اندلاع الحرب العالمية الثانية من كتاب أحجار على رقعة الشطرنج للكاتب ويليام قاي كار
اندلاع الحرب العالمية الثانية
بعد تنحي الملك أدوار الثامن عن العرش، قام عدد كبير من المثقفين والمفكرين البريطانيين ـ بما فيهم أعضاء البرلمان وقادة الجيش المتقاعدين ــ بحملة دعائية واسعة، محاولين إقناع الحكومة البريطانية بحقيقة المؤامرة التي يحيكها “المرابون العالميون”.. ومن بين هؤلاء الكابتن رامزي والأدميرال السير باري دومفيل، الذين توصلا في عام 1938، إلي أن قادة اليهودية العالمية الذين يتزعمهم رجال المصارف والممولون اليهود العالميون، يستعملمون الأموال الكثيرة التي في حوزتهم لشراء المراكز الحساسة، بهدف خلق النزاعات بين الأمم، في خطة بعيدة المدى تهدف إلي الإعداد لمجيء مسيح اليهود لتخليصهم، وعندها ستتمكن الحكومة المركزية الموجودة في فلسطين من فرض الحكم الديكتاتوري علي جميع شعوب وأمم العالم.
وقد حاول الكابتن رامزي والأدميرال دومفيل جهدهما لمنع توريط بريطانيا في حرب مع ألمانيا، وبذل الكابتن رامزي جهدا كبيرا في سبيل إقناع المستر تشامبرلين ـ رئيس الوزراء البريطاني ـ بالخطر علي المصالح البريطانية، إذا حقق المتآمرون الدوليون خطتهم وورطوا بريطانيا في حرب مع ألمانيا.. ومع أنه لم يقنع رئيس الوزراء، إلا إنّه علي الأقل أثر فيه تأثيرا كافيا، جعله يصلح الأمور مع هتلر ويعود من ميونج وهو يلوح بمظلته المشهورة، وبورقة قال عنها إنها اتفاقية “تضمن السلام في وقتنا هذا”.
بعد هذا الاعلان مباشرة، قامت الصحافة التي يسيطر عليها المرابون الدوليون بحملة حاقدة علي الفاشية، لاعنة تشامبرلين ومتهمة إياه بأنه “امرأة عجوز تحاول شراء السلام بأي ثمن”، وبأنه متضامن مع الفاشية.. وفي موسكو أحرق العملاء هناك تمثالا وهميا لتشامبرلين، في تظاهرة كبيرة في الساحة العامة.. لقد صورت هذه الصحافة، الفاشية الألمانية والإيطالية علي أنها عقائد إلحادية سوداء ذات أهداف توتاليتارية مطلقة.. وكان القليل من الناس من يفهم الفرق بين النازية والفاشية والشيوعية والاشتراكية.
ومما نعرفه عن بعض التفاصيل التي جرت خلف الستار، أن الكابتن رامزي وعد رئيس الوزراء البريطاني بتسليمه وثيقة تشهد بالمؤامرة علي المصالح البريطانية.. وكانت هذه الوثيقة عبارة عن رسائل سرية بالشفرة تبودلت بين ونستون تشرشل والرئيس الأميركي روزفلت.. ووعد رامزي بإحضار هذه الرسائل ليبرهن له عن عزم الممولين العالميين علي إشعال الحرب العالمية الثانية.
وكان الكابتن رامزي قد علم بهذه الرسائل السرية عن طريق “تايلر كنت” الضابط الأييركي المكلف ببثّ واستلام الرسائل في السفارة الأمريكية في لندن.. ولقد اتصل تايلر كنت بالكابتن رامزي، لأنه كان يعرف أنه يشك في “مؤامرة يهودية عالمية”، ويعلم أنه يحاول جهده لإيقاف الحرب.. ولما عرض رامزي أن ينقل هذه الوثائق إلي رئيس الوزراء، وافق كنت علي إحضار الوثائق إلي منزله في غلوستر بلندن.
في هذا الوقت كان المتآمرون العالميون يعملون بنشاط واسع.. في آذار 1939 تمكن هؤلاء من دافع تشامبرلين للتوقيع علي معاهدة لحماية البولنديين من العدوان الألماني، وذلك بإبراز إنذار مزور من ألمانيا للبولنديين.. والحقيقة أن ألمانيا لم ترسل هذا الإنذار، بل عرضت مشروعا مقبولا لحل سلميّ لمشكلة الممر البولندي ودانزنغ، التي سببتها معاهدة فرساي الجائرة.
ولكن بقيت المذكرة مهملة أشهرا عديدة، في حين كانت الصحافة المعادية لهتلر تشن عليه الحملات العنيفة المضادة.. وقد صورته هذه الصحافة رجلا لا يوثق به، فانطلت الكذبة علي الجميع، واستخدموا قول هتلر بعد احتلاله لسدتنلاند، وهو أنه لا يطلب أي شيء بعد ذلك، كمثال علي تعدّي هتلر علي جميع الاتفاقيات، كما تعدي علي معاهدة فرساي من قبل.. كما حولوا مذكرة هتلر السلمية التي وجهها إلي بولندا إلي مذكرة عدوانية، واعتمدوهما مثالا آخر علي نواياه التوسعية.
والحقيقة أن هتلر أعلن أنه لن يطلب أي شيء آخر بعد أن توصل إلي رفع الظلم الذي فرضته عليه معاهدة فرساي التي صاغها أعداء الإنسانية.. وكان هتلر صادقا في ذلك الوعد ولم يتقدم إلا إلى منطقة السدتنلاند وجزء من تشيكوسلوفوكيا والممر البولندي ودانزنغ، فلقد كانت معاهدة فرساي قد فصلت بروسيا عن بقية ألمانيا بإيجاد الممر البولندي.. أما دازنغ فهي مدينة ألمانية فصلتها المعاهدة وعزلتها عن بقية المناطق الألمانية.. وأما القسم المعروف اليوم بتشيكوسلوفاكيا، فقد كان يضم إليه قسما من الرعايا الألمان الذين عوملوا معاملة سيئة ونال منهم التشيكيون.. ولم يدخل هتلر النمسا إلا بعد أن طلب شعبها حمايته من العدوان الشيوعي، وهذا ما ينكره الجميع اليوم.
وبشكل عام، كانت الصحافة الغربية قد هيأت الشعوب هناك لنقف موقفا معاديا للألمان ولجميع الدول التي تؤيد سياستها كفرنسا وغيرها.
ولما حمل الشعب الألماني هتلر إلي مركز القيادة وقف تشرشل ليعلن ان هتلر ليس إلا “وحش وليد الكذب والخداع”.. ولكن أحدا لا يستطيع أن ينكر أن هتلر كان يحاول مرة بعد مرة، الوصول إلي حل عادل لمشكلة الممر البولندي ودانزنغ، ولكن المرابين العالميين لم يسمحوا له بذلك، وذلك بايهام رئيس الوزراء البريطاني الستر تشامبرلين بأن هتلر قد أرسل مذكرة الإنذار.. وكان هذا الخداع والكذب هما اللذان جعلا المستر تشامبرلين ينصح مترددا الحكومة الملكية بإعلان الحرب علي ألمانيا.
***
قد يعتبر القارئ هذه الاتهامات التي أوجهها للمرابين العالميين غير صحيحة وبعيدة عن الحقيقة.. ولكن إذا حاول أن يجري مقارنة بين ما حدث قبيل وبعد الحرب العالمية الأولى، وبين ما حدث قبيل وبعد الحرب العالمية الثانية لوجد تقاربا كبيرا في المخططات والنتائج.
لقد انتهت الحرب الكبرى بمعاهدة فرساي، التي لا يستطيع أحد أن يقول بأن قادة وزعماء مسيحيين حقيقيين يمكنهم أن يوقعوا معاهدة شبيهة بهذه المعاهدة الجائرة.. ولكنّ الحكاية أعيدت مرة ثانية بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك بتبني الحلفاء سياسة “الاستسلام غير المشروط”، وبتبني خطة “ستالين ـ وابت ـ مورغانتو” الاقتصادية، وبتقسيم ألمانيا إلي قسمين، وباختلاف الأزمة الفرنسية بعد الحرب، بالإضافة إلي تلك اللعبة الخطيرة التي لعبها الممولون الدوليون والقادة الديكتاتورية في كل من روسيا والصين بعد نهاية الحرب مع اليابان.
***
ولما تعب هتلر من انتظار الرد البولندي، ومن الحرب المشينة التي وجهتها ضده صحافة الحلفاء، أمر جيوشه بالتحرك نحو بولندا.. عندئذ أعلنت بريطانيا الحرب علي ألمانيا بموجب اتفاقيتها السباقة مع بولندا.. وهنا نستطيع تبين الجريمة الشنعاء التي ارتكبها المرابون العالميون وخططوا لها.. لقد وعدوا البولنديين بمساعدة بريطانيا وحمايتها مع أنهم يدركون تماما بأن بريطانيا عاجزة فعلا عن أي مساعدة جوية كانت أو برية أو بحرية.
وليس أدل من قول اللورد لوثيان ـ الذي كان سفير بريطانيا في الولايات المتحدة ـ حين صرح في آخر حديث له في مجلس العموم “لو أن مبدأ السيادة الذاتية تم تطبيقه لصالح ألمانيا وليس ضدها، لكان هذا يعني إعادة السدتنلاند وتشيكوسلوفاكيا وأجزاء من بولندا والممر البولندي ودانزنغ جميعا إلي الرايخ”.
وقد امتنع الطيران الألماني عن قصف بريطانيا بالقنابل طيلة الشهر الأولي للحرب، وبصورة أدق طيلة فترة وجود تشامبرلين علي رأس الحكومة البريطانية.. وامتنعت بريطانيا عن الإغارة علي الأراضي الألمانية بدورها، وذلك تنفيذا لما قاله تشامبرلين يوم إعلان الحرب في 2 أيلول 1939، من أنه سيصدر أوامره إلي قواته بعدم ضرب أية أهداف سوي الأهداف العسكرية فقط.. وهذا يعني تفادي الغارات علي المدنيين والمدن الآمنة.
***
استمرت الحرب فترة من الزمن بعد انسحاب الإنكليز من دنكرك علي هذه الصورة الهادئة شبة السلمية، فالألمان يمتنعون عن الإغارة علي إنكلترا، والإنكليز لا يقومون بأعمال عدوانية.. وسميت هذه الفترة “بالحرب السخيفة”.. عندئذ اشتدت حملة الدعاية والتشهير بتشامبرلين، في الوقت الذي كان ونستون تشرشل قد تسلم القيادة العليا للقوات البريطانية، فقام بمغامرة فاشلة في النرويج، أودت بحياة العديد من الجنود والضباط الإنكليز، وأعادت إلي الذاكرة فشل تشرشل في الانتورب عام 1914، وفشله في احتلال غاليبولي عام 1915.. ولا يعود هذا الفشل إلي عدم مقدرته العسكرية فقد كان شديد الذكاء والحنكة، ولكنه كان جزءا من مخطط يرمي إلي الإطاحة بحكومة تشامبرلين، كما أطيح بحكومة اسكويت إبان الحرب العالمية الأولى.. وهكذا لم يقع اللوم علي تشرشل في فشله هذا، بل كانت الحملة الدعائية كلها ضد تشامبرلين، حتى اضطر إلي الاستقالة ليخلفه ونستون تشرشل، أحد الوجوه التي خلفت اسكويت من قبل.
وفي أيار 1940 تحالف تشرشل مرة أخري مع الاشتراكيين، ليؤلف حكومة جديدة سيتم علي يدها تحويل الحرب من “حرب سخيفة” إلي حرب فعلية.. وفي مساء اليوم الذي صعد فيه ونستون تشرشل إلي الحكم في 11 أيار 1940، صدرت الأوامر إلي الطائرات البريطانية بالإغارة علي المدن الألمانية، فاتحة بذلك الباب للألمان كي يردوا بالمثل، فتتحول الحرب بعد ذلك إلي حرب تدميرية فعلية.. ومع أن هناك العديد من الذين دافعوا عن سياسة تشرشل في ضرب الأهداف المدنية، إلا إنهم لم يتمكنوا من تعليل هذه السياسة أبدا.
***
اتجه القادة النازيون إذ ذاك إلي هتلر شخصيا، وأبلغوه رأيهم بضرورة مهاجمة الاتحاد السوفياتي، تفاديا لترك ألمانيا مكشوفة الظهر حين تشرع في عملياتها الحربية واسعة النطاق.. فلم يرَ الفوهور بدا من الموافقة علي رأيهم.. وفي 22 حزيران 1941 اقتحمت الجيوش الألمانية الاتحاد السوفياتي.. عندئذ وبشكل مباشر، وحدت بريطانيا والولايات المتحدة جهودها المادية لمساعدة ستالين للوقوف بوجه القوات الألمانية ودحرها.. وبدأت حملة منظمة لإرسال السفن المحملة بالذخيرة الحربية إلي روسيا.. وقد تم إرسالها عن طريق الخليج العربي وموررمانسك.
وفي هذه الأثناء كان تشرشل يقوم بحملة اعتقالات واسعة لجميع الذين كانوا يعارضون قيام الحرب مع ألمانيا.. وقد اعتمد في هذه الاعتقالات علي مذكرة كانت قد صدرت إبان الحرب الأهلية في أيرلندا، وكانت تقضي باعتقال جميع من يشتبه بأنهم ينتمون إلي الجيش الجمهوري الايرلندي.. وهكذا تم اعتقال أعداد كبيرة من الشخصيات دون محاكمة أو استجواب، ودون أن يتمتعوا بحق الدفاع عن أنفسهم.. وقد صدرت أوامر الاعتقال هذه جميعا عن طريق هربرت موريسون وزير الداخلية في ذلك الوقت ـ وهو الذي يعود بعد ذلك ليظهر في كندا إبان حملة التبرعات لصالح الصهيونية عام 1954.. وقد علل هذه الحملة الواسعة من الاعتقالات، بأنها جاءت حفاظا علي السلامة العامة، وللتحكم بالأشخاص الذين يخشى شرهم.. ولقد أثبتت التحريات التي جرت بعد الحرب، أن هذه الاعتقالات لم يكن لها أي مبرر إطلاقا، وإنها اعتمدت علي حجج سخيفة جدا.
وكان من بين المعتقلين، الكابتن رامزي والأدميرال السير باري دومفيل وزوجتاهما وأصدقاؤها.. وقد سجنوا جميعا مع العديد من المواطنين، في سجن بريكستون.. فبقي بعضهم حتى أيلول 1944.
وكانت قد سبقت عملية الاعتقالات هذه، حملة واسعة قامت بها الصحافة التابعة للمرابين العالميين، لتهيئة الجو لتشرشل ليقوم بخطوته.. وقد أوهمت هذه الصحافة الجماهير بأن لألمانيا طابورا خامسا قويا ومنظما بين صفوف الإنكليز، وأن هذا الطابور يقوم بالإعدادات اللازمة لهبوط القوات الألمانية.
وهناك العديد من الشواهد التي تبرهن علي ارتباط حكومة تشرشل باليهودية العالمية، وهي التي اعتقلت بشكل جائر العديد من الشخصيات البارزة وذات المكانة عند الشعب الإنكليزي، لا لذنب، ولكن لأنهم نادوا بأعلى صوتهم معلنين أن “اليهودية العالمية” هي التي دفعت بريطانيا إلي التورط في الحرب مع ألمانيا.
ويرد علي مزاعم رجال حكومة تشرشل ما برهن عليه القضاء البريطاني وتحقيقات المخابرات البريطانية، إذ لم تثبت علي أي من المعتقلين علي الإطلاق تهمة التعاون مع الألمان التي لفقها عملاء المرابين العالميين.. وقد حاول هؤلاء تلفيق مثل هذه التهمة لزوجة الاميرال نيكولسون، أحد كبار قادة البحر البريطانيين السابقين، ولكن القضاء برأها، فعمدت حكومة تشرشل إلي اعتقالها دون أية تهمة، للانتقام منها علي مناداتها قبل الحرب بمنع نشوب مثل هذه الحرب.
ولم يُخمد السجن صوت الأميرال دومفيل ولا الكابتن رامزي، فكتب الأول كتابة الشهير “من أميرال البحار الناشئ”، كشف فيه عن سر الأحداث والجهات التي قادت إلي الحرب العالمية الثانية، وحذر منها الشعب الإنكليزي.. كما ألف رامزي كتابه “حرب دون اسم”.. وتمكن هذان الكتابان ـ بالرغم من اختفائهما من الأسواق ـ من فضح أسرار المؤامرة للرأي العام الإنكليزي والأوروبي.
***
وتوفي رئيس الوزراء الأسبق نيفل تشامبرلين والألم يمزق فؤاده، وهو يري بلاده تساق إلي مجزرة شاملة للدفاع عن مصالح ومآرب حفنة من المرابين العالميين.. وتابعته حملة التشهير التي شنها هؤلاء إلي يوم وفاته، بل هي لا تزال تتابعه حتى الآن في كتب التاريخ، التي تصفه بالضعف والخوف من هتلر.. بينما لا يزال السير ونستون تشرشل يعيش حتى الآن مغمورا بالأمجاد وفي بحبوحة الثراء، تلاحقه أكاليل المديح أينما ذهب!
***
فور هجوم هتلر على روسيا، أعلن تشرشل وروزفلت أنهما وحكومتيهما سيسعيان لمساندة ستالين بكل الإمكانيات المتوافرة ليهما.. وقال تشرشل، في كلمة مؤثرة، إنه لا يتوانى عن وضع يده في يد الشيطان، إذا ما وعده هذا الأخير بالمساعدة للقضاء علي الفاشية الألمانية.
بعد ذلك شرع تشرشل ورزفلت بتقديم المساعدات غير المحدودة لستالين، واقترضا من أصحاب البنوك العالميين مبالغ خيالية، ثم قاما بتحويلها وفوائدها إلي حساب القرض القومي لكل من البلدين، بحيث تولى دفعها بعد ذلك المواطنون العاديون، بينما كان أصحاب المصارف يستريحون ويجنون مئات الملايين من الدولارات من تلك الصفقة.
واتفق ستالين وروزفلت وتشرشل علي معاداة الألمان.. وأكد روزفلت لستالين أنهم بعد الانتهاء من الحرب لن يكون هناك من الألمان ما يكفي لإثارة القلق.. وقد نقل فيما بعد أنه أمر بإطلاق النار علي 50000 ضابط ألماني بدون محاكمة.. ولم تكفّ الصحافة الموجهة عن الضرب علي أوتار سياسة النازيين الرامية إلي القضاء علي الشعب اليهودي.. ولكنها لم تأت علي ذكر سياسة روزفلت التي هدفت إلي استئصال الشعب الألماني.
وحلّ ستالين الكومينترن، وفي المقابل قدم روزفلت إليه تنازلات جديدة، فقد أطلقت يد ستالين في 600 مليون بشري يقطنون أوروبا الشرقية.
ولا يستطيع إلا تشرشل، أن يشرح لماذا كان يجلس ويصغي لإقتراحات روزفلت بإعطاء هونج كونج للصين الشيوعية لإرضاء ماوتسي تونج.. وكيف كان بإمكان تشرشل التظاهر بالصداقة الحميمة للرئيس الأمريكي، بينما كان الأخير يكرر دائما أنه يعتقد أن حل الكومنولث البريطاني ضروري لتقدم الإنسان ورخائه، وكان هتلر علي النقيض من ذلك في أفكاره.
***
ولم يظهر ستالين علي حقيقته إلا بعد ما احتل برلين وألمانيا الشرقية.
كان الرأسماليون الغربيون ينظرون بعين الاهتمام والجدية لتحديات ستالين الظاهرة.. ولكنهم لم يكونوا يستطيعون فعل شيء.. وكان لديهم ورقة رابحة.. وقبل أن يلعبوا تلك الورقة أصدروا تعليماتهم لروزفلت ليحاول مرة أخيرة إعادة ستالين إلي الصف.. وعرض روزفلت إطلاق يد ستالين في الشرق الأقصى وإعطائه كل ما يطلب، مقابل أن يماشي أصحاب رؤوس الأموال في الغرب.. وركزت الصحافة الموجهة على أن روزفلت أطلق يد ستالين في الشرق الأقصى لأن مستشاريه العسكريين أخبروه أنه لا يمكن إخضاع اليابان بعد استسلام ألمانيا قبل سنتين من القتال الضاري.. وكانت هذه الكذبة من الوضوح، بحيث لم يضطر الجنرال ماك آرثر للكذب مباشرة.. وكان الجنرالات الأمريكيون علي علم بأن اليابان كانت تطلب عقد مفاوضات للصلح قبل ذلك الوقت بكثير.
ومرة أخري استولي ستالين علي ما يريد في منشوريا.. ثم عاد وكسر وعوده ورجع إلي تحدياته.. وكان ذلك كافيا لإثارة غضب القوي الخفية التي تدير البيت الأبيض.. ولا بد أنهم قدموا اقتراحا جهنميا مما جعل روزفلت يمرض ويموت.. وقيل إنه مات في منزل برنارد باروخ.. بعد ذلك قرر مستشارو حكومة الولايات المتحدة لعب الورقة الرابحة.. القنبلة الذرية.. وألقيت القنبلتان الذريتان علي هيروشيما وناجازاكي، ليعلم ستالين ما هو مخبأ له إن لم يسر علي الطريق.. وكانت حقيقة توفر القنابل الذرية لدي الولايات المتحدة قد أبقيت سرية حتى ذلك التاريخ.. وفي الوقت الذي ألقيت فيه القنابل، كانت اليابان قد هزمت، وكان الاستسلام وشيك الوقوع.. وهكذا ثم قتل ما يفوق مئة ألف إنسان وجرح وتشويه أكثر من ضعفي هذه العدد، لمجرد الإثبات لستالين أن الولايات المتحدة تمتلك فعلا قنابل ذرية.. وهكذا نري أن تشرشل أمر بقصف ألمانيا لإيهام ستالين بحسن نية الأمميين الغربيين، وبأنهم يسعون لصداقته، وأن الولايات المتحدة قصفت اليابان بالقنابل الذرية لتحذير ستالين بأنه يجب أن يسير علي الطريق وإلا……
#أحجار_على_رقعة_الشطرنج
#وليام_غاي_كار
Be the first to comment on "اندلاع الحرب العالمية الثانية"