ملاحظات ذاتية

ملاحظات ذاتية مقال للكاتبة نعمة القحطاني

ملاحظات ذاتية مقال للكاتبة نعمة القحطاني ، مشاهدات من داخل المجتمع ، المقال تحدث عن بعض المواقف السلبية مع طرح حلول أو اجابات

ملاحظات ذاتية

بقلم/نعمة القحطاني

لستُ أول من يتحدث عن المجتمع ولست آخر من سيكتب عنه،

كما أني لم أدرسه دراسةً علمية إنما دراسة ذاتية من خلال المشاهدة والمخالطة والقراءة وغيرها من الأمور التي تغني المطلع عن دراسته بشكلٍ تعليمي لنيل الدرجة العلمية.

أفراد المجتمع هم اللبنات الأساسية لبناء وتطوير البيئة من كل النواحي:

الأخلاقية والتربوية والعلمية والاقتصادية وما يحدث في هذا المجتمع هو سبيل لكل أفراده للمضي قدمًا في غمار هذا الحياة،

وكل ما يحدث سلبيًا كان أو إيجابيًا سيؤثر بكل تأكيد على سير الحياة بكل تفاصيلها.

وهنا في هذا المقال لن أتكلم بشكلٍ عام عن المجتمع إنما ببعض الاجتهادات الشخصية فالمجتمع أوسع من أن يختزل في بضعة أسطر والكلام عنه يطول ويطول.

وقبل كل شيء يجب أن تدرك أني حرة فيما أكتب وأنت حرٌ فيما تقرأ.

لكل مجتمع مقومات للعيش وهنا سأذكر بعض المقومات السلبية وأطرح حلولًا،

فمن غير العدل أن نتحدث عن مقومات سلبية وننسى الايجابية أو أن نتحدث عن السلبية دون طرح حلول أو اجابات.

وهذه المقومات إذا كانت سلبية ستقضي على المجتمع وتجعله ضحلًا غير مدرك لما هو خيرٌ له.

لطالما رأيت أن بعض المجتمعات تحتاج لإعادة ضبط في بعض عاداتها وتقاليدها التي لم ينزل الله بها من سلطان،

فهناك عادات وتقاليد من يشاهدها قد يراها تخلفًا ورجعية بينما يوجد في هذا المجتمع متعلمين وأناس أكبر قدرًا وأبرأ من أن يقال عنهم متخلفين.

لنأخذ مثالًا صريحًا على ذلك:

“قبل يومين شاهدت مقطع فيديو لرجلٍ يطلع أعيرة نارية في الهواء بجانب أذن طفلٍ رضيع

أجزم أنه لم يتجاوز عمره أسابيع معدودة، ثم بعدما أطلق النار

أخذ يغرس فوهة المسدس في فم الرضيع ليستنشق البارود عفوًا (ليستنشق السموم)”

أظن أننا جميعًا قد شهدنا الأمر فلقد أصبح هذا الفيديو قضية رأيٍ عام هناك متشبث يرى أن الأمر أقل من الاعتيادي

وهناك رافض لهذا التخلف والهمجية وهم الأغلبية بفضل لله.

عادة إطلاق الرصاص

في أي قاموسٍ وجدوا هذا التخلف وفي أي صفحةٍ من كتاب العادات أتبعوا هذه التعليمات؟

الأمثلة التي تتعلق بهذه العادة كثيرة-عادة إطلاق الرصاص في أي مناسبة سعيدة لتتحول مناسبة حزينة للأسف-

والحوادث التي تخلفها أكثر قبل أيام تم القبض على طفل لم يتجاوز من العمر عشرة أعوام لإطلاقه النار وقتل أحد الحضور خطأً!!

من رأى الطفل وهو بحوزة رجال الأمن سيلعن من اخترع هذه العادات ومن ورثها ومن أعطى هذا الطفل السلاح ليقتل أحدهم خطأً يا للفاجعة التي حلت

و يا لغباء المسؤول عن كل هذا و يا للمصيبة التي ستأثر على نفسية الطفل فيما بعد.

ما الحل إذًا لتلك العادة التي تجعلنا في منظور الآخرين أناس أهل تخلف ورجعية؟

الحل يا عزيزي هو أن يجمع الكل على ان هذه العادات ليست عقيدة ولم يكن مصدرها نبيٍ مرسل ولا كتابٌ منزل،

والتخلي عنها هو تخلي عن كل شذوذٍ ورجعية.

القوانين تنص على إن هذه الامور مخالفة توجب العقاب.

مذ سنوات وهذا القانون جارٍ لكننا لا نرى نتائج ملموسة وذلك لم يحد من قضية القتل الغير عمد

ربما لأن هناك تهاون في تطبيق القانون وهناك متمردين متخلفين وعوامل أخرى لن تحصى.

تخلصوا من العادة التي تحصي عليكم الأنفس، وغيرها من العادات التي تجعلكم دائمًا آخر المجتمعات تقدمًا وتطورًا وهناك نماذج لا حصر لها.

أمر آخر وهو يعد من أسباب تأخر المجتمع وعدم لحاقه بركب موجة التطور الازدهار وهو التغيير والتجديد.

تقبل الاختلاف

أعلم أن ما حدث مؤخرًا لن يتقبله الجميع بتلك السهولة التي يظنها البعض فبعض الأمور تحتاج إلى وقت أطول ليتقبلها المجتمع بشكل كامل.

أولًا يجب على هؤلاء الذين يرفضون هذا التغيير الفكري إن التغيير جارٍ ولن يوقفه عبوسهم ورفضهم.

ثانيًا إذا لم تتقبل سنة الاختلاف فأعلم أن هذا من رتابة الفكر وجموده ستجعلك وحيدًا في مجتمع الجميع فيه ينكرك.

فالاختلاف فيه تنوع يجعلك أكثر معرفة وقدرة على ادراك كل شيء لذا فإن أفضل ما يقدمه الشخص هو تقبله لهذا الاختلاف دون ضررٍ ولا ضرار.

الرؤية المحدودة التي تجعلك في قعر الدائرة الصغيرة التي لا ترغب في الخروج منها

وتبقى هنالك تفكر في أشياء قد عفى عليها الوقت أشياء لم تعد في قاموس الحاضر بل هي ماضٍ لم يعد له مكانة في أنفس الآخرين.

ربوا أبناءكم لزمانٍ غير زمانكم

لماذا لا تستحضرون مقولة الامام علي ابن أبي طالب حين قال: “ربوا أبناءكم لزمانٍ غير زمانكم”

فعلي قال ذلك لأنه يدرك أن التغيير جارٍ وأن الأوقات تتبدل وتتحول.

فالوقت مع مروره لا بد أن يتغير كل شيء والذي يجعلني في حيرة من أمري أن البعض يظنون أنهم سيبقون كما هم

لا شيء سيتغير لا في أنفسهم ولا في محيطهم عجبًا لهذه النظرة السقيمة و الأفكار المغبرة التي تغشى عقولهم وبصيرتهم.

إن تقدم الامم وتطورها لا يتم بين ليلة وضحاها جميعنا ندرك ذلك

لكن التعاون والتقبل والاتحاد والترحيب بالتغيير يجعلنا في المقدمة

وهذا ما يجب أن يحدث لذا كونوا عونًا وتكاتفوا وابنوا مجتمعكم بما يعود عليه بالخير والمنفعة.

سأخرج سريعًا من هذه الملاحظة التي لم أصدم بها وسأتحدث عن عواطف المجتمع.

الابتزاز العاطفي ليس مقتصرًا على فئة دون أخرى فالجميع يعاني منه على مستوى الفرد والأسرة والمجتمع.

دعونا نلقي نظرة خاطفة على هذا الأمر.

سأبدأ من الأسرة، أساس انطلاق الابتزاز العاطفي.

الطفل مذُ بداية إدراكه لأسمه سيكون مبتزًا عاطفيًا لا أظن أن كلامي سيعجب بعض الآباء والأمهات

لأنهم هم المستفيدون من هذا الابتزاز والطفل المغلوب على أمره وقليل الحيلة هو المتضرر.

لو كنت تحبني لما فعلت

سأوجه سؤالًا خفيفًا للآباء والأمهات:

ألم تقل يومًا لطفلك سواءً كان بنتًا أم ولدًا لو كنت تحبني لما فعلت وفعلت؟

وعندما يصبح مراهقًا تجبره على مالا يريد فعله من أجل أن ترضى أنت لأنك تظن أن هذا الطفل هو ملكك-حب التملك يا عزيزي هو الذي يجعل هذا الصراع دائماً-

ثم إذا أصبح كبيرًا وأراد أن يتجه لما يحب لأحلامه وتطلعاته من ناحية دراسية أو عاطفية تجعله في حيرة من الأمر ثم تكرر ابتزازك بأنه إذا لم يختر تخصص كذا وكذا لن ينجح ولن يتقدم

وإذا لم يتزوج من الفتاة التي سبق وقمتما بحزها له وكأنها بضاعة لا صلاحية لها سيستهلكها مدى العمر

فإذا لم يوافق على رغبات والده ووالدة لن يكون ذلك من حسن الطالع سيتشاءمان ويرينا في ذلك عقوقًا وسخطًا لن يفلح ابنهما بسببه.

أظن أن بعض الآباء حين يقرؤون هذا المقال سيخبرون أنفسهم انهم فعلوا ومن كان منهم أبًا أو أمًا سيتمنون أن لا يقعوا في مثل هذه الأخطاء.

بالمناسبة من الناحية هذه القضية أكدت دراسة وتنبؤات أن الآباء سيطلبون من أبناءهم دراسة التخصصات التي سبق ورفضوها؛

لأن في المستقبل سيحدث تغيرات اقتصادية تجعل البطالة في ازدياد مفرط مما يجعل هذه التخصصات منسية

وربما ستمحى من العالم أجمع كونها لم يعد لها نفع وقيمة.

دعوا للأطفال حريتهم الشخصية في اختياراتهم وتوجهاتهم التي تجعلهم يحلمون بالأفضل

لا تصنع من طفلك نسخة منك دع التغيير يسري في منزلك ليتحول من منزلٍ إلى عالمٍ في منزل.

يجب أن يأخذ قاموس الأسرة وتمزق تلك الصفحة التي كتبتهم فيها “هذه لمصلحتك يا بني،

وهذا من أجلك يا صغيري” دعوا ابناؤكم يفعلون ما يحلمون به

وإذا حدث وكانوا بحاجتكم وطلبوا ذلك فهنا يبدأ دوركم فكون لهم سندًا.

الرجال منزهون، المرأة فلها الويل

قضية أخرى لا بد وأن نعرج عليها بشكل لطيف كونها تثير الكثير من الغضب في نفوس مدعي الرجولة

مع تحفظي على هذا المصطلح المخزي

لأنه محزن فعلا أن يكون هنالك من يظن أن الله قد جعله مصطفىً على كثيرٍ من الخلق-

يا عزيزي بلا لف ودوران هذا النوع من الرجال يظنون انهم منزهون ولهم الحق في كل شيء أما المرأة فلها الويل وكفى-

بلينا ببعض الذين يرون انهم مسؤولون على كل شيء وانهم وحدهم صحاب القدرة والامكانية لفعل كل شيء

وفي المقابل لا يجهدون أنفسهم بفهم النصوص الشرعية ولا بالسنة الصحيحة يا أخي بل هم لا يلتفتون لوصايا النبي

ففي الحقيقة هم يأخذون من الدين ما جاز لهم ويتركون البقية لأنها تشدد على الحفاظ على كرامة وحقوق المرأة.

كأنهم هم من يشرع الشرائع ويسنها يا سبحان المولى ما لهؤلاء القوم لا يكادون يهتدون الحق ويعترفون به.

فكلما صدر قرار أو سُنَ قانون لصالح المرأة وجدتهم يقفون لها بالمرصاد

ويحاولون إيقاف تقدمها وكأنها تمشي فوق رؤوسهم!!

عجبًا لهذه الفئة التي ترغمك على التحدث في امور عادية وحقوق مشروعة وكأنها قضايا كبرى ومصائب شتى!

قضية أخيرة ولو أن الحديث يطول عما كتبته لكني سوف أختتم ما بدأته لعلي أحتفظ بشيء من الود بيننا نحن أبناء وبنات هذا المجتمع.

القضية هي البحث فيما لا يخص والتعلق فيما لا ينفع.

فئة من الناس وإن لم تكن السواد الأعظم تتدخل في شؤون غيرها،

وهذا الكلام ليس بجديد لكن سبق وقلت أنني أتحدث برؤية ذاتية.

لِمَ علينا أن نصمت

لماذا قال فلانٌ كذا وفعل فلانٌ كذا لماذا لا يفعل ولماذا ينوي أن يفعل!!

كثيرٌ منا يقول الآن في نفسه هذا يحدث مذ زمن وقد اعتدنا الأمر ولم يعد ملاحظًا لأنه بات مسلمٌ به؟!!

لماذا يصبح الأمر مسلمًا به؟ لماذا يرون هؤلاء المتطفلين والفضوليين ان من حقهم أن يقولوا ويفعلوا؟

لماذا تسلم نفسك ورأيك وحريتك ومفاتيحك لهم بحكم أن الأمر بات عاديًا؟

يجب أن تتوقف هذه الفئة عند حدودها ومن يتعدها فقد ظلم نفسه.

يظنون أن الرب قد سلمهم أمر العباد، فهذا الشاب لا يصلي معنا في المسجد وهذا لا يلتزم بعادات القبيلة وهذا يفعل وهذا يقول!!

لا بل قد تجاوزوا الأمر حتى وصلوا في التشكيك بدين الآخرين،

لِمَ علينا أن نصمت وان ندعهم يسرحون ويمرحون كيفما شاءوا.

قال تعالى لرسولنا الكريم: “وما أرسلناك عليهم وكيلا”

الرب قال ذلك لمحمد فمن أنت لتأتي وتوكل نفسك على جميع البشر.

هناك حديث صحيح يقول: “المسلم من سلم الناس من لسانه ويده”

يا رسولنا الكريم ماذا ستقول لو رأيت أناسٌ من أمتك يدعون أنهم يهتدون بهديك ويفعلون ما نهيتهم عنه!

دعوا الخلق للخالق، أتركوا الناس في سبيلهم، أخلوا ألسنتكم من التحدث فيما لا يعنيكم، يا أخوان اتقوا الله وألزموا الحدود.

في هذا المجتمع تشعر بأنك مراقب في تحركاتك وسكناتك،

يا للحزن حتى في حرياتك الشخصية تشعر بأنك ملاحظٌ ويجب أن تتوخى الحذر في أمور لكل كامل الارادة الحرة في فعلها.

الحل هو كما قلت لكم، أن نوقفهم بالكلام ونخبرهم أنهم غير مسؤولين عنا، دعونا نمضي،

دعونا في سبيلنا لا تعرض ولا اعتراض، وكل شخص منك يتهم لأمر نفسه فحسب.

إن المجتمعات لا تتطور وتنهض بالسلبيات التي يمجدها البعض من المتخلفين أصحاب الرأي الشاذ والفكر المنحرف.

فكلما كان المجتمع أكثر تفاهمًا وتعلمًا وتقبلًا أصبح أكثر تطورًا وترابطًا وتقدم.

1 Comment on "ملاحظات ذاتية"

  1. مقالات الأستاذة نعمة القحطاني مميزة وراقية، تعجبني في سرديتها ورقيها وشموليتها للموضوع الذي اختارت أن تتحدث عنه
    استمري بارك الله فيك ونفع بك

تعليقك يثري الموضوع