كوابيس أطفال غزة !!! مقال للكاتبة د. ياسمين نايف عليان تطرق إلى الحديث عن حال الأطفال في غزة، كيف تتحول أحلام الأطفال إلى كوابيس
كوابيس أطفال غزة !!!
د. ياسمين نايف عليان
تعتبر أحلام الأطفال هي العالم الذي يعبر فيه الطفل عن حاجاته وأمنياته ، وهي المسرح الذي يلعب به بحرية بعيداً عن قيود وجبروت الحياة ،
وهي المكان الذي يعبر به الطفل عن إبداعه وأفكاره وخياله فهي تمثل جزء كبير من نموه الذهني والفكري المستقبلي.
فلقد استطاع الاحتلال الاسرائيلي بانتهاكاته وجبروته وقسوته وحصاره وحروبه المستمرة تدمير أحلام الأطفال في غزة ليحولها الى كوابيس مفزعه ،
فيستيقظ الاطفال ليلا على صراخ وبكاء يتخلله التوتر والقلق والرجفة والخوف وأحيانا الرعب والتعرق الشديد ،
و أصبح الصراخ لا يأتي فقط بوجود ضرب الطائرات أو المدفعيات وإنما أيضا بأشياء مصاحبه لها مثل سماع رعد المطر وصوت الزنانه أو حتى الألعاب النارية ،
أصبحت كوابيس الطفل حاضره ليلا ونهارا سواء كان نائما ام مستيقظا بوجود سبب حقيقي أولا، كأشياء مرتبط به ،
كالمظاهرات وأصوات التكبير وتشييع الشهداء، أو ذكر تجدد الحرب أو الضرب على غزة، يهرع الأطفال مرتجفين متخبطين الأقدام راكدين صارخين أمي أبي ضموني خبأوني ،
أين أخي أين أخواتي ، لنختبئ لنهرب جميعا سيقتلونا !!!
واقع مرير و أطفال لوثت أحلامهم الدم والموت والحرب والدمار , فكتبهم ممزقة وألعابهم مدمرة وأماكنهم وذكرياتهم ملوثة وأحبائهم ذهبت أرواحهم بلا عودة ،
ومن نجي منهم أصبح معاقا أو مشوه بصور بشعة ، صور ومناظر يرفض عقل الإنسان الراشد تقبلها! فكيف للطفولة الغزاوية تحملها ؟؟؟
وكيف ستجسدها أحلامهم وفكرهم ؟؟؟ وكيف ستنعكس على سلوكهم وأدائهم في الحياة ؟؟؟
غير كوابيس قتلت طموحهم وزعزت مناهم , وظلام قهر آمالهم، وألم وعنف وعجز ، فمنهم من يصرخ بكاءا على فقدان عزيز من الأهل ، والبعض يصرخ بكاء على أقربائه وأصدقائه وذكرياته ، والبعض يصرخ بكاء على ما رأى وسمع متأثرا بآلام من حوله ،
وبعضهم يصرخ مع تجدد المسيرات كأنها تحيي سيناريوهات مخزنه في عقل الطفل تحمل في باطنها ذكريات مأساويه مرعبه مرتبطة بفكر حرب متجدده ، وبعضهم يصرخ نتيجة لسماع ضرب المدفعية أو غارات الطائرات الحربية سواء الحقيقة أو الوهمية ،
جميعها كوابيس مفزعه عكستها رسوماتهم المؤلمة التفسير ،الغالبة بألوانها القاتمة السوداء والحمراء التي تحمل في مضمونها ألم ،
وبكاء وظلم وعنف شديد ، وبراءة طفولة ضائعة متخبطة ،
وابتسامه لأمل يحيا ما بين الرماد والدمار، وكلمات موجعه تحاكي الضمير الانساني ، أين الأمان، أين الإنسانية ،
أين كتبي ، مدرستي بيتي أمي أبي أحبائي ، لماذا تقتولنا ، ماذا اقرفنا من ذنب أين نذهب،
طفولة واجيال شاخت دون معرفة بماهية الطفولة واللعبة , طفولة مكبلة تسال عن مستقبل يحمل دمعة وقصة معاناه في كل خطوة .
يجب الاسراع والتدخل من قبل المختصين والمؤسسات الحقوقية للتعامل مع معاناة أطفال غزة والعمل على توفير الأساسيات من أمن وأمان للطفل لضمان العلاج ،
فإذا كانت سماء غزة محاصره بحرا وبرا وجوا بمعنى خطر يهدد القطاع بغاراته المستمرة الحقيقية أو الوهمية التي تجدد أفكار اندلاع الحرب عند أطفال غزة كل يوم وفي كل وقت ،
فكيف للتدخلات النفسية لها بالنجاح بالتعامل مع أطفال غزة ،
أم هي أصبحت مجرد كبسولات آمان ايحائية مؤقته تعطى للطفل للتأقلم والتكيف مع وضعه الحالي مثل خطط تقليل الضرر ،
مما يعني أن براءة الطفولة الغزاوية قد تضررت بشده , ولو شبهتها بالمسمار الذي دق بلوح الخشب يمكن علاجه بخلع المسمار من لوح الخشب
ولكن لا يمكن محو أثره من لوح الخشب الذي يبقى على مر الزمان يرافق الطفل ويؤثر عليه في كافة جوانب حياته
فتصبح ناتج أحلام غزة جيل يحمل مستقبلا إما شخصيات ضعيفة تشعر بالقهر والانكسار والعجز وترضى بقليلها ،
أو شخصيات قويه ثائره غاضبه ترفض الظلم و تحمل في فكرها أما العيش بحريه أو الموت بكرامة فيصبح الدفاع عن حقوقها والانتقام هو السبيل لها برد الصاع بصاعين .
د. ياسمين نايف عليان