سيرة حياة فيكتور هوجو الفنان الذ قدم لنا أعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع ، مقال مطول للكاتب فؤاد الكنجي تناول فيه حياة الكاتب ،
فيكتور هوجو قدم لنا أعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع
فواد الكنجي
سيرة حياته
فالبيئة التي عاشها (هوجو) في (فرنسا) في كنف أسرة كان والده ضابطا في جيش (نابليون بونابرت) هجرت والدته أباه بعد تفاقم الخلافات بينهما على الأمور الحياتية والعائلية وفي الرأي و كل شي،
فالأب كان مواليا للجمهوريين؛ والأم كانت موالية للملكية؛
ومن ثم أصبحت عشيقة لواحد من ألد الأعداء الذين تآمروا على (نابليون)؛ ويقال بان كان لها ضلع في هذه المؤامرات،
وفي هذه البيئة الأسرية المفككة؛ وفي خضم ما كان يدور في (فرنسا) من حروب وتحولات سياسية،
شب (هوجو) في هذه الأجواء المتلبدة بالغيوم؛
وكان آنذاك قد بلع سن الرشد فلم ينشأ في بيئة سليمة؛ ورغم ذلك تواصل تعليمه فدرس الحقوق واطلع على الأدب (ألاتيني) فتفتحت قريحته الشعرية؛ واخذ يكتب أبـياتا مقفاة وموزونة تأخذ شكلها بإحكام متزنة،
فنظم قصائد شعر منذ 1816 واستمر في كتابة الشعر والنثر والدراما والمقالات السياسية حتى لحظة وفاته،
واشتهر كأحد الكتاب الشباب الذين أطلقوا على أنفسهم (الكتاب الرومانسيين) وفي عام 1822 نشر أول ديوان شعري تحت عنوان (أناشيد وقصائد متنوعة)
وقد نال هذا الديوان مكافأة من الملك (لويس الثامن عشر) بعد إن أعجب بها الملك؛ ليؤمن حياته بمورد مالي وهو في سن الشباب،
ليصبح أحد شعراء البلاط،
وبين عامي 1822 و1850 ابتدأ صعود نجم (هوجو) نحو الشهرة والمجد،
وفي عام 1819خطب وتزوج (هوجو) من صديقة طفولته الآنسة (أديل فوشيه) حيث كانت عائلتها تسكن بجوار عائلته، وعن الآنسة (أديل فوشيه) هناك قصة تدور حولها
وهي أن أخاه كان يحب هذه الفتاة أي (أديل فوشيه) التي خطبها (هوجو)،
وعندما تزوجها أصيب أخوه بالجنون والصرع،
وتفاقمت حالته الصحية لدرجة التي حملوه إلى المصحة العقلية حتى مات فيها،
وعن هذا السلوك من لدن (هوجو) باتجاه أخوه؛ هناك كثير من النقاد طرحوا أسئلة حول هذه القصة منها:
إن كان (هوجو) يعلم بان أخوه يحب هذه الفتاة،
لماذا أقدم هو الأخر إلى تبادل العلاقة معها دون إن يكترث بمشاعر أخوه ….؟
هل عرض بمشاعر أخيه عرض الحائط ليفوز بمن يحب هو ….؟
ما هو موقف (هوجو) حين توفي أخوه بسبب هذا الجنون….؟
هل شعر بالذنب ….؟
أكان (هوجو) سادي ونرجسي يحب ذاته وينتشي بتعذيب الآخرين ويرغب بامتلاك كل من يحب فيعشق ويتلذذ بلعب دور العاشق….؟
إلى غيرها من الأسئلة .. ومع ذلك فان مغامرات (هوجو) ما انكفأت حتى في عام 1833 إذ راح يلعب دور عاشق مع (جولييت درويه) والتي اصطبحت عشيقته رغم كونه متزوج،
لتصبح هذه العشيقة امرأته الشرعية، وهذه المرأة لعبت في حياة (هوجو) دورا كبير،
فهي من أنقذته من محاولة قتله؛
وقد ظلت طيلة حياتها متفانية له وظلت معه إلى آخر يوم في حياتها تحميه وتدافع عنه؛
بل وتركت من اجله عملها في المسرح لتكرس نفسها لخدمته،
وقد كتب (هوجو) آلاف الرسائل لها على مدار خمسين سنة من علاقتهما المشتركة
وقد نشرت هذه الرسائل في مجلدات بعد موتهما .
فعشيقته (جولييت درويه) تحملت من أجلة كل تصرفاته وظلت تعشقه رغم انه ميز بينها وبين زوجته الأولى؛
إذ إبقائها في منزل صغير و متواضع قريب من منزل زوجته الأولى،
ومع ذلك استمر (هوجو) يخون الاثـنـتين مع أي امرأة أخرى تغري شهواته،
وظل (هوجو) بهذا الطبع حتى وهو في عقد السبعينيات من العمر،
فكان (هوجو) مولعا بالتسكع في الشوارع والبحث عن العاهرات ومغامرات العاطفية .
وخلال هذه الحقبة لم تخلو سيرة حياته من مأساة داهمت حياته فقد فوجع بموت ابنه الأكبر وهو في عز شبابه؛
ولم تمضي على وفاته أمد حتى فوجع (هوجو) بموت ابنه الثاني؛
كما فوجع بموت ابنته غرقا مع زوجها وهي لم تبلغ العشرين من عمر بعد إن حاول الأخير إنقاذها ولكن لم يفلح فمات هو الأخر؛
كما فوجع (هوجو) بجنون ابنته الثانية،
وكل هذه الفواجع لا محال أثرت في نفسية (هوجو) بشكل مؤثر وهو ما عكس على كتباته وإشعاره فجاءت أشعاره وهي مفعمة بمشاعر الشجن.. والأسى.. والحزن..
لتعطي نوع من ( الرومانتيكية ) على إشعاره،
نعم لقد اشتهر (هوجو) في إبراز ملامح شعرية بعيدة عن الكلاسيكية التي كان هي السائدة في الساحة الأدبية آنذاك؛
ليكون تجديده في الشعر (الرومانتيكي) حالة متميزة ادخلها في (الشعر الفرنسي) بعد إن وضع لامسات الشعر (الرومانتيكي) في (فرنسا) في مطلع عام 1825
علما بان ظهور المدرسة (الرومانتيكية) كانت قد بدأت في (ألمانيا) ومن ثم في (انكلترا) لتظهر بفعل روح كتابات (هوجو) الشعرية والتعبير الأدبي في (فرنسا)،
فكتب (هوجو) أول بيان وباللغة الفرنسية للأدب (الرومانتيكي) عام 1830 ،
ونشرها في مقدمة مسرحيته المعنونة (كرومويل) ليعرف في الوسط (الأدب الفرنسي) بكونه هو أول مؤسس للحركة (الرومانتيكية الفرنسية) بعد إن دار نقاش محموم بين مثقفي (فرنسا)
وخاصة بين (التيار الكلاسيكي) و(التيار الرومانتيكي) الذي انتصر عن الأولى؛
بكون (الرومانتيكية) كانت تمثل روح التجديد والمعاصرة وحركة التاريخ في أوربا،
ووفق هذا السياق نشر (هوجو) مجموعة شعرية وهو بعنوان (رومانتيكي) تحت اسم (أوراق الخريف) في العام ذاته 1830 ،
ومع تصاعد إبداعات النشر في مجال (الرومانتيكية) فوجئ (هوجو) بان الرقابة منعت إحدى مسرحياته عام 1832 ،
مما تسبب له ذلك اثر نفسي فثار بموجة غضب؛
وعلى أثرها ألقى خطابا بحضور جمهور غفير عن حرية التعبير؛ وقد لاقى تأيدا منقطع النظير من الجماهير الفرنسية التي تعاطفت مع تطلعات (هوجو)،
وكانت تلك بداية انخراطه في العمل السياسي في (فرنسا) من أجل نيل حرية التعبير والتفكير،
وكان تحديه لسلطات الرقابة والقواعد (الكلاسيكية) هو واحد من الأسباب التي منعت (الأكاديمية الفرنسية) من قبول ترشيحه؛
ولكن إبداعاته الأدبية فرضت حضورها في الساحة الأدبية (الفرنسة)؛
ليكون (هوجو) لاحقا احد أشهر أعمدة الأدب في عموم (فرنسا)؛
لتضطر (الأكاديمية الفرنسية) قبوله في عام 1841 بعد إن رفض طلبه ثلاث مرات،
لتكون لتجربته وتحديه قرارات الجائرة بحق المبدعين في (فرنسا) سببا لانخراطه في العمل السياسي عام 1848،
ليتم انتخابه نائبا عن (باريس) في (البرلماني الفرنسي) وقد ألقى في (البرلمان الفرنسي) أول خطاب سياسي له داعما ترشيح (نابليون الثالث) إلى (رئاسة الجمهورية الفرنسية)
ولكن سرعان ما غير اتجاهه من مؤيد للسلطة إلى معارض،
فانتقل من اليمين المتطرف إلى اليسار العمالي مناصر قضايا العمال والكادحين؛ فابتعد عن أجواء الترف في أروقة السلطة إلى وسط الكادحين.. وعمال المصانع.. والفقراء.. والبؤساء.. والمتشردين،
ليثبت بأنه ليس كاتبا وشاعرا (رومانتيكيا) فحسب؛ بل رجل سياسي يناصر قضايا الشعب ويتفاعل مع هموم عصره وقضاياه،
فهو بقدر ما عرف عنه بكونه شاعر فهو مفكر يتطلع لمستقل بلاده مدافعا عن قضايا الشعب من اجل رفع مستوى الوعي عند أبناء شعبه و تثقيفهم وتعليمهم؛
ليعش كل أبناء (فرنسا) تحت راية الثقافة.. والحرية.. والمساواة،
لهذا حين أدرك في عام 1851 بان (نابليون الثالث) الذي قام بانقلابه على (النظام الجمهوري) ليقود الدولة نحو الدكتاتورية،
كان (هوجو) في مقدمة الجماهير التي أعلنت العصيان ونزولها إلى الشارع لمقاومة (نابليون الثالث)،
وقد تعرض لمحاولة اختيال لولا أن عشيقته (جولييت درويه) التي أنقذته واستطاعت إن تمهد له طريق الهروب خارج (فرنسا)،
ليبدأ (هوجو) حياته في المنفى استمرت ما بين عام 1855م حتى عام 1870 ،
وخلال هذه الحقبة الطويلة من عمره في المنفى كتب أجمل كتابات وأشعار ومؤلفاته،
وخلال هذه الفترة الصعبة من حياته في المهجر أنجز روايته الخالدة (البؤساء) التي تعتبر واحدة من أفضل مائة رواية صدرت في تاريخ العالم؛
وتم اقتباس رواية (البؤساء) للعديد من الأعمال السينمائية والدرامية في العالم وأخرجت سينمائيا ومسرحيا مئات المرات.
وبعد سقوط الديكتاتورية أثناء حكم (نابليون الثالث) في (فرنسا) عاد (هوجو) من منفاه إلى بلاده (فرنسا)
وقد استقبل استقبالا شعبيا حاشدا في قلب العاصمة الفرنسية (باريس)،
وتدريجيا بعد استبداد الأمن في (فرنسا) تحول روح الرجل (هوجو) المعروف بالتمرد إلى رمزا للفضيلة والإخلاص الوطني ليكون رمز للمثل الجمهورية،
فأُعيد انتخابه في مجلس العموم الفرنسي مرات عدة ثم التحق بمجلس الشيوخ،
بل رشح للرئاسة أيضا،
ولكن لم تكن له أية رغبة حقيقة في ذلك بأن يصبح سياسيا معترفا بالمعنى العام والمعروف للكلمة؛
لان طموحاته الأدبية كانت تفوق عن أية رغبة أخرى؛
بكون (الأدب) و(الشعر) احتل كل شيء في كيانه ووجوده،
وكانت تلك بداية أسطورته لتبرز ملامح شخصية (هوجو) في الأدب.. والفكر.. والشعر.. والسياسة..
ليدفع ثمن شهرته غاليا ليحتل مكانة مرموقة في تاريخ (فرنسا)،
فترجمت أعماله للعديد من اللغات و تم وضع صورته على (الفرنك الفرنسي) – العملة المالية للدولة – بعد إن أخذت دور النشر العالمية تنشر أعماله الروائية .
- فيكتور هوجو الفنان الذي قدم لنا أعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع
- سيرة حياة فيكتور هوجو ،وأعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع
- أعمال فيكتور هوجو ، رواية البؤساء ، أعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع
- أعمال فيكتور هوجو ، رواية أحدب نوتردام .. أعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع
- أعمال فيكتور هوجو الأخرى
- أشعار فيكتور هوجو
- الخاتمة .. فيكتور هوجو الفنان الذي قدم لنا أعمال فكرية عبرت عن قضايا المجتمع
كل شي تقدمه إبداع با لتوفيق