التقابل .. من بلاغة الجملة إلى بلاغة النص بحث أكاديمي بقلم أ. نور السادات جودي – أ. عبد الله بن صفية (مقال ثنائي) ننشره على حلقات
التقابل .. من بلاغة الجملة إلى بلاغة النص
أ. نور السادات جودي – أ. عبد الله بن صفية
جامعة باتنة – الجزائر
التقابل في الدراسات الدلالية العربية:
أحدثت الدراسات الغربية التي اهتمت بدراسة التقابل اللغوي أثرا بالغا في الدراسات العربية اللغوية،
وفتحت هذه الدراسات المجال واسعا للتعمق أكثر في اكتشاف الأبعاد الدلالية، والجمالية والبلاغية التي يحدثها التقابل في النصوص والخطابات بمختلف أشكالها وأنواعها،
وتحرر الباحثون والنقاد من الإرث اللغوي والبلاغي العربي القديم؛
هذا الإرث الذي سيطر لعقود على طبيعة وحدود الدراسات المتعلقة بالتقابل، وغيره من الأنماط التي تتداخل معه كالتضاد والترادف والتكافؤ والتماثل، وغيرها من فنون البديع.
وبهذا بدأ التقابل بفضل الانفتاح على المناهج والنظريات الغربية، يأخذ مكانة مهمة في حقل الدراسات الدلالية العربية، وتعددت مداخله وتعددت أيضا إمكانيات البحث فيه.
من الدراسات العربية الحديثة للتقابل في إطار علم الدلالة دراسة “أحمد مختار عمر” ،التي تمثلت المعطيات الغربية لهذه القضية ، وتمثلها بدرجات متفاوتة كل من “أحمد نعيم الكراعين” و”فايز الداية” و”محمد سعد محمد” وآخرون،
وقد درس هؤلاء على عجل عموميات قضية التقابل ضمن سواها في مساحات محدودة تتفاوت بين باحث وآخر، ولم تحظ بتأليف مستقل أو وقفات يمكن الاعتداد بها في هذا المجال …
وقدم الباحث “عبد الكريم العبيدي” رسالة ماجستير بعنوان ( ظاهرة التقابل في اللغة العربية ) )1989م (،
متجاوزا النظرة التقليدية الضيقة في حصر التقابل في حدود المفردات إلى توسيع المفهوم الذي صار يعبر عن أي علاقة تقابلية بين الجمل والصور والنصوص.
حيث درس الجانب الفني للتقابل وما تؤديه أساليبه من تكثيف وإيحاء وإيجاز وتأثير، كما درس الجانب الوظيفي للتقابل،
كل ذلك في ضوء الشواهد التطبيقية في القرآن الكريم وأشار الدكتور “سعيد جبر” باقتضاب هامشي إلى هذين العملين في دراسته المميزة (التقابلات الدلالية في العربية والإنجليزية) (تحليل لغوي تقابلي)،
وفيها تناول قضية التقابل في إطار علم الدلالة الحديث في دراسة نظرية تطبيقية تهدف إلى الكشف عن أوجه التشابه والاختلاف بينهما (اللغتين) في النظام والأداء، والتنبؤ بالمشكلات التي من المحتمل أن تعرض للمشتغلين في مجال الترجمة والتعليم والمناهج…
ويتضح جليا من خلال ما قدمته هذه الدراسات مدى استفادتها من الدراسات الغربية في هذا المجال، والتي فتحت لها أفاقا لم تكن موجودة من قبل،
ودفعت بها إلى مستويات رحبة من حيث توسيع المفهوم النظري في ضوء النصوص التطبيقية على المستويات المعجمية والتركيبية والنصية وعلاقات التناص والتعبيرات الاصطلاحية وفق رؤية تحليلية حديثة، أكثر منهجية، وغنى وتوسعا.
Be the first to comment on "التقابل في الدراسات الدلالية العربية"