الخبيئة الصالحة !!! مقال للكاتبة د. نيرمين ماجد البورنو عن العمل الصالح وفعله سراً بعيداً عن الشهرة وحب الظهور عندما تكون التجارة مع الله وحده
الخبيئة الصالحة !!!
د .نيرمين ماجد البورنو
لقد قيل شيئان يحددان من أنت : صبرك عندما لا تملك شيئا وأخلاقك عندما تملك كل شيء ,
و تعتبر الخبيئة الصالحة كنز من كنوز الحسنات ؛ لأنها عبارة عن عبادة وطاعة وعمل يقوم به الشخص ولا يطلع عليه أحد من أهله الى أن يلقي الله سبحان وتعالي
وذلك بغرض التقرب من الله
وهي من غير الفريضة فقد تكون أذكار تقولها أو ركعات تصليها أو صدقة تخفيها أو آيات تتلوها أو أعمال بالخفاء تفعلها أو قضاء الدين عن المدين أو مساعدة الأيتام
وقد تكون دمعة أخفيتها عن والديك أو عملا أجلته من أجلهم أو غصة ابتلعتها ابتغاء رضى الله أو أذى من ذي رحم ظلوم
أو وجعا تكابده ولا يعلمه الا خالقك أو تسبيحة في خلوة وصيام أيام لا يعلم بها أحد ؛
وذكر لله عز وجل وختمات للقران لا يعلم بها أحد ؛
وركعات في جوف الليل واستغفار بالأسحار ؛ فقد تكون عملا يسيرا والجزاء عند الله العظيم .
ما هي الخبيئة الصالحة
إذن هي أفعال وأعمال لا يستطيع أن يفعلها المنافقون ولا حتى المراؤون ؛ لأنها مغلفة بالصدق ومعطرة بالإخلاص ومحاطة بالكتمان ؛
فلا يغرنك جنون الشهرة والنجومية واللهث وراء الشهرة والبروز فالتجارة مع الله رابحة وما الربح الا ربح الاخرة ؛
فلتكن الخبيئة الصالحة مغلفة بصدق ومعطرة بالإخلاص ومحاطة بالكتمان حتى لا تفقد جمالها وأجرها ؛
وان أعمال السر لا يثبت عليها إلا الصادقون, فهي زينة الخلوات بين العبد وبين ربه ؛
فإذا انتشرت أعمال السر بين المسلمين ظهرت البركة وعم الخير بين الناس ؛
فلقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته على صدقة السر فقال صلى الله عليه وسلم: «وصدقة السر تطفئ غضب الرب».
فاجعل بينك وبين الله مشاريع خفية لا يعيد الناس تغريدها , ولا ترصدها العدسات ولا تخافت بها صديقاً ولا تحدث بها قريباً ؛
اذن فليكن لك خبيئة لا يعلمها سواك ومن سّواك لأنها ستكون لك حرزاً من كل ضرر وخطر وسترفعك اذا سقطت وتقدمك اذا رجعت
وستجد حلاوتها في نفسك وبركتها في أيامك وعمرك وصحتك فان لم تنل ثمرتها في الدنيا فترقبها في الاخرى.
مواسم العمل الصالح
والخبيئات ليست لها مواعيد محددة خلال السنه كما يعتقد البعض ؛
فنجد البعض يتصدق ويساهم في أعمال الخير والتطوع خلال شهر رمضان فقط ؛
فهل فعل الخير بأن تسخر النفوس لفعل الخير خلال هذا الشهر الفضيل فقط ؛
لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك العمل فهو شيء طيب وجميل ومفرخ ولكن الأجمل والأفضل لذلك الخير والانسان الفاعل للخير هو أن يرافق تقديم ذلك الخير الاخلاص في النية
وأن يكون الهدف الاسمي من العمل أو الفعل هو لله وحده
لذلك يجب أن يجرد فعل الخير من حب الظهور عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعدم تصوير ذلك الفعل ونتغنى به بالصحف والمقالات العريضة ؛
فهل هي سياسة حب الظهور ؟
أم هي رغبة في دعوة الاخرين للاقتداء بهم ؟
أم هي حب إثبات الظهور للأشخاص المقدمين للعون ؟
فلما كل ذلك التصرف ؟
الا ينقص هذا من ثواب الاجر ؟
ام أصبح من المهم لدي فاعل الخير اثبات حضوره وانه يريد ترك بصمة تشهد له في الدنيا وانه ايقونة العطاء والمتفضل على المحتاجين والفقراء ويصبح مختار الحارة !!!
وهل فعل الخير يلتقي مع الشهرة ؟
فمن المؤسف أن يكون فعلنا للخير مجرد مادة إعلامية نسوق بها منتجاتنا ونرفع بها أسهم شركاتنا ومؤسساتنا …
وما الغرض من المبادرات الخيرية التي يقوم بها الفنانين على صعيد الأغاني والكليبات والمنافسة في جمع التبرعات والمشاركة في الحفلات والاعلانات
فهل هي نابعة من قلوبهم واحساسهم بالمسؤولية ام عقدة التباهي والتظاهر أمام الجمهور بالتعاطف مع المحتاجين ؛
فمن أرد ان يساعد فقريا فلا يستعرض ويتصور بطريقة ” برامج الشو ” من أجل الشهرة ويستغل حاجة الاخر ؛
فلنكن مثال طيب لفعل الخبيئات التي نؤجر عليها من الله ولا نطلب الاجر من العباد
فلنبادر ونسرع في فعلها لنكسب ونربح ربحاً وفيراً وفلاحاً وسعادة في الدنيا والآخرة .