كورونا الصفقة والصفعة مقال للكاتبة أ. نعمة علي عن زمن الكورونا والتحديات، الوعي واللاوعي، المستقبل والحاضر، الصفقة والصفعة، المواجهات والنتائج.
كورونا الصفقة والصفعة
بقلم : نعمة علي
في قادم الأزمان سنحكي عن هذه الفترة التي نعيشها -وأقول فترة لآنها ستمر بإذن موجدها- ومن الجيد أننا نعيش في زمن التكنولوجيا والتطور، لذا فسيكون لدينا أدلة وبراهين نعرضها لأحفادنا ولن نكون محل تشكيك وتكذيب، كما حدث مع الأجداد إذ كنا لا نصدقهم في كثير من أحاديثهم حول أحداث مروا بها وبفضل الله تجاوزوها.
زمن الكورونا والتحديات، الوعي واللاوعي، المستقبل والحاضر، الصفقة والصفعة، المواجهات والنتائج.
مرض مجهري هز أركان الدول العظمى، وأسقط كيانات اقتصادية هرمة، أوقف الحياة في الكثير من الأماكن التي لم تخلو من البشر يومًا.
ما نواجه اليوم ليس بالضرورة أن يكون بلاء فقط، فهو من ناحية خير أيضا وفائدة لمن لم يجد له حظ في الوقت الذي سبق هذا المرض.
في هذا الوقت اللا مفهوم الذي يمر به الكوكب ويتأثر به كل كائن على سطح هذه المعمورة نجد الكثير من الصفقات التي قدمت إلينا، والكثير من الصفعات التي تلقيناها.
الانسان أخذ استراحة قصيرة تعرف فيها على الكثير من الجوانب في نفسه وأهل بيته، إذ كان نمط حياته المفروضة التي تقيده تخفي عنه الكثير من الأشياء التي يجب أن تكون طبيعية بحته، الحيوان أيضا أخذ حرية أكبر في التنقل كما شاء، حتى إن أكثر الحيوانات بريةً باتت تجوب المدينة طولًا وعرضًا دون خوف!! من يصدق ذلك لولا أن كورونا لم يأتي من حيث لا ندري.
ربما كانت بداية الحجر المنزلي ليست سيئة، لكن مع الاستمرار باتت مملة، لماذا؟؟؟
ببساطة لأننا لا نعيش حقا بأرواحنا وعواطفنا وراحتنا في بيوتنا بل معظم العمر ينقضي ونحن خارج أنفسنا ومنازلنا.
أصبحت الحياة في خارج البيت مألوفة أكثر من الحياة في البيت نفسه، ذلك ليس بسببنا نحن، بل بسبب الظروف وربما نكون نحن من أوجدنا جزء من هذه الظروف، ولكن إلا يجب أن نعود لطبيعتنا ولو لفترة وجيزة فذلك سيخفف من القيود التي تفرضها الحياة المدنية.
لماذا لا يحب البعض هذا النمط الجديد من الحياة التي هي جزء منها ونحن جزء منها؟
الحقيقة أن الانسان خلق محبًا للشقاء لذا فهم يبحث عنه دائما وبجهد جبار.
فلا شيء بقي كما كان سابقا، ولا شيء سيبقى كما هو الآن، وهذا بالتأكيد ما يعرفه الجميع.
كل شيء كان موجودا في زمن الكورونا سيطرأ عليه تغييرا، ولا ريب في ذلك، حتى إن جينات الانسان ستتغير كما كشفت بعض الدراسات.
السؤال الأهم هنا، هل ستتغير أخلاق البشر إلى الأفضل، أقصد من ناحية التعاون والتلاحم أم أن الطمع والخذلان سيزيد أكثر من أي وقت مضى.
الانسان خليط من أخلاق متباينة، ما أن يطغى خلق على خلق حتى يبدأ الصراع ويظهر الجوهر الحقيقي للإنسان.
حقيقةً لا رغبة لي بالتشاؤم ولا التشكيك في الأمر، ولا أريد سوى قول واحد، وهو أن طبيعة الانسان لن تتغير، وهي متأرجحة لا ثبات لها، الظروف والوقت هما الحكم النهائي لكل شيء.
إن الطبيعة البشرية تحتم على الانسان التعايش مهما كانت الأحوال التي يمر بها البشر، وهذا ما يجعل الانسان كائنا مقاوما لكل أشكال المخاوف والمصائب.
لذا من الواجب إدراك أن هذا المرض ليس إلا نقطة في بحر مما أصاب الأرض -وليس الانسان فقط – من ابتلاءات ومصائب شتى.
الفائدة الأعظم في الدروس التي رأيناها وجربناها هي أن ليست كل التوقعات واستطلاعات الرأي دائما على صواب، كثيرا ما كنا نظن أن المستقبل سيكون كما أردنا نحن وليس كما تجري الظروف.
الأوهام التي صدقها البعض بأن هنالك أبطالًا بإمكانها تغيير وجه الكوكب واعادة الامور إلى نصابها في وقت وجيز، كل ذلك كان صفعة في وجوه بعض ممن أفرطوا في الأحلام والخيالات.
الصور التي تظهر أمريكا والدول الكبرى بأنها منقذة وذات قدرة كبيرة على التخلص والتجاوز ذهبت مع الريح.
لا أقولها هنا شماتةً، فالعدو واحد وفشلنا واحد ونجاحنا واحد
-بصفتنا بشرا على الأقل-ولكن الصفعة كانت قوية جدا ومنهكة، فهناك ملايين المصابين في أمريكا وحدها، وكنا نعتقد أنها لن تواجه مصاعب كبيرة أبدًا، فلطالما كانت هي القوة في نظرنا، وكورونا قد جعل الجميع أقزامًا أمامه لا أحد أفضل من الأخر سوى باستعداداته.
مما يجعلنا ندرك حقا أن العمل والاجتهاد والقوة التي يجب أن نتحلى بها يجب أن تكون اعتماد ذاتي وموضوعي حقا.
لا توهمكم الأفلام التي ترونها والخدع!!!!
الكاتب قادر على بناء عوالم واختلاقها من لا شيء، ويستطيع أن ينقذ الجميع من خلال أبطاله في اللحظة الأخيرة، يخترع الدواء ويجلب الأبطال ويربطهم ببعضهم البعض، يفرض القوة ويبسط الأمن والخير، وكل ما نحلم به الآن وسابقا ومستقبلا، لكن ذلك حتما سيكون في خياله ورأسه فقط!!
قد نصاب بالخيبة جراء ما يحدث فكثير من الناس إن لم أقل جميعهم كانوا يظنون أن هذا المرض لن يتجاوز دولة أو دولتين أو أنه سيقضى عليه بحلول أسابيع منذ بدايته، واليوم نراه ينتشر في أغلب دول العالم إن لم تكن جميعها وبأعداد لم نكن نتوقعها.
في بداية الأزمة كانت أظن شخصيًا -وبعض الظن إثم- أن الكمامة ستكون من أبسط الأشياء التي يمكن توفرها وفي كل مكان، و يا للأسف في أكثر الدول تقدما كانت القطاعات الصحية تشتكي من نقصانها، الكمامة! نعم الكمامة و يا للأسف مرارًا وتكرارًا.
لماذا كل هذا الفشل الذي واجهنا نحن معشر البشر؟
إذن ما لحل؟
الحل هو أن نعمل وأن لا نتكل، أن نجتهد ,أن لا نتوانى، أن لا ننتظر المصيبة حتى تقع، بل يجب التجهيز والاستعداد لمواجهة كل ما يمكنه أن يحدد حياة الانسان.
سؤالي الأخير، هل سنتعلم؟؟؟
بفضل الله ثم فضل كل الوسائل التي يمتلكها الانسان سينتهي هذا الكابوس قريبا ولعله لن يتكرر، وإذا تكرر ستكون المواجهة أقوى مما هي عليه الآن، فلنأمل خيرا.
Be the first to comment on "كورونا الصفقة والصفعة"