مليكة اخر ضحايا العنف ضد الأطفال مقال للكاتبة د. أماني عبدالفتاح استشاري العنف الأسري تناولت فيه التعليق على حادثة وفاة الطفلة مليكة واستعرضت حوادث أخرى سببها الإهمال
مليكة اخر ضحايا العنف ضد الأطفال (1)
امانى عبد الفتاح
تردد اسم مليكة على السنة ملايين المصريين الأسبوع الماضى
و لمن لا يعلم قصة مليكة هى طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات و لها اخ يبلغ من العمر 5 سنوات
و كان الطفلان ذاهبان الى المدرسة و عندما وصل بهما الأتوبيس الى المدرسة توقف الأوتوبيس و نزل اخو مليكة ثم نزلت مليكة ثم تحرك الأتوبيس
و لكنه لم يتحرك فقط على الأسفلت و لكنه تحرك ايضا على جسد مليكة ليساويها بالأسفلت
و قد دهس معها قلب اسرتها و قلب كل من شاهد الفيديو الذى انتشرعلى وسائل التواصل الاجتماعى انتشارا واسعا
و الذى يصور الحادثة كلها
وعلى الرغم من اهمية هذا الفيديو فى تصوير تفاصيل الحادثة و مسئولية سائق الأتوبيس و المشرفة فى قتل مليكة
إلا ان هذا الفيديو قد اوجع قلوبنا و انزل دموعنا على هذه الطفلة البريئة التى لا حول لها و لا قوة
و على حزن اسرتها بالكامل و خاصة امها االمكلومة
و التى تضع كل ام نفسها مكانها فتشعر بمدى خسارتها وحزنها على فقدان ملاكها
وكانت دموع هذه الأم المسكينة هى اولى دوافعى لكتابة هذه المقالة باعتبارى ام فى المقام الأول
احترق قلبى على موت مليكة مثل ملايين الأمهات فى مصر
و لكن كان دافعى الأخر هو تخصصى فى الطب الشرعى و عملى فى مجال العنف الأسرى و ابحاثى فى مجال العنف ضد الأطفال بانواعه
سواء اللفظى اوالجسدى او الجنسى او النفسى
و لكن فى حادثة مليكة نحن نقف امام اقسى انواع العنف ضد الأطفال و هو الأهمال
و الأهمال هنا مزدوج فالأهمال الأول يقع على عاتق سائق الأتوبيس
الذى لم ينتظر دقيقة واحدة فقط ليتأكد ان مليكة و اخاها قد مرا الى الناحية الأخرى من الأتوبيس وتحرك بسرعة غريبة
و هو المفترض به انه سائق لأتوبيس به اطفال فى اعمار صغيرة يتحركون بخطوات بطيئة
كما انهم لا يدركون خطورة عبور الشارع من ناحية الى اخرى
فكان يجب ان يكون حريصا على ارواح هذه الأطفال
و الأهمال الثانى يقع على عاتق المشرفة
و دور المشرفة للأطفال فى هذا السن كما نعلم جميعا هو ان تقوم باستلامهم من اهلهم و ترعاهم فى الأتوبيس ثم تقوم بانزالهم من الأتوبيس و التاكد من ادخالهم الى المدرسة
و ليس تركهم فى الشارع يعبرون الطريق بانفسهم
وقد ذكرنى الأهمال الذى اودى بحياة مليكة بالأهمال الذى اودى بحياة اطفال المريوطية منذ شهور قليلة
ولكن فى هذه القضية كان اتى الأهمال من الأم التى تركت اطفالها الثلاث و التى تترواح اعمارهم من ثلاث الى ست سنوات بمفردهم فى حجرة صغيرة لمدة 12 ساعة
و قد قام الطفل الأكبر بالتدخين فاشتعلت النيران فى الملابس و احترقت اجسادهم الصغيرة الضعيفة و دفعوا ثمن اهمال الأم التى يجب ان تنزع منها صفة الأمومة
كما ذكرنى بحادث اتوبيس الرحاب الذى انقلب بالتلاميذ اعلى الكوبرى الرحاب فى شهر اكتوبر 2018 وتم نقل المصابين الى المستشفى و لله الحمد لم يسفر الحادث عن اى وفيات
و كان السبب الرئيسي لانقلاب الأتوبيس هو السرعة الزائدة واستخدام السائق الهاتف المحمول
و فى حادث اخر بمحافظة الغربية فى مارس 2015 توفى سبعة من التلاميذ فى حادث أتوبيس مدرسة المدينة للغات بطنطا
والذين لقوا مصرعهم في تصادم قطار وأتوبيس المدرسة أثناء عبوره مزلقان السكة الحديد بطريق الإسماعيلية أثناء ذهابهم إلى رحلة مدرسية
و قد قرر المحافظ إحالة المقصرين بالمدرسة إلى النيابة العامة للتحقيق ووضع المدرسة تحت الإشراف المالي والإداري لوزارة التربية والتعليم
و تتوالى حوادث اتوبيسات المدارس التى تودى بحياة التلاميذ
ففى عام 2014 حدث حادث اخر مشابه عرف ” بحادث البحيرة ” الذي وقع على طريق “مصر – إسكندرية” الزراعي وتسبب في مصرع 18 طالبًا وإصابة 18 آخرون بحروق شديدة
و ذلك عقب اصطدام حافلة نقل “تلاميذ” بسيارة تانك بنزين بالطريق الزراعي السريع
وكان الأتوبيس في طريقه من البحيرة إلى مقر إحدى المدارس الخاصة ب”العجمي” بالإسكندرية
و قد اتهم سائق الاتوبيس بالأهمال ايضا لأنه قاد بسرعة جنونية جعلته لا يستطيع تفادي السيارة النقل عند الملف .
وأود ان اشير ان ما فعلته فى هذه المقالة هو مجرد حصر لعدد قليل من حوادث اتوبيسات المدارس و التى ادت الى اصابات شديدة او وفيات للطلبة
و لكن الحقيقة ان حوادث الطرق عامة و حوادث اتوبيسات المدارس خاصة لا تنتهى
و ان عدد الضحايا من الأطفال الذين يفقدون حياتهم بسبب الأهمال يزداد
فإلى متى يذهب الأطفال الى مقابرهم بدلا من ان يذهبوا الى مدارسهم ليتعلموا او رحلاتهم ليستمتعوا
و لذلك يجب ان يتم معاقبة المقصرين سواء سائقى الأتوبيسات او المشرفات اوالمدارس المسئولة عن هؤلاء اقصى عقوبة ليكونوا عبرة لكل المهملين
لان ارواح اطفالنا خط احمرو
لان الأهالى يبذلون كل ما فى استطاعتهم من جهد و مال من اجل توفير تعليم جيد ووسيلة مواصلات ءامنة لاطفالهم
وليس من المعقول ان تضيع هذه الجهود هباءا و تفقد الأسر اغلى ما تملك بسبب ازمة ضميرو اهمال متعمد من القائميين على رعاية هؤلاء الطلبة و للحديث بقين ان شاء الله.
Be the first to comment on "مليكة اخر ضحايا العنف ضد الأطفال (1)"