Site icon حديقة المقالات

عمارة الأرض

عمارة الأرض
مريم حميد البشاري
خلق الله تعالى الانسان، واكرمه بأن جعله خليفة في الأرض ،ويعمرها وفق مراده، ومنحه كل ما يمكنه من هذه المهمة الجليلة وامتن عليه بالعقل وجمال الصورة؛


فخلقه بأحسن تقويم وشاءت إرادة المولى سبحانه أن يكون البشر أمماً مختلفة، وشعوباً متعددةً، وفي تلك الإرادة الإلهية حكماً عظيمة ودلالات تستحق التأمل، وقد أقر الإسلام هذا التنوع والاختلاف، ولكنه أراد تنوعاً يثري الحياة ويزيدها عطاءً وبناءً وتعارفاً وتآلفاً.

قال الله تعالى :{ …وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا…} ؛ والتعارف المراد بالآية الكريمة هو التعارف الذي يقول على التناصح، والتناصر بالحق، والتعاون في مهمة عمارة الأرض.

وبينما ننمو وننضج يزداد إدراكنا بأن الطبيعة تتطلب الاعتماد بالتبادل وأن هناك نظاماً بيئياً يحكم الطبيعة بما فيها المجتمع . كما نكتشف أيضاً أن المناطق المهمة والأسمى في طبيعتنا ترتبط ارتباطاً وثيقاً بعلاقاتنا بالآخرين _ وهذا يعني أن الحياة الإنسانية تتطلب الاعتماد بالتبادل .

المجتمع مجموعة من الأفراد، والعلاقات تجمعهم روابط، ومصالح مشتركة لعمارة الأرض؛

 لذلك يجب علينا أدرك أنه لابد من العمل على تنظيم هذا المجتمع، من خلال استثمار الروابط، وتقويتها،

والتعرف على مهارات، وقدرات الأفراد لتوظيفها؛ لمساعدة المجتمع على تطوير نفسه ، مساعدته على تحديد المشكلة،

أو الأهداف المشتركة ب( الإلهام، التحفيز، المعلومات، التشجيع، التدريب…) وحشد القدرات،
وتوجيه الطاقات نحو اهداف مشتركة ، بإشراك جميع الفاعلين من مؤسسات دينية، ومؤسسات سياسية، ومنظمات المجتمع المدني، واكيد شخصيات؛ للانتقال بالمجتمع من قطيع منقاد إلى قطاع واعد و واعي ومشارك.

والفرد كمؤسسة فكرية اجتماعية ، فلا يمكن أن تخطط لوحدها مشروع تنظيم المجتمع . حسناً كيف يمكننا دراسة المشاكل المتعلقة بالصناعة او المشاكل المؤسسية …؟

طبعاً ستتسأل ما هذا السؤال هل تمزحين ؟! بالتأكيد بإمكاننا حل أي مشكلة بتحليل الأمور المعقدة إلى أشياء بسيطة وإعادة دمجها نجد الحلول … بالطبع يا صديقي أعلم ذلك وأنت تعلم وهناك من لا يعلم ذلك لا عليك يا صديقي ليس ذلك الجواب الذي أرته فقط . فكر معي قليلاً وأنت تقرأ بعين عقلك؛ أن قدراتك على القيام بهذا الأمر هي قدرة بشرية فريدة لا تمتلكها الحيوانات ، ولهذا السبب جعل الله سبحانه وتعالى الإنسان صاحب اليد العليا في هذا العالم و لهذا السبب هو الذي يحقق تطورات قيمة عبر الأجيال المختلفة، ولنفس السبب يمكننا الارتقاء والتعلم من تجاربنا الشخصية وتجارب الآخرين.

حسناً أن قمت أنا بتحليل الأمور المعقدة إلى أشياء بسيطة واعت دمجها سوف اتوصل إلى حل أو فكرة واحدة أو فكرتين أو حتى أكثر من ذلك ، وأن قمت أنت بذلك ايضاً سيصبح لدينا أفكار وبدائل أكثر ، وماذا إذا قمت أنا وأنت وهي وهو بذلك بالتأكيد سيكون الأمر مختلفاً تماماً ؛ سيكون هناك الكثير من الأفكار، و البدائل ، بالتالي ستكون النتائج أكثر فعالية و تأثيراً ؛ وبناء افكارنا فوق أفكار الآخرين يصقل عملية التنظيم .

ويمكنك تعلم معنى الانتظام ضمن فريق من الفرق الرياضية ، حيث تجسد المعنى الحرفي للفريق ؛ وهي مجموعة مستقرة من الأشخاص المتوازنين ،والمترابطين يسعون لتحقيق نتيجة مشتركة .

لكني اعلم أن جميعنا مختلفين بطريقة فريدة ومعقدة ؛ لذا نحتاج إلى بناء العلاقات ،حيث أن 80% من الناس ينجحون في مختلف المجالات بسبب مهارات الاتصال؛ والتنظيم يدور حول العلاقات فهو يقوم بصفة دائمة بالبناء والحفاظ على العلاقات ، ويستقطب الأشخاص الجدد باستمرار .

ولكي ننجح في بناء الفرق لأعمار الأرض، ولبناء المستقبل الذي نعلم بأننا نستطيع صنعه ؛ يجب أن تتوفر القيادة أو السلطة الفعالة التي تمتلك القوة أو القدرة على احداث التغير، وتتمثل بناء القوة لدى السلطة في جعل الناس يفهمون مصدر مشكلاتهم الاجتماعية ،والسياسية، ثم يبتكرون الحلول ،ويضعوا الاستراتيجيات، ويتولون القيادة ويتحركون في العمل من خلال الحملات التي تحقق تغييرات ملموسة .

سلطة قوة ، تأثير ، حكم

اذاً يودي التنظيم القائم على مبادئ وأساس عملي إلى تحقيق وفرة من الموارد المادية و البشرية المنظمة عن طريق الاستثمار الأمثل للموارد. حيث أصبح التنظيم سر نجاح منظمات الأعمال في العصر الحالي سوءاً كانت تلك المنظمات عامة أو خاصة .

كما نلاحظ في عصرنا الحالي التطورات السريعة للتكنلوجي وظهور الانترنت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعية ، حيث بإمكان ذلك أن يخدم التنظيم في بناء العلاقات لأعمار الأرض ؛ إذا ما تم الاستثمار الأمثل لتلك الوسائل في فتح مساحة جديدة لإشراك المواطن.

وخلاصة القول انها كانت 30 دقيقة اسبوعياً لأسابيع معدودة مع معهد الفضاء المدني ؛ كفيلة لجعلي ادرك أن لمجتمعي حقاً علي ،وأن الديموقراطية ليست فقط بأن أكون فرداً مستقلاً بذاتي وما احويه من أفكار، انما ايضاً بمشاركتي المنتظمة في ما يحدث وما سيحدث لهذا المجتمع ، مع الأخذ بزمام المبادرة للمشاركة الفعالة في المجتمع والرُقي به ،لأعمار الأرض و لتحقيق الخلافة فيها قال سبحانه وتعالى :{…إني جاعل في الأرض خليفة…}.

( شكراً معهد الفضاء المدني )

مريم حميد البشاري

Exit mobile version