Site icon حديقة المقالات

التعريض والإيحاء في أساليب الشيخ علي الطنطاوي – دراسة تحليلية 13\11

أساليب الشيخ علي الطنطاوي

دراسة تحليلية

بقلم : عبدالعظيم بدران

التعريض والإيحاء

أصبح من المسلّمات الأدبية أن مهارة الأديب تقاس بمدى مقدرته على صياغة التراكيب الموحية، التي لا تسلم قيادها ومعانيها لقارئها من أول وهلة، وكلما احتملت هذه التراكيب معاني طريفة وثرية مع تقليبها على وجوهها، كان ذلك أثقل في ميزان الأدب والبلاغة عند الكاتب المبدع، “ومن المركوز في الطبع أن الشيء إذا نيل بعد الطلب له أو الاشتياق إليه، ومعاناة الحنين نحوه، كان نَيله أحلَى، وبالمزِية أولى، فكان موقعه من النفس أجل وألطف، وكانت به أضَنَّ وأَشْغَف، ضُرب المثل لكل ما لَطُف موقعه ببرد الماء على الظمأ”[115].

ولقد كان لأديبنا حظ من ذلك كبير، مع أنه كان كثيرا ما يصرح بما يريد، لكن قارئه لا يعدم أن يحصل من تراثه على نماذج غنية وثرية بالإيحاء والإشارة والتعريض، ويكثر ذلك منه في الجمل الاعتراضية، ومنها ما يأتي بلا اعتراض، ومن نماذج ذلك:

1. “لقد ملكنا الدنيا يوما بالسلاح الذي حملناه من حراء، وسنبقى ملوكها ما بقي في أيدينا هذا السلاح”[116]. وهي إيحاء بضرورة العودة إلى أصول الإسلام الأولى التي مكن الله بها للمسلمين.

2. “ومن شأن الحطب الجزل أن يبطِّئ دخول النار فيه ويبطئ خروجها منه، فلا بد لاشتعاله من أعواد صغار، أو حزمة من القش”[117]. وهو يتحدث عن ثورة السوريين ضد الفرنسيين، والتي بدأها طلاب مكتب عنبر: الأعواد الصغار أو حزمة القش.

3. ما مر بنا عهد – على كثرة ما مر بنا من عهود – إلا بكينا فيه منه، وبكينا بعده عليه[118]. وهو يتحدث عن أسفه الشديد من بطش أبناء البلاد بإخوانهم، والذي فاق بطش المحتلين.

4. “الفرنسيون أصحاب الثورة الكبرى التي يدَّعون أنها قامت لنشر العدالة والمساواة والحرية… قوم روسو وهوغو ولامارتين، الذين صنعوا تمثال الحرية وأهدوه إلى أميركا فأقامته عند بابها الشرقي يطل على فرنسا شاكرا، من وراء البحر الأطلنطي”[119]. وهو يعرض بهؤلاء المحتلين وبانهيار مبادئ ثورتهم.

وعلى غرار ذلك فيما كتبه أديبنا كثير

الهامش

[115] – أسرار البلاغة في علم البيان، عبد القاهر الجرجاني، ص50.

[116] – من نفحات الحرم، علي الطنطاوي ص25.

[117] – ذكريات، علي الطنطاوي، 1/167.

[118] – ذكريات، علي الطنطاوي، 1/168.

[119] – ذكريات، علي الطنطاوي، 1/212.

المصدر

فهرس البحث

Exit mobile version