لعنّة الكرسي !!! مقال للكاتبة د. نيرمين البورنو .. لماذا السعي والموت من أجل البقاء في منصب زائل بحكم الزمن وبحكم التاريخ وبحكم سنة الحياة
لعنّة الكرسي !!!
د .نيرمين ماجد البورنو
مساكين هؤلاء المشتاقين للمناصب فلقد باتوا يتغزلون بالكراسي للحد الذي وصل حد الجنون ؛
بل الى حد الهوس ينامون فيحلمون بأنفسهم بأنهم قد جلسوا على الكرسي فاذا ما افاقوا من النوم ووجدوا أنفسهم يعيشوا كابوس محزن فتجدهم يتمنون أن تحل مصيبه وكارثة وفضحيه تطيح بالشخص الجالس على الكرسي لكي يحل محله ؛
فلقد أتقنوا فن الانتظار طويلا للوصول الى الغاية مهما عذبهم الملل فنجدهم تتغير وتتفتح مساماتهم أكثر كلما جاءت سيرة أو ريحة أي منصب ؛
فلقد تعلمنا في علوم الادارة عندما يكون الشخص أكبر من المنصب تجده إنسان متواضع وعادل ومنتج حقا ؛
وعندما يكون المنصب أكبر من الشخص تجده مغرور وظالم وأحمق !!!
فهل صدق هذا العلم في وصف حالنا اليوم وما توصل اليه حال الكرسي من عله تسمي بمرض حب الكرسي !!!
وهل هذا المرض منتشر بكثرة في الدول ذات الأنظمة الديمقراطية أم الديكتاتورية !!!
وهل هذه العله منتشرة بكثرة في الدول العربية أم الاوروبية !!!
فلماذا إذن التمسك بالكرسي إذا كان أساس وجوده لخدمة الناس ومعاونتهم !!!
ولماذا السعي والموت من أجل البقاء في منصب زائل بحكم الزمن وبحكم التاريخ وبحكم سنة الحياة !!!!
إن مظاهر التشبث بالكرسي رأيناها في الكثير من المؤسسات بمختلف أنواعها وأطيافها ؛
وقد انتشرت تلك الظاهرة بكثرة في البلاد العربية وازدادت في الأنظمة الديكتاتورية ؛
وقلت في البلاد الديمقراطية حتى باتت توصف بالفايروس الذي يسيطر على السواد الأعظم من المجتمعات؛
حيث أشارت الاحصائيات الاخيرة الي انه يصل أقل معدلاته في الدنمارك والسويد؛
فالمناصب دوارة الا في بعض الدول العربية حيث اعتدنا أن نسمع عن تولي شخصا ما منصبا لكنه بالعفل قد أحتل المنصب وطبعا هنالك فارق كبير بين تولي منصب أو احتلاله !!!
ولا يمكن خلعه من منصبه إلا بمعجزة!!!
للأسف فقد يكون إنسانا فاشلا وتافها وجاهلا ؛ ولكنه يستمد قيمته من منصبه؛
فما إن يحتل المنصب حتى يتحول لخبير ليس كمثله خبير؛
ومن المؤسف أن كل صاحب منصب يجذب نحوه من المنافقين يشبعون غروره ويتلون عليه ما يحب أن يسمعه فقط؛
وكلما تحدثوا اقتنع الرجل ويزداد غرورا وتمسكا بالمنصب.. ويزداد توحدا معه , والتوحد كما نعلم مرض يصيب الأطفال ؛
ولم يتوصل الأطباء لغاية الان لعلاج مناسب له فما زالوا عاكفون على معرفة أسباب انتشاره الواسع ؛
وأما التوحد مع المنصب فالحمد لله علاجه معروف وجلي لمن أرد أن يقتصه ويعالجه ؛
فالديمقراطية جلية وتأثيرها مثل السحر في علاج تلك الظاهرة
فقد تجعل من يعتلي المنصب مدرك مهامه ويعمل على تنفيذها وانه لو اخفق في بعض جوانبها سيترك المنصب لمن يقدر ويعمل على انجاح هذه التكليف
لأنه مدرك تماما بان منصبه ليس تكريما ولا تشريفا ولكنه عباره عن مسؤوليات جسام سيحاسب عليها أمام الله .
فالمناصب لا تدوم وما يدوم هو فقط النجاح في العمل والتميز به والتألق والاصرار على الوصول الى تحقيق الطموحات المهنية في مجال عملك
والبعد عن العادات والمعوقات والصورة الخاطئة بالتمسك بالمنصب دون الارتقاء فإذا لم يغيرك المنصب؛
فبالتأكيد أنت من النوادر،
ومن الذين لا ترهقهم الحياة،
ولا يعني لهم زخرفها شيئاً،
فحاول أن تقدم ما يساعد على التسهيل على العباد،
ويصرف عنهم العناء والشقاء ،
وما يبقى لك بعد أن تترك المنصب،
ويذكر ما قدمت فتحمد وتشكر،
ويدعى لك في ظهر الغيب،
وإذا حدث العكس فستندم كثيراً،
فلا تكن من النادمين ؛
فالتمسك بكرسي العمل دون التحرر منه والنظر إلى الارتقاء الوظيفي ما هو إلا سجن مهني؛
فالكراسي يا ساده ما هي الا حلقة تدور بين تشريف وتكليف !!!