المعارضة بين الأقصاء.. والأخصاء
رحمن الفياض
قد يعرف اغلبنا مقصود الإقصاء الفكري، ولكن ماذا عن الإخصاء الفكري؟
باختصار هو أن تمارس عملية التفكير، ولكن من دون أي فرصة للأنجاب الفكري البناء، أي أن نتيجة هذه الممارسة الفكرية هي مزيد من الهلوسة الفكرية العقيمة ، مما يهيئ لنا أفكار، ولكنها غير مفيدة ولا بناءة، فهي مجرد تفكير للتفكير، ولكن نتيجته شبه معدومة كونه لا يحمل أي مبررات مقنعة ذات مدلولات عقلية ومنطقية..
رئيس الحكومة العراقية يمارس هذه الحقيقة دون ذكرها من خلال الرسالة التي بعثها الى المعارضة ، بالأضافة الى أنها كرست كل وسائل أعلامها وجيوشها الالكترونية لترسيخ مفهوم أنه لاوجود لمعارضة في البلاد، دون فسح المجال لها للبدء بخطواتها الحقيقية بالأصلاح وطرح أفكارها لعامة الشعب، وبعد ذلك نبدء بتقيم هذه التجربة هل هي فعلا فيها خطورة على الامن القومي للبلاد كما يدعي منظرها قبل سنوات؟!
يقال أن أحد البخلاء لايريد ان يشتري لأبنه الصغير سيارة ,فيبدء اولا بالحديث عن مخاطر القيادة وبشاعة حوادث الطرق، وما الي ذلك من اضرار القيادة وعندما لايجد استجابة ممن حوله ينتقل للحديث عن سهولة وسرعة النقل العام الرخيص منها طبعا، وكيف انها تكون اسرع في انجاز الأعمال المهمة كما انها تتيح له الوقت ان يستغل زمن الرحلة في ذكر الله، والتسبيح وهو طبعا ما لا يتوفر لقائد السيارة الذي يشغله الطريق عن هذة الفائده العظيمة وبذلك تكون هذه المواصلة الرخيصة هي احدي سبل دخول جنة الخلد ، وتكون السيارة هي سبب الحرمان منها..
وهكذا يظل يردد من هذه المبررات المليئة بالمغالطات، ما يجعل كل من حوله يصابون بالملل والإخصاء الفكري و ربما العضوي ايضا وبذلك نري ان الخاصي ابدا لا يذكر السبب الحقيقي المباشر لافعاله وهو البخل.
نكاد نجزم أن هؤلاء الذين يستنكرون على المعارضة حقها في إعمال العقل والإبداع ويقفون لهم بالمرصاد ويهاجمونهم وقد يهدّدون أمنهم.. هم في الحقيقة لم يكلّفوا أنفسهم عناء الاطلاع على أفكارهم او حتى برنامجهم في تأسيس نواة حقيقية للعملية السياسية وزرع البذرة الأولى لها ، فقد مارسوا ضدهم أشد أنواع الأضطهاد الفكري ..
الأقصاء والأخصاء أستخدمتا معا بطريقة بشعة في محاولة وأد هذه التجربة في مهدها خوفا منها بتحقيق تطلعات الشعب وفضح ما مكتوم من أسرار في رفوف نزاهتها وعدالتها البائسة .