تعلم كيف تصنع فاشلين مقال للكاتب حسن عطية ، في مجال التربية تناول جوانب تربوية مختلفة وتوجيات
إنها كالسباق، ترهقك جداً حيث إنها الأطول، مليئة بالطيبة والخير والجمال، ولكن يعتريها أيضاً خبث وطرق غير مشروعة،
من أهمها شئ يدعي ” استراحة _ وقت الفراغ_ “، عدو بكل ما تحمل الكلمة من معني،
يدمرك نفسياً وبدنيا أو بشكل آخر كليا، كأنه يغير من المتسابقين فينزل إلي الساحة ليتسابق، ولكنه قوي جداً وغدار،
فلا تستخف به واستعد له جيداً، حتي تكن قوياً عند الاستئناف
هل سمعت مقولة ” التاريخ لا يتذكر الجنود، التاريخ يتذكر الملوك فقط”، هذا ينطبق عليها أيضاً، فهي لا تكرم إلا الأوائل، أما الباقي ف ….. ليس إلا فشل يتبعه نجاح،
سقوط يليه نهوض ألم بجانب فرح، بكاء وضحك، هكذا هي الحياة , ما هي إلا طريق فإما أن تكون أو لا تكون,
كم هي مفزعة ( أو لا تكون) هذه، مجرد التفكير في الأمر شئ مخيف، هل حقاً ممكن أن يموت الإنسان دون تحقيق أي شئ يذكر؟،
ألن يتذكره أحد بعد وفاته؟،
إنه شعور مرعب، منذ أن أخذت أفكر في هذا الأمر وأنا علي عهد بيني وبين نفسي أن أكون منهم,
أولائك الذين يتركون أثر في حياة الآخرين، أكان هذا الأثر عن طريق علم، أو اختراع، أو غير ذلك كثير.
بدأت أفكر في الأمر متأخرا, ولهذا السبب كنت متشوق لمعرفة السبب وراء جعل الإنسان يعيش دون شئ يسعي إليه,
ما الذي يجعل هذا محبط ؟ وهذة يائسة ؟ هل هم ضعفاء لهذا الحد ؟ أم هناك شئ آخر.
بعد تفكير ليس بطويل أدركت أهمية شئ يعد بمثابة نقطة تحول في حياة الإنسان إلي الأفضل إن شعر به وإلي الأسوء إن فقده,
إنها (الثقة) التي لا تعني أن يكون الإنسان دوما علي صواب بل أن يكون غير خائف من أرتكاب الخطأ, وأدركت ضرورة زرعها في أطفالنا,
نحن من يصنع المحبطين واليائسين ثم نطلق عليهم فاشلين،
لو فكرنا قليلا لوجدنا أنه لا وجود للفشل إلا عن طريق سحب الثقة تدريجياً عن طريق الأحباط ومنح الأشخاص الخوف الذي يهدم كل جميل،
لا وجود لفشل بالفطرة، أنا لا أقول أن هذا هو السبب الرئيسي وراء الفشل ولكنه أحد أهم الأسباب التي تؤدي إليه،
فلو أعطيت الشخص الثقة وجعلته يلمسها ويشعر بها، ولو زرعت هذة الثقة في طفلك وربيته عليها لأنها ليست مجرد كلمات تقال دون فائدة،
ماذا تنتظر غير شخص كبير جداً _ قيمة ليس سنا _ عندما يشعر الشخص بالأمان وعدم الخوف من الخطأ لأنه سيجد من يساعده علي تصحيح الخطأ وتحويله إلى شئ إيجابي أيضاً،
هل سيكون فاشل؟؟! … راجع نفسك
مسكين.. لا لا بل مساكين، هؤلاء الأباء الذين يحسبون أن دورهم متوقف علي كسب المال لتلبية إحتياجات البيت،
لا يفكرون إلا في جمع المال،
لا أقول أن هذا ليس مهم، بالعكس فهذا من أهم مسؤوليات الآباء تجاه أبنائهم، ولكن ما الفائدة من جمع المال،
وأنت لا يشغلك إلا إعطاء زوجتك المصروف مع بداية كل شهر، تفكر دوما في ملابس العيد، مستلزمات الدراسة… إلخ.
ما الفكرة أيها الأب العظيم في أن تشغلك فكرة جلب الطعام والملابس ولا تفكر في حث أطفالك على طلب العلم،
تظل تسعي وتسعي خوف من فقد المال وضيق الرزق،
وتنسي تثقيف أطفالك وتشجيعهم علي نيل المزيد من المعرفة، أنسيت قول الله تعالي ” وفي السماء رزقكم وما توعدون “،
أنت تفكر دائما في شئ قد كتبه الله لك بالفعل وتنسي ما هو أهم، رغبتك في جني المال شغلتك عن شئ يحثك عليه الله جل جلاله
” يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات “،
” إنما يخشي الله من عباده العلماء “،
ميلك لتلبية حوائج المنزل فقط تنسيك شئ قد شجعك عليه الرسول صل الله عليه وسلم ” أطلبوا العلم ولو في الصين “
لقد نسيت رعاية أطفالك وتوعيتهم بأهمية العلم وترك الأثر الطيب ظنا منك أن ملئ بطونهم وكسوتهم هو الهدف الاسمي،
ولكنك لا تعلم أنك تخلق جيل من أمثالك، أقصي طموحه إن وجد أن يذهب إلى العمل الذي استطاع الحصول عليه لجني بعض المال
ثم الذهاب إلي المنزل للنوم أو مشاهدة التلفاز أو قضاء بعض الوقت لتصفح وسائل التواصل الاجتماعى،
أنت تجعله عديم الطموح والأحلام، جعلتهم طريقتك يظنوا أن الهدف الاسمي في الحياة للأباء _ إلا ما رحم ربي _ هو جلب المال لمجرد ذهاب أطفالهم إلى المدرسة وسد حاجاتهم من طعام وشراب وملابس ،
وأن واجباتهم مقتصرة علي إعطاءهم المال للذهاب إلى الدروس أو المجموعات الدراسية.
أبشرك أيها الأب الكريم بإنه دون رعاية حقيقية فلا سبيل لأي نجاح،
دون توعية طفلك والأهتمام به فأنت تأتي بالمال لتنفقه في شئ تحسبه مجدي من وجهة نظرك ولكنه عكس ذلك.
أستذكر تلك الكلمات الساذجة التي تخرج من أفواه الأمهات فتذهب إلي عقول في غير مكانها الصحيح _ إلا ما رحم ربي _ ” كسري واحنا نجبس”،
تلك الكلمات التي إن دلت على شيء فإنها تدل علي تدني الفكر والمستوي الذي وصل إليه الكثير، أسأل نفسي دائماً،
إذا كانت هذة الكلمات علي لسان أم حريصة علي تعلم أطفالها،
فما بال الذين جمدت قلوبهم؟!، ماذا بعد تكسير عظام الطفل؟!.
لا تكتفي هذة الأم بتوصية المدرس أو المدرسة بتكسير العظام حتي يتمكن الطفل من التعلم ويصبح في قمة النجاح،
حيث يأتي دورها المبهر في البيت أيضاً،
لابد من مقارنة الطفل بأبناء الأقارب والجيران، فكيف نعطيه الثقة إذا؟،
لابد من المقارنه وجعله يشعر بأنه أقل شأن من الجميع،
إنها حقاً تتعب وتبذل الجهود لمثل هذه الأفعال،
الغريب أنها تفعل هذا وفي مخيلتها أنها تحمسه وتحثه لنيل النجاح،
لا تعلم أنها تأخذ منه شئ إذا فقده الإنسان فهو لا يصلح لفعل شئ أول لتحقيق أي نجاح، إنها تأخذ ثقته.
حتي لا يسئ فهي، لو بحث عن شخص يحبك أكثر من نفسه ويتمني لك النجاح ولو علي حساب سعادته،
والله لن تجد غير أبيك وأمك،
أنا فقط أريد أن ألفت إنتباههم لهجر هذة الأفعال الهوجاء التي تتم بحسن نية ولكنها تدمر الكثير داخل الطفل ليظهر تأثيرها علي المدي البعيد،
هل سألت نفسك ما الذي دفع هذا الولد ليعيش ومعه كل هذا التشاؤم والإحباط؟،
ما الذي دفع هذة الفتاة حتي تخاف كل الخوف من إتخاذ الأم كصديقة والبوح لها بالأسرار؟
ما الذي دفع هذا الطفل/ة إلي الإنطواء؟،
هناك أطفال تحفظ القرآن دون سن السابعة وآخرون لا،
تتكلم مع أحدهم فتفاجئ بثقافته وسعة أفقه، وتتحدث مع الآخر فتشعر بأنك تتحدث مع نفسك.
كل أب عليه أن يتأمل حديث النبي صل الله عليه، وكذلك كل أم ” كلكم راع ومسئول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسئول عن رعيته،
والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها،
والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته ” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنت أيها الأب مسئول عن أهل بيتك وسيسألك الله عنهم،
وأنت أيها الأم مسئولة عن أهل بيتك وسيسألك الله أيضاً،
ولذلك وجب عليكما السعي كي تؤدوا ما عليكم من واجبات.
هلا تهتم بطفلك، هلا تهتمي بطفلتك، كونوا أنتم أيها الأباء والأمهات بداية طريق مضئ لأطفالكم، طريق ملئ بالأمل وتجنب اليأس،
طريق لا يعرف معني التشاؤم، طريق لا يعرف إلا النجاح والتفوق،
علموهم أن الحياة عبارة عن طريق وعليهم أن يسعوا لتحقيق النجاح ولكسب المعرفة،
أن يبذلوا الطاقات في سبيل طلب العلم، علموهم أن الخطأ ضروري وحتما سيأتي،
ولذلك عليهم أن يتخذوا منه سبيل للنجاح وليس مبرر للتشاؤم، فالطريق طويل ومن المحتمل أن يضل أحدهم أثناء السير،
لذلك وجب عليكم أنا تعلموهم تغير المسار، فالقمة تنتظر من لا يعرف الاستسلام.
أنا أهتم بهذة المرحلة كثيرا _ مرحلة الطفولة _ لأنها في معظم الأحيان تحدد المصير،
فتربية الطفل وعاداته المكتسبة من بيته تشكل شخصيته، في الغالب، لذا أطالب كل الأباء والأمهات بالمحافظة على تربية الأطفال بطريقة صحيحة،
وأن يوفروا الرعاية الكاملة التي تؤهلهم لأن يكونوا أشخاص يحتذي بها فيما بعد،
فهم يمتلكون فرصة ذهبية لرؤية أطفالهم علي الوجه الذي يريدونهم عليه،
أليس هم من يزرعوا في الطفل القواعد والعادات التي تصاحبه بعد ذلك؟،
أليس هم القادرين على تعليمه وتربيته بطريقة لائقة مهذبة وغرز الصفات الطيبة التي يتطبع بها، إنه طفلك، فهو يري فيك المثل الأعلي،
لماذا تغضب حين يفعل شئ خطأ، في الغالب قد رآك فعلته فظن أنه صواب، في هذة الحالة أنت تجعله يشعر بأمر من الأثنين،
إما الغضب والتعجب لأنك تعاقبه علي سلوك قد تعلمه منك بالفعل، أو القلق والخوف الذي يلزمه لفترة نتيجة عقاب قد أصابه من دون تفسير
وفي الحالتين يفقد الثقه والطمأنينة ولا يعرف إلا الخوف من الخطأ،
والغريب حقاً أن هذا ما يزعج الأباء من أبنائهم في معظم الأحيان بعد ذلك،
ولكنك لو اتخذت من الحلم والصبر والتوضيح سبيلاً بدلا من العصبية والعنف، ستجد حتماً ما يرضيك.
صبيان تدخن.. انظر إلي أبائهم، فتيات تميل إلي الكاسيات العاريات..
تعامل مع أمهاتهن، شباب قد حفظت القرآن منذ الصغر.. تأمل في أبائهم،
فتاة عرفت بالتقوى والأدب وحب الخيرات وترك المنكرات.. انظر إلي أمها.
إنكم يا أباء ويا أمهات تتخلوا عن فرصة لا تعوض لجعل أطفالكم علي الوجه الحسن الذي تتمنوه لهم،
ولكن الأغرب أنكم تلحقوا الاتهامات بهم عند الكبر، أبناءكم حصاد زرعكم لسنوات، فلا تلوموا إلا أنفسكم.
ما بكم يا أصدقائي الأعزاء؟!، هل تعجبكم كلماتي،
بالطبع إنها تروقكم، فنحن دائماً نسعي لكسب مبررات الفشل أكثر من سعينا لجعل الفشل نجاح كبير،
أنت الآخر مذنب أيها المتشائم، يا من ضل الطريق،
ألست كبير لتدرك الصواب من الخطأ؟،
ألم ترى كم التجارب الحافلة بالفشل في بداياتها ثم انتهت بالنجاح؟،
عليك أن تعلم أن الحياة عبارة عن طريق طويل، وأنت كغيرك تسير فيه لفترة لا يعلمها إلا الله وحده،
فإذا اكتشفت أنك علي خطأ غير المسار، اسعي ياصديقي لترك الأثر،
لا تكن ضيف ثقيل علي الحياة، دعك من هذه التفاهات،
لماذا تضيع وقتك وتأخذ من إحباط الآخرين حجة؟!،
هيا يا صديقي انهض!. هل يحزنك عدم الحصول علي تلك الوظيفة؟
انهض فهناك آخري تنتظرك، هل خسرت مالك؟،
لا تنسي قول الله جل في علاه ” وفي السماء رزقكم وما توعدون “
هيا لتجني غيره، واصل طريقك ولا تكن فاشل، اسعي ولا تكن من اليائسين، فالنجاح يأتي لمن لا يعرف الاستسلام،
ولكن لا تنسى أن تكون أب وليس شبه أب، وأنت لا تنسي أن تكوني أم وليس شبه أم،
تعلموا من أخطاء الآخرين، دعونا نري جيل ننتظره منذ وقت طويل.
قال لي صديق ذات مرة أنه تعلم وتعرف علي سبب وجودنا في الحياة وهو يقرأ القرآن فقال:
” الهدف الأول والأسمي وراء وجودنا هو عبادة الله وحده لا شريك له،
والهدف الثاني هو تعمير الكون والمحافظة عليه والسعي دوماً لجعله علي الوجه الذي يرضي الله “.
عش لهذاين السببين ولا تبالي، اعبد الله وحده لا شريك له وكن علي يقين بأن الله على كل شيء قدير،
اعبد الله حق عبادته، تعرف عليه حتي تتمكن من عبادته بشكل صحيح،
وعمر الكون بصنع نجاحك الخاص وترك أثر طيب يستفيد منه الآخرين ويجعل سيرتك مستمرة بعد موتك.
هيا ياصديقي، دع المتعنت وثرثرته، تنح عن المبطل ومبالغته،
ضاهي في طريقك، فالنجاح الذي خادنت من أجله يترقبك،
فكر جيداً ثم انظر إلى قلبك وحتما ستعرف العنوان.
حسن عطية حسن عطية