غيمة الحظ .. بقلم أزهر اللويزي
لا نجاح من غير حظ ، والحظ لا يأتي إلا لمن كان له مستعدآ ، والمستعد من عمل كل ما يلزم ، فإنَّ الأشياء لا تحدث صدفة أو عرضآ في الحياة .عندما يأتيك الحظ سيجعلك في القمّة والصدارة ، وإذا تأخّر عنك ، عليك أن تبحث عنه بعزيمة وإصرار ، فكثير من الناس لم يتهيؤوا لذلك ، فبقوا في القاع والحضيض .
الحظ هو الذي منح رقم واحد صدارة الأرقام ، وحرف الألف صدارة الأحرف الهجائية ، فافتح ذراعيك له لتنل ما لم ينله غيرك .
يعلّق الفاشلون فشلهم على غياب الحظ ، وهنا يبرز السؤال هل يمكن جلب الحظ ؟
نعم يمكن جلب الحظ من خلال الأفكار الجميلة والسلوك الصحيح والتفاؤل ، لأنه ليس أمرآ خارقآ نعجز عن تحقيقه .
الناجحون يصنعون الحظ الجميل عبر فكرهم المستنير وعملهم المتواصل وتفاؤلهم المُتقد .
يقول الشاعر علي بن العباس المعروف بإبن الرومي في الحظ ، حينما أمطر بهجائه اللاذع اللاسع أبي صقر الذي حالفه حظ عابر :
مهلا أبا الصّقر فكم طائر .. .. خرّ صريعا بعد تحليقِ
زوّجت نعمى لم تكن كفأها .. .. فصانها الله بتطليقِ
صدق إبن الرومي الحظ لا يستقر إلا عند من هم أهل له ، ومرتحل عن الحمقى والمغفّلين .
ذات يوم مازح أحد الكتاب رئيسآ له ، وقال له : خطّي أحسن من خطك ، فأنا أحق بالرياسة منك !
رد عليه الرئيس : بهذه السهولة ، أطلب منك أن تنقل النقطة من الخاء إلى الحرف الذي يليه ، ستجد الحقيقة :
فصارت الجملة حظّي أحسن من حظك ، فأنا أحق بالرياسة منك .
نعم المسألة تتعلّق بالحظ وليس بالخط كما توهّم الكاتب ، والحظ يصنع المعجزات ، لكنه لا يأتيك إلا بعد أن تفعل ما عليك وليس كما يزعم السّذّج والمغفّلون .
وقد حثّ الباري عز وجل عباده على التحلّي بعبادة عظيمة وفعلة حميدة ، وهي دفع السيئة بالتي هي أحسن ، فإذا بها تحلّق بصاحبها إلى أعالي مكارم الأخلاق ومحاسن الشمائل الفضيلة في الدنيا .
قال الله تعالى : ” وما يُلقّاها إلا الذين صبروا وما يُلقّاها إلا ذو حظ عظيم ” . 35_ فصلت
صاحب الحظ العظيم الذي سبق إلى الخيرات والمكارم والشمائل يخوض حربآ ضروسآ في مواجهة إلتواءات النفس وشهواتها وإنفعالاتها من جهة ومع الشيطان الذي لا يهدأ في نفث سمومه ووساوسه من جهة أخرى .
ما الجزاء المنتظر على ذلك ؟ الجنة ورضوان من الله أكبر يغمره ، فهل بعد ذلك من شقاء ؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ” . رواه مسلم
والجد هو الحظ والغنى والسلطان وكلها بيد الله عز وجل ، فما أراده الله لك لم يمنعه أحد ، وما منعك منه لم يقدر عليه أحد .
يقول المثل : الحظ يخلي الديك يُبيّض ، يعتقد الحمقى والفاشلون أنه يبيض ، بينما يرى الناجحون تواجده في المكان المناسب (حضيرة الدجاج) فيتسبّب في بيض الدجاج .
الكثير منا ينتظر الحظ أن يأتيه ، وهو لا يعلم أن من إنتظر الحظ سيخسر مرتين ، مرة في عدم قيامه بما يجب وأخرى في تضييع وقته .
الناجحون في الحياة لا يتركون أمورهم المهمة للفاجآت والصدف ، إنهم يصنعونها بأنفسهم ويجلبون الحظ معها ، والله يُعين من فعل ذلك .
اشحن نفسك بالحظ إذا توفّر ، وأسعى إليه إذا تأخّر ، وتأكّد أنه قرين الكفاح والعمل وليس الأماني والكسل .
-أزهر اللويزي