ارهاب الاسلام السياسي ضد قناة دجلة والحسناوي وحيدر عبد الرحمن! مقال للكاتبة نادية محمود في التعليق على ما تعرض له ضيف ومقدم قناة دجلة من تهديدات
ارهاب الاسلام السياسي ضد قناة دجلة والحسناوي وحيدر عبد الرحمن!
نادية محمود
في اسبوع واحد فقط هدد انصار التيار الصدري قناة دجلة،وهددت قانونية اسمنت الكوفة الناشط ابو زين العابدين الحسناوي،
وجرى تهديد الناشط المدني حيدر عبد الرحمن ضمد، يعتقد انهم من عصائب اهل الحق.
بغض النظر عن الذي قالته قناة دجلة، او قاله الحسناوي، او عبد الرحمن،
فما قالوه او فعلوه ليس هو الموضوع هنا.
بل حرية التعبير وحق التعبير عن النفس من جهة، وقضية غياب دولة يمكن المواطن ان يلتجأ اليها فيما اذا تعرض الى تهديد او تخويف.
ان حماية حياة الناس حق من حقوق البشر، حمايتهم من الاذى الجسدي والمعنوي هو واجب، وهو المقدس، وليس اي شيء اخر.
الاسباب التي ساقتها تلك الجهات الثلاثة في سعيها لردع الاخرين من التعبير عن انفسهم، هي دفاع عن “قدسية” رجال دين،
او “عدم المس” بالاحزاب الاسلامية او حفاظا على الثروات بعدم كشف الفساد في الشركات.
في الوقت الذي لم يبقى فيه لا قاصي ولا داني لا يعرف امر الفساد،
ولا قاصي ولا داني لا يعرف ب”اسم الدين” سرقوا ثروات المجتمع.
الا ان هذا الاستهداف لافراد هو قصده ترويع وتخويف الاخرين من الاقدام على اي نقد، او تحريض او اعتراض او احتجاج.
ارعاب الاخرين وتخويفهم من التعبير عن رأيهم، مسالة لا تتعلق باية “مقدسات”.
المسالة سياسية و تتعلق بقمع المعارض السياسي،
المعارض من الطبقات الكادحة.
وليس المنتقد من نفس الطبقة.
ان اشخاصا ينقدون توجهات دينية من الطبقة ذاتها، من الطبقة السائدة والمتسيدة على المجتمع، لا تجعلهم يقدمون على تهديد او تخويف بعضهم البعض.
لانهم ابناء طبقة واحدة، لانهم لا يشكلون خطرا على مصالح بعضهم البعض،
فهم في اخر المطاف يتوصلون الى طريقة ويتراضون على تقاسم الكيكة وفق مبدأ القوي يأكل الضعيف.
لذا، يتحملون الاستماع الى نقد بعضهم البعض.
اما ان ياتي هذا النقد من الطبقات الكادحة فهذا ما لا يريدوا سماعه ،
لان هذا يمس مباشرة مصالحهم، ومكانتهم التي يرعبهم سماع اي احتجاج ضدها، وليس هي “المقدسات” ما يريدون الدفاع عنه.
بين الأمس واليوم
بالامس كان مصير من ينقد صدام حسين هو عقوبة السجن او الاعدام.
لم تستخدم كلمة” القدسية” انذاك، ولم يكن لها سوقا او رواجا.
بل كانت ” منة وفضل ومكرمة القائد” ووجود القائد بحد ذاته هي مّنة و فضل من بها على الملايين لانه تصادف ان اصبح رئيسهم!
كان ارهاب الدولة وديكتاتورية النظام هي الكلمة التي يعرفها الجميع سواء نطقوا بها او لم ينطقوا.
الان يراد الى فرض الديكتاتورية ذاتها، ولكن هذه المرة، بحلة اخرى، بتسمية اخرى” القدسية”،
لم تستعمل مفردات المّنة، والفضل، والمكرمات
( فلا تعليم مجاني، ولا صحة مجانية، ولا توظيف مركزي لخريجي الجامعات، شكرا لسوق الاقتصاد الحر!) بل ” القدسية” و”المقدسات”.
فلا فرص عمل، ولا خدمات، ولا امان!تغيرت الكلمات وبقي الجوهر واحد.
قمع المعارض السياسي، قمع المخالف، اسكات الاصوات المحتجة،
وارعاب الناس وتخويفهم.
هو المنهج ذاته الذي اتبعه النظام السابق، والذي يريد ان تقتفي اثره احزاب الاسلام السياسي في العراق،ولكن هذه المرة، بدون وجود دولة.
ولكن ماغاب عن هؤلاء ان الناس لا تعيش بال”مقدسات”، الناس تريد سبل عيش، وتريد فرص عمل.
انها لا تريد كما يخطب احمد الصافي في خطبة الجمعة ” الفقر في الدنيا ” مقابل “إمتيازات الآخرة!”.
انها تريد اشباع لحاجاتها، على تنوعها، تريد امانا، تريد حين تخرج الى فسحة صغيرة ان تعود الى منازلها احياء وليسوا اموات، كما جرى في عبارة الموصل وغيرها بالاف الحوادث التي قتلت البشر في العراق.
تريد دولة مسؤولة، وليس احزابا بميلشيات اجرامية، كل يجند ميلشياته لفرض اجندته ومقدساته.
ان احزابا لا توفر ابسط مستلزمات الحياة الطبيعية، لا يمكن لها ان تسوق “مقدساتها” على الطبقات المحكومة.
الا ان المشكلة الكبرى لا تكمن بوجود احزاب وميلشيات، فكل جمع يستطيع ان يجمع له عصابة و يؤجر نفسه وعصاباته لقوة مالية، ويضع نفسه تحت خدمتها،
ويستل لنفسه قضية ويطرح امام المجتمع “مقدساته”!ان المشكلة تكمن بغياب دولة، يستطيع المواطن ان يلتجأ اليها لحماية نفسه من ارهاب اخرين.
وجود دولة وقانون
نحن لا نتحدث هنا، عن دولة اشتراكية او شيوعية يلغى فيه العمل المأجور ويصبح استغلال الانسان للانسان في عداد الماضي،
بل نتحدث عن دولة حتى في الاطار البرجوازي والراسمالي.
بانعدام وجود دولة وقانون، يمضي كل جمع، كل عصابة، كل ميلشيا، الى فرض ارادته، بالارهاب.
دولة احزاب الاسلام السياسي في العراق هي اللادولة، هي الفوضى العارمة، هي انعدام حق التعبير، وحرية التعبير عن الرأي، انعدام الامان.
هي الغوغائية بكل ما في هذه الكلمة من معنى.
فكيف جرى قلب ماقاله وائل عبد اللطيف في قناة دجلة على انه استهداف للصدر؟والرجل لم يقل غير لا داعي للبس الاكفن في التجمعات، حيث لا يوجد هنالك خوف فهم في السلطة.
كيف جرى ترجمة وتحويل تلك الكلمات الى نقد للمرجع الشيعي محمد صادق ألصدر؟
ان هذه الممارسات هي ارهابية، سواء تلك التي كانت ضد قناة دجلة التي التقت وائل عبد اللطيف،
او الحسناوي الذي اريد اسكاتهاو عبد الرحمن الذي فضح في شارع المتنبي سلطة الاحزاب الاسلامية ومسؤوليتها عن موت ما يزيد عن 100 شخص في نوروز في عبارة الموصل.
ستظل الطبقات المهيمنة في مجتمع طبقي تسعى الى اسكات الاصوات حتى تحافظ على مكانتها دون اي مس، او تهديد لها.
Be the first to comment on "ارهاب الاسلام السياسي ضد قناة دجلة والحسناوي وحيدر عبد الرحمن!"