المرجعية تحدد القوى المعطلة للحكومة
واثق الجابري
أصدرت المرجعية الدينية العليا، توجيهات على شكل بيان، في الذكرى الخامسة لفتواها المباركة، وكأنها تقيم لأداء المقاتلين والعمل السياسي، بعد عامين من تحقيق النصر على داعش، وما تراه إنعكاس على أفعال القوى السياسية، وماذا حققوا للمقاتلين والشهداء والجرحى، وكيف أداروا البلاد بعد الملحمة التاريخية، وما هي الدروس لتحقيق مكاسب سياسية للدولة، وكيف تفكر القوى بإستثمار النصر أو إستغلاله؟!
كل القوى ستتنصل من المسؤولية، وترمي ما عليها على الآخر، وأفضل طريق للهروب الجماعي، أن ترمي التقصير على الحكومة، وكأنها غير معنية.
أشادت المرجعية في بداية بيانها، بتضحيات المقاتلين، وتمنت للجرحى الشفاء، وبذلك لم تقصد قوة سياسية بذاتها، بل من تطوعوا إستجابة للفتوى، وأن كان منهم من ألتحق مع قوة سياسية لها فصيل مسلح، وليس بالضرورة أن يكون المقاتل منتمياً حزبياً، بل ما يجمع المتطوعين هي فتوى المرجعية.
لم تتوقف المرجعية عن تواصلها مع المقاتلين، وطيلة الوقت كانت تسميهم المتطوعين، بما للكلمة من معنى، حيث لا يرجو المتطوع منفعة شخصية، وتصل التوجيهات يومياً الى الساتر الأمامي، بما تحمل من متغيرات المعركة، ومواجهة أية خروقات، وفي كل الأحوال قدمت الحالة الإنسانية على القتال، وإنقاذ الأبرياء على ملاحقة الإرهابي، ورفع راية العراق دون بقية الرايات.
كانت المعركة بمجملها، للحفاظ على كرامة شعب ووحدة نظامه السياسي، بما يحقق ذلك عدالة إجتماعية وخدمة تسير بأشكالها الطبيعية، والمحافظة على القوانين النافذة من الدولة العراقية، وبذلك حافظت على بقاء القوى السياسية، ومن خلال مشاهدات الناخبين، برزت قوى نتيجة مشاركتها في المعركة، وأخرى حافظت على جمهورها، تبعاً للعقيدة السياسية والدينية.
ما أشارت له المرجعية بعد خمسة سنوات، يشير الى تقيم الأداء السياسي، ويؤشر الى قلقلها من بعض القوى السياسية، التي وصفتها بالتكالب على المغانم والمناصب، ولم تُكمل الكابينة الحكومية نتيجة هذه الصراعات المصلحية، وبذا حملتها مسؤولية تأخير تنفيذ البرنامج الحكومي، وإشغال الساحة لتقاطعها مع مصالح بعض القوى، وبذلك لم تتحقق الخطوات الفاعلة في محاربة الفساد.
وصفت المرجعية قوتين، هما المسؤولان عن التعثر، أولهما لها تأثير في الساحة السياسية، وتحاول إبقاء هيمنتها على المشهد السياسي، ولا تتخلى عن مواقف تسعى منها لحصول مزيد من المكاسب، مستفيدة من عدد مقاعدها النيابية، والآخرى برزت بعد الفتوى المباركة، وصار لها جمهور وعدد مقاعد برلمانية، وتحكمها بالمشهد السياسي وخلافهما وإتفاقهما لمصالح كتلوية، وبذلك أُستغلت تضحيات المقاتلين، ونداءات المواطنين المطالبين بالخدمات، وأن أتفقا فهو تقسيم بينهما، وأن إختلفا فلأجل ضغط أحدهما على الآخر، وهذا معطل لتشكيل الحكومة وتقديم الخدمات.
دعوة المرجعية للجهاد، لم تقصد بها جهة سياسية ولا طائفة دينية، بل لكل العراقيين، ولا تقصد لخدمة طرف سياسي على حساب العراق، بل لم يفكر مقاتلاً بالحصول على مكسب سياسي، ولا مقعد برلماني، أو يتبوء قائد سياسي مكان مرموق في قيادة الدولة، أو له حصة وزارية حسب تقسيمات المحاصصة، ولا حيز من الدرجات الخاصة، وإنما التضحيات لإستقرار العراق أمنياً وسياسياً، ولأجل ذلك طلقوا الدنيا وتركوا المال والعيال، وكان المفترض أن تتذخها القوى السياسية؛ دروس للتلاحم ووحدة الشعب والأداء السياسي الفاعل.
ستفسر القوى السياسية بيان المرجعية حسب ما يناسبها، ولكن اللوم موجه لقوى سياسية معطلة لأعمال حكومة أختارتها وتعرف لا بديل عنها إلا المجهول، ولكنها تعرقل للحصول على مكاسب سياسية، وتتكالب على المغانم، وتمنع تطبيق البرنامج الحكومي، الي سينقذ القوى السياسية برمتها، لكنها ما تزال تراوح في مكانها وتتزاحم على مغانم حزبية وشخصية، وأن كان جزء من تزاحمها متاجرة بتضحيات المقاتلين والشهداء، الذين ما يزال معظمهم بلا سكن، وينتظر جمعية خيرية.
واثق الجابري