السينما المصرية …السلطة السابعة و صناعة الرأي مقال للكاتبة سارا محمد سامي تناولت في الكلام عن دور السينما المصرية
السينما المصرية …السلطة السابعة و صناعة الرأي
سارا محمد سامي
بعد مرور أكثر من ثمانية عقود على التأسيس الفعلي للسينما المصرية نستطيع القول أن مصر اليوم تحتل صدارة بلدان العالم العربي في مجال صناعة السينما
بعد أن تجاوزت السوق المحلية لتكتسح السوق العربية كاملة
لهذا فقد أضحت مصر مقصدا لكل فناني العالم العربي الذي يسعون للشهرة و النجاح .
عدى الدور الاقتصادي المهم الذي تلعبه السينما المصرية في العجلة الاقتصادية من خلال وارداتها المرتفعة نسبيا فان لها أيضا دورا اجتماعيا مهما لا بد أن يُذكر ,
إذ لم تعد السينما اليوم مجرد مرآة تعكس صورة المجتمع المصري و ترصد طموحاته و ابرز مشاكله أو تؤرخ لماضيه
بل تجاوزت هذه الرؤى الكلاسيكية لتتفرد بدور جديد
ألا و هو التأثير الفكري و الثقافي على تشكل وعي الشارع المصري .
هذه القوى الناعمة و التي بدأت باستحياء سنة 1896 بعرض بسيط في الإسكندرية أصبحت اليوم أهم الأدوات و أنجعها للسيطرة على المجتمع
فهذا النوع من التسلية الكسولة لها أثر التنويم المغنطيسي على المتلقي
إذ تحاصر كل حواسه و تفقده القدرة على التفريق بين الحقيقة و الخيال ,
في هذه اللحظة تحديدا يمكن تمرير أي تصور تاريخي أو رؤية سياسية دون الحاجة للبرهنة على شريعتها .
السينما المصرية و الذي سبق أن اشرنا لدورها الاقتصادي المهم لم تعد حكرا على مؤسسات الدولة
إذ استقطب هذا المجال الترفيه النجاح كبار المنتجين الخواص لعل رجل الأعمال نجيب سويرس أشهرهم ,
مما ساهم في تنوع مواضيع الأفلام و تباين الرؤى إذ لم تعد الدولة وحدها من يسيطر على صناعة الرأي العام .
اتجاه الخواص للإنتاج
لعل فيلم ” أولاد العم ” للمخرج شريف عرفة احد ابرز أمثلة هذا الشرخ الذي حصل نتيجة اتجاه الخواص للإنتاج في هذا القطاع.
فيلم أولاد العم و الذي يعج بكبار نجوم السينما المصرية كمنى زكي و كريم عبد العزيز عالج قضية الصراع المصري-الفلسطيني –الإسرائيلي
و سوّق لأفكار و مواقف سياسة مخالفة للتوجه العام للدولة المصرية
إذ وقع تصوير السلام القائم بين الجانب المصري و الإسرائيلي كسلام زائف يخفي داخله ملاحم و عمليات مخابراتية من هذا الجانب أو ذاك .
فلم الإرهاب و الكباب للممثل المصري القدير عادل إمام و لِذات المخرج يعد أيضا احد أهم أمثلة التباين بين الرواية الرسمية للدولة و الواقع المعاش.
الفيلم كان عبارة عن لوحة فنية نقدية على أعلى مستوى جذبت أنظار المجتمع الدولي لمعاناة المواطن المصري في تلك الحقبة
و يتخلل الفيلم نقد لاذع لمفهوم الإرهاب الذي وقع حصره بالجماعات المتطرفة
و يؤسس لمفهوم جديد اشمل فالفقر و قلة الحيلة كما يرى الفيلم هو احد أشكال الإرهاب الاقتصادي
و تسلّط موظفي الدولة هو أيضا احد أشكال الإرهاب الاجتماعي .
لابد من الإشارة أن ثقافة العشوائيات التي ضربت اغلب القطاعات في مصر مع بداية الألفية الثالثة
شملت أيضا قطاع السينما الذي اكتسحته أفلام تجارية خفيفة ,
أفلام المقاولات هذه أيضا كان لها دور كبير على الرأي العام فمع الوقت لم تعد القضايا القومية و الهوية تثير فضول المتلقي المصري بعد أن كانت فيما سبق محور رئيسي في الأفلام المصرية .
مصر كانت و لازالت سباقة و متفوقة في المجال الثقافي عموما و السينما على وجه التحديد ابرز ما برعت فيه لما قدمته من نجوم لامعين تاخموا العالمية
لهذا فان مكانتها الحالية في الشارع المصري لا تثير أي ريبة أو استغراب .
سارا محمد سامي