ذل الشهوة والطمع ، و أسوأ المرض وموقف العاقل من المديح ، وموقفه من الذم ، ومواضيع اخرى في الخلقة الخامسة والعشرون من تغريدات هكذا علمتني الحياة
جنون خفي
بعض الناس يبدون في تمام العقل، وهم في الواقع مصابون ببعض أنواع الجنون الخفي الذي لا يظهر إلا في تصرفاتهم الشاذة، فسم ذلك إن شئت جنوناً أو شذوذاً أو حمقاً أو خفة أو طيشاً،
فكل ذلك يقابل العقل، وليس غير العاقل إلا المجنون!
أسوأ المرض : أسوأ أنواع المرض: أن تبتلى بمخالطة غليظ الفهم، محدود الإدراك، بليد الذوق، لا يفهم ويرى نفسه أنه أفهم من يفهم، فكيف إذا كتب عليك أن تخالطه وأنت مريض؟
ملل النفس : النفس الإنسانية ملولة تحب الجديد من كل شيء، والطريف من كل شيء، حتى ولو كان الذي ملته أحسن وأجمل، وهذا هو سر انتشار “الموضات” على ما في أكثرها من قبح وبشاعة.
حب اللهو : النفس الإنسانية تحب اللهو وتكره الجد، وهذا هو السر في ندرة العظماء وكثرة الماجنين والعابثين، في الأذكياء والعقلاء.
خلطة وعزلة : معاشرة الناس لإرشادهم، من عمل الأنبياء، واعتزالهم للتفكير في أمورهم، من شأن الحكماء، فاحرص على أن لا تفوتك مع خلق النبوة خصائص الحكمة.
الخلوة : خلوة ساعة بينك وبين ربك قد تفتح لك من آفاق المعرفة ما لا تفتحه العبادة في أيام معدودات.
لا ترجئ عملك
من أماني النفس الباطلة، أن ترجئ العمل إلى وقت تكون فيه أكثر فراغاً أو أكثر نشاطاً، فإنك لا تدري أيأتي الوقت كما تتمناه نفسك، أم يفوتك العمل في الوقتين معاً!
استعن بالله : كل عسير إذا استعنت بالله فهو يسير، وكل يسير إذا اعتمدت فيه على نفسك أو أحد من خلقه فهو عسير.
احرص على صحبة ثلاثة : ثلاثة احرص على صحبتهم: عالم متخلق بأخلاق النبوة، وحكيم بيضت فودية[1] ليالي التجربة، وشهم له من مروءته ما يحمله على نصحك إذا أخطأت، وإقالتك إذا عثرت، وجبرك إذا انكسرت، والدفاع عنك إذا غبت، والإكرام لك إذا حضرت.
تمام المودة : لا تتم مودتك لأخ حتى تكون إذا أضناه الألم ضويت، وإذا عضه الجوع خويت، وإذا مسه الضر لم تعرف كيف تبيت!
رباط واهٍ : أكثر ما يربط الناس بعضهم مع بعض: حبل سريع الانقطاع، وأكثر ما يحول بين بعضهم عن بعض جدار سريع الانهيار..
الرجاء والأسباب : التجاؤك إلى الله عند النكبات، لا ينافيه الأخذ بالأسباب؛ فهو الذي أمر بها ودل عليها ويسر لها، وأقامها تحقيقاً لمصالح عباده ورحمة منه بهم، والخائف إذا التجأ إلى حمى قوي عزيز، فأشار عليه بدخول حصن من حصونه ففعل، كان ذلك أتم في الخضوع، وأجلب للحماية.
الإخلاص والرياء : لا تحتقر عملاً قدمته بنية خالصة؛ فالقليل مع الإخلاص كثير، والكثير مع الرياء قليل، والمحاسب الخبير لا تعجبه كثرة الدنانير، وإنما تعجبه جودتها.
اقبل عذر المسيء
لا تعنت أخاك أو جارك إذا اعتذر إليك بعد أن أساء، فالله الغني عن عباده، القوي على عقابهم، يقبل عذر مسيئهم، وتوبة مخطئهم، فما أحراك وأنت الضعيف الذي لا تملك لنفسك ضرًّا ولا نفعاً؟
موت الجسم وموت القلب : إن الناس يجزعون إذا مات جسم عزيز عليهم، ويحزنون ويبكون. وتراهم لا يحركون ساكناً إذا مات قلبه وانطفأت روحه، وأين يقع موت الأجسام من موت القلوب؟
اعمل بما تعظ به الناس : بعض الواعظين يخوفونك من الذنوب بأقوالهم؛ حتى تظن أن الله لا يدخل أحداً من عباده الجنة، ويجرئونك على المعاصي بأفعالهم؛ حتى تظن أن الله لا يدخل أحداً من عباده النار،
وقد أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثر هؤلاء الواعظين يدخلون النار بما يعظون، وأكثر هؤلاء المستمعين يدخلون الجنة بما يتعظون.
الانقطاع على عمل الخير : بعض الناس يحسنون العمل حيناً، ثم ينقطعون أو يسيؤون، فيعيشون في ماضيهم لا يشهدون غيره، ولا يذكرون سواه، وبذلك يخسرون الماضي والحاضر معاً، فإن لم تتداركهم عناية الله خسروا المستقبل أيضاً.
موقف العاقل من المديح : إذا تحدث الناس عنك بما يسرك فافرح به فرح الشاكرين لا فرح البطرين، واستمع إليه سماع المتواضعين لا سماع المغرورين، وأحمق الحمقى من ينسى أن الفضل في ذلك كله لله، ولولاه لما كان ولا كانت فضائله!
وموقفه من الذم : إذا تحدث الناس عنك بما يسوؤك، فلا تغضب غضب الطائشين، ولا تحقد حقد الموتورين، ولكن انظر: فما كان منه حقًّا فاللوم فيه عليك لا على الناس، فعلام تغضب؟
وما كان باطلاً فإنما هو اختبار لرجولتك، أو تنبيه لك من غفلتك، أو إظهار لما خفي من فضائلك، وكن على ثقة من أن الدر لن يلتبس أمره بالبلور على العارفين، وأن الحق لن يخفى وجهه على رب العالمين.
ذل الشهوة والطمع
كم أذلت الشهوة كرامة الرجال، وكم أذل الطمع أعناق الأبطال!
شجرة الذل : لا تروى شجرة الذل إلا بماء الحرص، ولا تنمو إلا في ظلال الجبن، ولا تورق إلا بالنفاق، ولا تثمر إلا مع الكفر بالله أو نسيان حسابه.
أكثر الناس : لا تكن كأكثر الناس يفضلون عاجلاً فيه تَلَفُهم، على آجل فيه خلاصهم، ولكن كن كما هو شأن عباد الله الصالحين: يرضون من العاجل بما يوصل إلى الآجل؛ لا بما يقطع عنه.
عز.. وعز.. : عز الاستقامة أشرف عز؛ لأنه عز لا ذلَّ بعده، وعز الانحراف أبخس عز؛ لأنه عز لا عز بعده!
الأمور بنتائجها : إذا كان المرض يصحح لك خط سيرك فهو بدء الشفاء، وإذا كان الفقر يجبرك على حفظ النعمة فهو بدء الغنى، وإذا كان الألم يصرفك عن التفكير في الشر فهو بدء السعادة،
وإذا كان العزل يمنعك من الظلم والإعانة عليه فهو بدء الولاية، وإذا كان الموت يقصيك عن الشقاء وأسبابه فهو بدء الحياة.
القرآن والمؤمنون : تأثير القرآن في نفوس المؤمنين بمعانيه لا بأنغامه، وبمن يتلوه من العاملين به لا بمن يجوده من المحترفين به،
ولقد زلزل المؤمنون بالقرآن الأرض يوم زلزلت معانيه نفوسهم، وفتحوا به الدنيا يوم فتحت حقائقه عقولهم، وسيطروا به على العالم يوم سيطرت مبادئه على أخلاقهم ورغباتهم، وبهذا يعيد التاريخ سيرته الأولى.
القرآن والإذاعات
خير من ألف إذاعة تتلو القرآن على المسلمين بأعذب الأصوات صباح مساء، إذاعة واحدة يتلى فيها القرآن بآدابه من قلب خاشع يستمع إليه المسلمون بقلوبهم وعقولهم ساعة واحدة كل أسبوع.
المصاحف والمسلمون : لم يكن عدد المصاحف عند المسلمين في القرن الأول للهجرة يبلغ عشر معشار عددها عندهم اليوم، وهي الآن لا يتلى منها عشر معشار ما كان يتلى حينذاك،
وما يتلى بتفهم وتدبر لا يبلغ عشر معشار ما يتلى بغير تفهم وتدبر، فلا تعجبن إذا لم يفعل القرآن في نفوس المسلمين في الحاضر عشر معشار ما كان يفعله في نفوسهم في الماضي.
القرآن والأجيال : كانوا يتعلمون مع القرآن العمل به، ثم أصبحوا يتعلمون العمل به، فكيف لا يكون الفرق بين أجيالنا وأجيالهم عظيماً جدًّا؟
أدب القرآن : أدب القرآن هو أدب الحياة المناضلة بشرف، البناءة بسمو، المكافحة بتفاؤل، المدافعة ببأس، المهاجمة بحق، المتعاملة بحب، المتعاونة بوفاء، المرحة بوقار، المتنعمة باعتدال،
العزيزة بتواضع، القوية برحمة، العاملة بقناعة، المترئسة بشورى، المرؤوسة بيقظة، الحاكمة بحزم، المسالمة بحذر، المتحضرة بخلق، المتعبدة بعلم،
الماشية على الأرض ونظرها في السماء، السائرة في الدنيا نحو العلاء، وفي الآخرة نحوالبقاء، فأي أدب في آداب الأمم يهدف هذه الأهداف؟ وأي جيل في العالم أكرم من جيل يتخلق بهذا الأدب؟
القرآن وحملة الحضارة : لو كنا نحن أرباب هذه الحضارة للفتنا الدنيا إلى أدب القرآن، ولشدنا له الجامعات، وعقدنا له المؤتمرات، وألفنا فيه الحوليات، وأنشأنا له المختبرات، ولجعلناه شاغل الدنيا ومالئ تفكير الناس، ولشوقنا إليه النفوس فافتتنت به، ولجلونا جماله للعقول فتدلهت به،
ولكن أرباب هذه الحضارة ما برحوا يناصبونه العداء، ويحملون لهدمه المعاول، ويكيدون له في السر والعلن، وينفقون من أموالهم وأوقاتهم في طمس نوره وتشويه حقيقته ما لو أنفقوا جزءاً منه في تخفيف ويلات الإنسانية لكانوا متحضرين حقًّا،
والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعملون ? إن الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون والذين كفروا إلى جهنم يحشرون?.
ثورة القرآن : ثورة القرآن ضد الظلم والفساد والباطل ما تزال قائمة لم تنته معركتها، ولن تنتهي ما دام في الدنيا ظلم وفساد وباطل، ولكن: هذه الثورة فأين الثوار؟ وهذه الأبواق فأين ضرام النار؟ وهذه البنود فأين الجنود؟ وهذه المشاعل فأين الزنود؟ وهذه القوافل فأين من يقود؟
القرآن سلاح معطل
القرآن في أيدي المسلمين كالسلاح في أيدي الجاهلين، سلاح معطل لا يستعملونه للدفاع ولا للهجوم، ولا للهدم ولا للبناء، ولا للأخذ ولا للعطاء، وهو صالح لذلك كله وأكثر لو كانوا يعلمون!
Be the first to comment on "ذل الشهوة والطمع في تغريدات هكذا علمتني الحياة ٢٥"