومحاربته بالابتسامة المشرقة ومزاولة الحياة بصورة طبيعية

فيجب مع تزايد الوعي حول المرض نشر ثقافة المواجهة الأمل ؛

وقد تبين من خلال الدراسات العديدة أنه من يتمتع بحالة معنوية مرتفعة في حال لم تسعفه لمواجهة الموت فأنها سوف تساعده في تأخير النهاية ؛

ويجب العمل على قهر المرض من خلال قراءه الكتب والقصص التي قهر وتجاوز أصحابها المرض من خلال عرض تجاربهم ومحاولة الاقتداء بهم ؛

وأن الخسائر النفسية تأتي أقلّ فداحة من الذي يبقى من دون سند نفسي ويضطر إلى مواجهة مصيره لوحده.

About the Author

د.نيرمين ماجد البورنو
نيرمين ماجد البورنو دكتورة جامعية تخصص مناهج وطرق تدريس تكنولوجيا تعليم - فلسطين

Be the first to comment on "تفاصيل الألم … !!!"

تعليقك يثري الموضوع