الزواج العرفي. رسالة تقدم بها أحد الباحثين اجتزأنا منها هذا المقال نظرأ لأهميته، وهو بعنوان : موقف القوانين الوضعية من الزواج العرفي . والفرق بينه وبين مفهوم زواج المتعة بحسب الفقه الشيعي
وحرصاً منا على حفظ حقوق الباحث نأمل ممن يعرف معلومات عن صاحب البحث مراسلتنا من خلال نموذج المراسلة
الزواج العرفي في قوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية.”
يرى العلماء المتأخرون والمتقدمون لزوم طاعة ولي فيما يسنه من القوانين التي تترتب عليها مصالح الرعية,
وان لهم ان يفرضوا عقوبة على من يخالف هذه القوانين التي جاءت لتحقيق مصالح العباد الدينية والدنيوية ولتنظيم سير المعاملات والعقود الجارية بينهم على اختلافها,
يقول الشيخ علي الطنطاوي: “”هذا الزواج بهذا المعنى زواج صحيح (العقد العرفي),
ولكن للحاكم أن يعاقب فاعله ينوع من العقوبات لأنه خالف أمرا أوجب الله طاعته.
(الطنطاوي, علي, فتاوى علي الطنطاوي, جمعها ورتبها: مجاهد ديرانية, دار المنارة, ط 4, 1991, ص 186).
كل القوانين الأحوال الشخصية تلزم المقدم على الزواج أن يوثق العقد في الدائرة الرسمية المعنية,
ولكن هذه القوانين تتفاوت فيما بينها في الحكم على من يتزوج زواجا عرفيا غير موثق.
(الأشقر, مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق, 145).
ولقوانين الأحوال الشخصية أربعة اتجاهات في هذا الأمر (الأشقر, مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق, 145):
الأول: القوانين التي تلزم بتسجيل العقد غير ذكر عقوبة لهذه المخالفة.
الثاني: القوانين التي ترفض سماع الدعوى في الزواج العرفي المقدمة إلى المحاكم في حالة قانون لآخر.
الثالث: القوانين التي توجب عقوبة على مثل هذا النوع من الزواج, ويتفاوت مقدار العقوبة من قانون لآخر.
الرابع: القوانين التي لا تثبت هذه العقود وتعتبرها باطلة.
الاتجاه الأول:القانون الذي ألزم بتوثيق عقد الزواج في الدائرة الرسمية واكتفى في ذلك, ولم تترتب عقوبة على من لم يوثق عقده
وهذا الاتجاه يظهر في القانون المغربي للأحوال الشخصية, حيث نص في الفصل الثالث والأربعين على أن:
“يسجل العقد بسجل الأنكحة لدى المحكمة وترسل نسخة منه إلى إدارة الحالة المدنية.”
“الاتجاه الثاني:القانون الذي رفض سماع دعوى الزوجية أو الإقرار بها, حتى تقدم وثيقة رسمية تثبت دعوى الزوجية.
وهذا ما ذهب إليه القانون المصري للأحوال الشخصية في المادة _ 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية والمعدلة بالقانون رقم 78 لعام 1931,
لكن ما نصه القانون ليس واردا على الزواج في ذاته وإنما قاصر على التقاضي في شأنه, وقد أفتت بذلك دار الإفتاء المصرية كالآتي:
“ينعقد الزواج شرعا بين الطرفين (الزوج والزوجة بنفسها أو بوكيليهما أو وليهما بإيجاب من أحدهما وقبول من الآخر
متى استوفى هذا العقد جميع شرائطة المبسوطة في كتب الفقه
ويرتب على هذا العقد جميع الآثار والنتائج,
ويثبت لكل من الزوجين من قبل الآخر جميع الحقوق والواجبات دون توقف عن توثيق العقد رسميا, أو كتابته بورقة عرفية وهذا كله من الوجهة الشرعية
أما من الوجهة القانونية فإن المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 قد نص في الفقرة الرابعة من المادة 99
على أنه لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية أو الإقرار بها إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة رسمية في الحوادث الواقعة من أول أغسطس سنة 1931,
وتقتضي ذلك أن القانون لم يشترط لصحة عقد الزواج, أن يكون بوثيقة رسمية, وإنما أشترط ذلك سماع الدعوى””.
(إبراهيم, هلال يوسف, أحكام الزواج العرفي, 55 / والبنا كمال صالح, الزواج العرفي ومنازعات البنوة, 6).
وقد نحى القانون الكويتي للأحوال الشخصية منحى القانون المصري, وقد جاء في المادة (93) من الفقة (أ):
“لا تسمع عند الإنكار دعوى الزوجية, إلا إذا كانت ثابتة بوثيقة زواج رسمية, أو سبق الإنكار الإقرار بالزوجية في أوراق رسمية
(الغندور, احمد, الأحوال الشخصية في التشريع الإسلامي, الكويت, مكتبة الفلاح, ط 3, 1985, ص 97).”
الاتجاه الثالث:القانون الذي فرض عقوبة على الذي لا يسجل زواجه العرفي في وثيقة رسمية
ومن القوانين التي نحت هذا الاتجاه القانون الأردني للأحوال الشخصية, فقد جاء في نص الساعة عشرة منه ما يأتي:
أ . يجب على الخاطب مراجعة القاضي أو نائبه لإجراء العقد.
ب . يجري عقد زواج من مأذون القاضي بموجب وثيقة رسمية, وللقاضي بحكم وظيفته في الحالات الاستثنائية أن يتولى ذلك بنفسه بإذن من قاضي القضاة.
ج. وإذا جرى الزواج بدون وثيقة رسمية فيعاقب كل من العاقد والزوجين والشهود بعقوبة المنصوص عليها في قانون العقوبات الأردني وبغرامة على كل منهم لا تزيد عن 100 دينار.
د. كل مأذون لا يسجل العقد بوثيقة رسمية بعد استيفاء الرسم يعاقب بالعقوبتين المسار إليهما في الفقرة السابقة مع العزل من الوظيفة.
(الأشقر, مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق, 147 أخذا من قانون الأحوال الشخصية الأردني).
ومن القوانين التي تحت منحى القانون الأردني قانون الأحوال الشخصية العراقي, فقد جاء في الفقرة الخامسة من المادة العاشرة منه ما نصه:
“يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد عن سنة او بغرامة لا تقل عن 300 دينار ولا تزيد على ألف دينار, كل رجل عقد زواجه خارج المحكمة,
وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات ولا تزيد على 5 سنوات, إذا عقد خارج المحكمة زواجا آخر مع قيام الزوجية”.
الاتجاه الرابع: قانون الأحوال الشخصية التونسي الذي ينص في الفصل الرابع من الأحكام التي تتعلق بالزواج على أنه:
“لا يثبت الزواج إلا بحجة رسمية يضبطها قانون خاص.”
“وهذا النص يخالف القانوني في القانون المصري والكويتي الذين ينصان على عدم سماع دعوى الزوجية,
فالنص في القانون التونسي صريح في عدم ثبوت الزواج, وهذا يعني بطلان العقد في نظر المحاكم التونسية,
وهذا النص بلا شك فيه مخالفة صريحة لأحكام الشريعة الإسلامية. (الأشقر, مستجدات فقهية في قضايا الزواج والطلاق, 148).
تسجيل الزواج والطلاق في إسرائيل.
هذا القانون يقضي بوضع أحكام لتسجيل الزواج والطلاق (23 أيلول سنة 1919).
مادة 1)
يطلق على هذا القانون (تسجيل) الزواج والطلاق.
مادة 2)
يكون للعبارة الواردة في هذا القانون المعنى المخصص لها أدناه إلا إذا دلت القرينة على غير ذلك.
تعني عبارة “”مرجع التسجيل”” فيما يتعلق بعقود الزواج المدني, الموظف القائم بمراسيم الزواج,
وفيما يتعلق بزواج المسلمين مأذون الأنكحة, وفيما يتعلق بزواج المسيحيين القس أو الخوري,
وفيما يتعلق بزواج اليهود الراب, وفيما يتعلق بزواج الدروز شيخ القبيلة.
مادة 3)
يقتضي على مرجع التسجيل أن يسجل كل زواج لدى عقده وذلك بتدوين التفاصيل التالية في أربع نسخ يوقعها ويختمها بختمه.
- أ ) اسم الزوج والزوجة وسنهما وحرفتهما والطائفة التي ينتميان إليها ومكان إقامتهما.
- ب ) أسماء والديهما وحرفتهم ومكان إقامتهم.
- ج) أسماء الشهود وحرفتهم.
- د) تاريخ عقد الزواج ومكانه.
مادة 4)
يقتضي على مرجع التسجيل فيما يتعلق بالنسخ الأربعة لشهادة تسجيل الزواج:
- أ ) أن يحفظ نسخة منها في السجل.
- ب ) أن يرسل نسخة منها لمكتب حاكم اللواء في آخر كل شهر.
- ج) أن سلم نسخة للزوج وأخرى للزوجة لدى رسم قدره مائة مل.
مادة 5)
تتبع الأصول في المادتين 3 و 4 فيما يتعلق بتسجيل الطلاق غير أنه طلاقه بطلب تدوين التفاصيل المطلوبة في الفقرة (ب) من المادة 3.”
مادة 6)
يجوز لأي شخص أن يحصل على نسخة من شهادة تسجيل زواجه أو طلاقه بطلب يقدمه إلى مكتل حاكم اللواء لدى دفعه رسما قدره خمسون ملا.
مادة 7)
كل من تخلف عن تسجيل زواجه أو طلاقه يعتبر أنه ارتكب جرما ويعاقب بالعقوبة المعنية في ذيل المادة 99 من قانون الجزاء العثماني.
(الناطور, مثقال, المرعي في القانون الشرعي, القدس, ط 2, 1417 هـ – 1996م, ص 132 – 133).
وعليه, نجد أن جميع الاتجاهات القانونية في جميع الدول العربية وفي إسرائيل تتفق عللا وجوب تسجيل الزواج في الدائرة المعنية,
والمخالف للقانون تترتب عليه عقوبة معينة تحددها قوانين الدوله والزواج في اسرائيل وخاصه لدى المسلمين يجب توثيقه في عقد لدى المأذون الشرعي
حتى يتسنى له رفع هذا العقد الى المحكمة الشرعية ومن ثم إلى الدوائر الرسمية المختلفة. والمخالف لهذا القانون يعد مرتكبا لجرم يستحق عقوبة وفق الاتجاه الثالث.
Be the first to comment on "الزواج العرفي : موقف قوانين الأحوال الشخصية في البلاد العربية منه"