Site icon حديقة المقالات

توصيف للواقع

توصيف للواقع مقال للكاتب الأستاذ احمد سالم الغزواني ، من حقائق الامور ان القناعات شيء يكمن في النفوس ولا يتسنى لاي قوة في العالم ان تفرضها على شخص او تسلبها منه.

توصيف للواقع

احمد سالم الغزواني

نسمع دائما بقوالب اعدت و صممت في معامل المتدينين، طالما ترددت على مسامعنا،

تنطق بها افواههم ،وتعج بها مقروئاتهم فمن تلك الدرر وجميل الكلم وعظيم الخطب – احتاط لدينك لا تقع في الشبهات،

حذاري من قراءة كتب المفكرين والزنادقة والفلاسفة الضلال،

مطالعة كتب الديانات الاخرى حرام، عليك باقوال العلماء المعتبرين. لست اعلم من سلف هذه الامة،

لا تجتمع الامه على ضلالة. اجمع العلماء والفقهاء ، النقل مقدم على العقل>> …. وهلم جرا

حجتهم في ذلك الا يتزعزع دينك ومعتقدك.

فمن حقائق الامور ان القناعات شيء يكمن في النفوس ولا يتسنى لاي قوة في العالم ان تفرضها على شخص او تسلبها منه.

اذن فالقناعه اختصاص رباني له مطلق الحكم في تغييرها وتحويرها اذا شاء، وقد خاطب سيدنا سيد البشر انك لاتهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء.

خوفهم الغير المبرر من تهويل الامر وتكبير صورة الخوف مرات عديده من قبل المتدينين على رؤى وافكار النشء فكان جوهر تأثيره ومناط حصيلته،

خلق جيل هش، مرتاب متزعزع الثقة، رسمت في ذهنه الواعي،

صورة مفادها بان دينه سوف تنهار اركانه وتتصدع جدرانه حينما تلقى على سمعه فيض من الشبهات، من مفكر بارع، او قراءة في كتاب فيلسوف يغازل العقل والمنطق،

فتجده يضع قطنا في أذنيه، مانعا، عازلا اصوات قادمة، من افواه المختلفين معنا، عقائديا وفكريا،

او غاضا بصره خيفة ورهبة، من مطالعة صفحات خطت بأيدي العقلانيين والفلاسفة الزنادقة،

وفي أضعفها هروبا من المكان لتواجد احد المغضوب عليهم، او ضالا حل قريبا منهم .. بهذه التوصيفات والاحكام المسبقة منهم،

جعلوا الاسئلة المكبوتة في النفوس على صفيح ساخن، تنتظر لحظه انفجار من اضعف نقاطها قوة

وهذا قانون طبيعي يثبت صحته مالم يبادر الى تفريغها والعمل على معالجتها اشباعا بالاجوبة والتفسيرات العقلية والمنطقية لا منعها والحجر عليها.

وهنا نسال هل ديننا بهذا البنيان الشامخ وركائزه المتينة تتهاوى عند التعرض لاي شبهة عابرة اوهزة يتعرض لها من مخالف تسقط اركانه؟

الشباب في انعزال تام

بتصوراتهم الخاطئة وسوء فهمهم، وضعوا شبابنا في انعزال تام عن نفس واريج الثقافات الاخرى،

واضعين حواجز صادة عن كل جديد في عالم متغير، بزوغا في الافكار، واستحداثا في الاطروحات تجديدا لها ، واستثباتا منها،

فمع هذا المنع والانفتاح الكلي المعرفي، في عصر العولمة والانكشاف الكلي

لجميع انواع المعارف على الشبكة العنكبوتية والتواصل الاجتماعي.

اصبحت الاجيال والنشء منها تصارع افكارا استقوها، ومفاهيم اختزنوها منذ صغرهم ، بأنهم يملكون حقائق لا تقبل التشكيك فيها، او اعادة التدقيق والتمحيص لها،

وبين معلومات اخرى انهالت وانبثقت متفجرة عن عيون وسيول جارفة ومكامن تخزين، اريد لها الا تظهر على السطح ولكن بتآمر منها،

وبحث عن منفذ نورها وبزوغ فجرها، ارتمت في احضان التكنلوجيا الحديثة فوسعتها، وفكت اغلالها وجعلتها حرة طليقة،

فاصبحت صعبة المراس وتمردت على اسيادها، وابت الا ظهورا وابرازا لوجهها الجميل، الشفاف الذي طالما كنا في حاجة ماسة اليها ،

هنا ظهرت الوان عالية الدقة والوضوح، فجذبت الاعين لها، وخطفت العقول واسرت النفوس بحقائقها، وجمال تشكلها،

بعدما ألفت صورة قاتمة لفنانين محدودي الابداع والسطحية في التفكير، وبعدا في فهمها وعمقا في معناها،

استخدموا فنا احادي الجانب وبريشة لا تستصيغ من الالوان غير

ابيضها معنا، او اسودها لمن يقطن في الجهة الاخرى من ضفتهم.

لكنني بتفائل تام من قادم الايام ينبيء بظهور فنانين مبدعين يستطيعون تشكيل لوحات تضم الكل وتبهر العقول،

في متحف عرض يحوي الجميع ، ويتبادلوا الاراء في كنف النقد بأيطار الاحترام والسلام.

Exit mobile version