شبان غزة و هاجس الهروب من الجحيم مقال للكاتبة سارا محمد سامي تناولت فيه الكلام عن ظاهرة الهجرة بين الغزيين وتجارب بعضهم وموقف حركة حماس من الظاهرة
شبان غزة و هاجس الهروب من الجحيم
بقلم سارا محمد سامي
نظرات حُبلى بالأمل و عيون ترنو إلى غد أفضل بعيدا هناك عند أوروبا الجميلة حيث الأمن و الأمان و العيش الكريم,
هكذا يشد الغزيون الرحال في قوارب الموت هربا من أوضاع اقتصادية لم تعد تحتمل ,
ففي ظل معدلات قياسية للفقر و البطالة إضافة لغياب أدنى الحقوق الأساسية كالصحة و التعليم الجيد لا يجد الشباب من بديل سوى الهجرة سبيلا للخروج من هذا الجحيم .
التفكير في المغادرة و الذي أصبح هاجسا يسيطر على الأذهان تضاعف بفعل عوامل كثيرة
إذ تشير دراسات عديدة إلى أن أكثر من ثلث سكان غزة يفكرون جديا في الهجرة لتحسين أوضاعهم الاجتماعية التي أضحت لا تطاق .
يعد الالتحاق بمراكز تعليم اللغات الأجنبية احد الخطوات العملية التي يقوم بها الشبان و الشابات من اجل تحقيق حلم السفر
إذ يرى صلاح الصواف -و هو احد الشبان الغزيين الذين يرغبون في الهجرة بأي ثمن كان- أن تجاوز حاجز اللغة يعد عامل أساسي من اجل ضمان النجاح بعد تجاوز عقبة الخروج
ما يفسر لغز الإقبال الكثيف على مراكز تعلم اللغات الأجنبية داخل القطاع مؤخرا .
مهمة شبه مستحيلة
رحلات الهجرة من غزة لا تشبه على الإطلاق رحلات الهجرة من سائر دول العالم
فالخروج نظاميا من غزة يعد مهمة شبه مستحيلة
لذلك يضطر الراغبون في الخروج من القطاع إلى سلك دروب وعرة تحفها المخاطر من كل الاتجاهات.
نسبة كبيرة من الشبان و حتى الشابات خاطروا بحياتهم من اجل مغادرة القطاع لعجز قيادات هذه الحركة على تقديم بديل اقتصادي
فقد شهدت الحريات الفردية في غزة تراجعا غير مسبوق
ما جعل المواطن الغزاوي يفقد أي أمل في مستقبل أفضل له و لأبنائه .
الكاتب و المؤلف مصطفى نبيه احد هؤلاء الذين ركبوا قوارب الموت من اجل الهروب من الجحيم
لكن مع الأسف لم يوفق في رحلته فاضطرا مجبرا على العودة ,
يبرر نبيه مخاطرته بحياته قائلا “ان الشخص الذي يتعرض للقمع يبحث فورا على الأمان ,
فأمام الافتقار للحرية و الكرامة الإنسانية لا يجد الإنسان من حل سوى الهجرة” .
رحلات الهجرة و إن كانت في اغلبها مولية قبلتها تجاه الأراضي الأوروبية تمر في حقيقة الأمر عبر دول إسلامية عديدة كمصر و لبنان و تركيا
و هو ما يطرح تساؤلات عديدة حول تفضيل الغزيين للدول الغربية على حساب الدول العربية القريبة ثقافيا و جغرافيا .
تبرر أم وائل وشاح ذلك بان الدول العربية لا تقبل أبناء غزة لأسباب لا نفهمها ,
و تعتبر أم وائل التي فقدت ابنها في إحدى القوارب الذاهبة لأوروبا أن رحلات الموت هذه ستتكرر ما دام الحال على ما هو عليه في ظل حكم حماس .
تعامل حماس مع الأزمة
التعامل الرسمي لأجهزة الدولة التابعة لحماس في قطاع تتسم بالغرابة
إذ عوض محاولة إصلاح الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية بحلول جذرية حقيقية
من اجل إنقاذ هذا الجيل من براثن الموت المحقق على شواطئ أوروبا ,
تنتهج حركة حماس سياسة التعتيم الإعلامي على هذه الظاهرة من خلال إما تجاهلها أو نفيها تماما
إذ ترى القيادة الحمساوية أن هذا الملف سيؤثر على صورتها و شعبيتها لدى شعوب المنطقة
خاصة و أنها تصر كل مرة على ترويج فكرة أن كل سكان القطاع يشعرون بالرضا التام حيال إدارة الحركة للوضع
سارا محمد سامي
Be the first to comment on "شبان غزة و هاجس الهروب من الجحيم"