Site icon حديقة المقالات

العلمانية العربية : التحول الخطير فيها للدكتور عبدالحميد بنعلي

العلمانية العربية

#العلمانية العربية : التحول الخطير فيها للدكتور عبدالحميد بنعلي، مقال في سياق الرد على شبهات التيار العلماني في العالم العربي ، تناول فيه الكلام عن الأسلوب العلماني القديم والحديث في محاربة الإسلام وعرض بعض شبههم ومستقبل هذا العداء ، جاء المقال في ٧٤٦ كلمة و ٤٩ فقرة يستغرق للقراءة الصامتة ٤ دقائق و ٨ ثوان ٫ تكرر فيه عبارات (الدين ٥، المنهج ٣، التيار ٣ ، الباطنية ٣ الشرع ٣ الشريعة ٣ الفشل ٣ )

العلمانية العربية : التحول الخطير في العلمانية العربية للدكتور عبدالحميد بنعلي

طيلة خمسين سنة أو تزيد أي منذ انتشار المد الشيوعي في العالم العربي والإسلامي،

كان المنهج العام لأصحاب هذا التيار هو الإعلان الصريح الواضح عن معاداة القرآن والسنة،

وأن تعاليمهما محض تخلف وتطرف ورجعية وظلام مع البوح بالكفر والإلحاد.

فكانت النتيجة أن تصادم هذا التيار مع جمهور المسلمين، ولم يتقبلوهم أو يتقبلوا أفكارهم إلا تحت الإكراه القسري، وفي حدود ضيقة.

ولم يكن جمهور المسلمين يعتقدون أن هؤلاء مسلمون، بل كفروهم ورأوا مروقهم من الدين،

وفي نفس الوقت لم يضر ذلك أصحاب هذا التيار، فهم كانوا يصرحون بشيوعيتهم وإلحادهم، فكانوا صرحاء شجعانا غير منافقين.

العلمانية العربية : تقمص العلمانيين للإسلام:

لكن بعد عدة مداولات في الدوائر الغربية الساهرة على نشر الكفر في الأوطان الإسلامية رأوا أن هذه الطريقة غير مجدية البتة،

فالمسلم لا يمكنه أن يتقبل فكرة أو طرحا مخالفا للإسلام ممن يجاهر بمعاداة #الإسلام وعدم الإيمان به.

وتفتقت العقول المجتمعة عن فكرة شيطانية لعينة، تجلت هذه الفكرة في وجوب تقمص العلمانيين للإسلام،

والتظاهر بأنهم مسلمون حتى النخاع، وأنهم إنما يدافعون عن الإسلام نفسه، وينطلقون من دلائله ووحيه،

وأن هدفهم إنما هو محاربة التخلف الذي ألصق زورا بالإسلام وهو منه بريء !!!

وبعد ذلك صار أصحاب هذا التيار يسمون بأسماء بعيدة عن مفاهيم العلمانية والحداثة وما إلى ذلك،

صاروا يسمون ب”المفكر الإسلامي”، و”الباحث في العلوم الشرعية”،

وبعد أن كنا نراهم يلبسون الكرافيتة محلقين ذقونهم ومقصرين صرنا نراهم وهم يلبسون عمائم الشيوخ، ويسبلون لحى التيوس،

ومنهم من التزم باللبس الافرنجي ولكن من منطلق شرعي !

شبه الباطنية الجدد :

لم يعوز هؤلاء الباطنية الجدد أن يجدوا في متشابه القرآن والسنة وأخطاء علماء الملة ما يسعف مرادهم من تحريف الشرع وتبديله؛

وقد استفادوا في التنكيل بالعلماء والمصلحين من أسلافهم الخوارج الذين كانوا يذبحون المسلمين بالقرآن !

واستفادوا في إنكار بعض العقائد من المعتزلة الذين أنكروا القدر بالقرآن،

واستفادوا في تأويلاتهم من الباطنية الذين حرفوا القران بالقران !

واستفادوا في نشر الفواحش من الشيعة الذين أباحوا الزنا بالقرآن!،

ووجدوا في رخص المذاهب وسقطات العلماء ما يريحهم من عناء الاحتجاج وتكلف الرد على النصوص، فجعلوا الخلاف الشاذ دليلا، والرخصة عزيمة، والزلة صواباً.

كما وجد هؤلاء مدخلا واسعاً في علم مقاصد الشريعة الذي وضعه العلماء لحفظ الشريعة،

ولكن هؤلاء جعلوه معولا لهدم الشريعة، والتنويه في خضم ذلك بعظمة هذه الشريعة الغراء التي تراعي خصوصية كل زمان ومكان وجنس،

فهي إنما تكون صارمة مع البدو الأجلاف تقيم عليهم الحدود وتتوعدهم بالويل والثبور وعظيم الأمور،

لأنهم وحوش بشرية متخلفون لا يردعهم إلا الصرامة والحزم، ولكنها تلين مع المتحضرين المتمدنين،

فلا لوم في اختلاظهم ولا تبرجهم ولا زناهم ولا شربهم،

ويكفي القاتل منهم بضع سنوات ليصلح حاله ويطلق سراحه؛ لأنه لم يعد بدويا شريرا لا يقطع شره إلا القصاص !!

تغيير الشرع بالشرع وهدم الدين بالدين :

كان نتاج هذا التحول الرهيب مئات المؤلفات والأطروحات التي تعزز هدم الدين بالدين نفسه، وتغيير الشرع بالشرع نفسه، وإباحة الحرام بالقرآن والسنة وبأقوال سلف الأمة،

فرأينا كتبا في إباحة الزنا والمسكرات، وكتبا في إباحة اللواط، وأبحاثا في تحليل الربا والقمار والميسر،

وأخرى في مشروعية القوانين الوضعية وتحريم تطبيق الشريعة الظاهرة ! واغتر لهذا المنهج أمم من الأغمار وأصحاب الأهواء وخفيفو الدين.

والحق يقال: إن أصحاب المنهج الأول كانوا أقل ضررا وأقل إثما من هؤلاء؛

لأن أولئك كانوا من البداية يصرحون بأنهم لا يؤمنون بالإسلام، ويقرون بأن ما يدعون إليه يخالف شرائع الإسلام،

أما هؤلاء فيزعمون أنهم مسلمون، وأن كل ما يدعون إليه موقع من الله سبحانه ومن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم،

يحذون في ذلك حذو أسلافهم الذين قال الله عنهم: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها ! قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} الآية.

حتمية الفشل لمن حارب الدين :

ومع هذا كله، فمصير هذه الطائفة كمصير أسلافهم، الفشل ثم الفشل ثم الفشل، فإن هذا الدين مهما تحايل المبطلون في إبطاله يظل راسخا عزيزا شامخا إلى يوم الدين،

ولا بد أن يقيض الله من أهل العلم الصادقين من يكشف عوار هؤلاء المنافقين، ويبين كيدهم بالإسلام والمسلمين،

وقد قال الإمام أحمد في مقدمة رسالته التي رد فيها على الجهمية:

( الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى، ويصبرون منهم على الأذى،

يحيون بكتاب الله الموتى، ويبصرون بنور الله أهل العمى، فكم من قتيل لإبليس قد أحيوه،

وكم من ضال تائه هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم!

ينفون عن كتاب الله تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، الذين عقدوا ألوية البدعة، وأطلقوا عقال الفتنة،

فهم مختلفون في الكتاب، مخالفون للكتاب، متفقون على مخالفة الكتاب، يقولون على الله، وفي الله، وفي كتاب الله بغير علم،

يتكلمون بالمتشابه من الكلام، ويخدعون جهال الناس بما يشبهون عليهم، فنعوذ بالله من فتن المضلين..)

د. عبد الحميد بنعلي

 

مقالات الدكتور عبدالحميد بنعلي في حديقة المقالات

اقرأ كتاب : أثر الخلاف الفقهي على الحكم القضائي للدكتور عبدالحميد بنعلي

Exit mobile version