خالف تضرب … واقع الطلبة النقابيين في الجزائر لمحمد الطيب أمين، يرى الكاتب أن ممارسة الطالب للعمل النقابي يساعد على انشاء جيل قادر على ممارسة العمل السياسي
خالف تضرب … واقع الطلبة النقابيين في الجزائر
بقلم محمد الطيب أمين دبة
مثل جميع القطاعات في الوطن ، لا يخلوا مجال الخدمات الجامعية من المشكلات ،
و كونه من اكثر القطاعات نقائصا على المستوى الوطني أصبح أمرا مسلما فيه ،
فلا يكاد أحد الطلبة يتحدث عن نقص او تجاوز حتى يُقذف اليه بتلك الجملة الجاهزة ( هذا هو قطاع الخدمات ) .
و لعل ما يؤكد هذا الكلام الحوادث المأساوية العديدة ، منها موت طالبة في اقامة جامعية بورقلة ،
و موت اخر بالعاصمة (رحمهم الله و اسكنهم فسيح جنانه )، انتهاءا بحادث انكسار الدرج بفتاة في اقامة بورقلة الذي لولا حفظ الله و ستره لانتهى بما لا يحمد عقباه .
و من هنا فإننا نفهم الزامية توفير هيئات نقابية تساعد على السير الحسن للمؤسسات الجامعية ،و الحفاظ على حقوق الطلبة ،
و هذا هو الدور الذي انشئت من اجله النقابات الطلابية .
ان ممارسة الطالب للعمل النقابي يساعد على انشاء جيل قادر على ممارسة العمل السياسي و النشطوي باحترافية بالغة ،
و هذا ما كان حاصلا في فترات معينة من الزمن ، حيث انجبت النقابات كوادر كان لها الاثر البالغ في تغيير الكثير محليا وعالميا ،
و تخرجت منها اطارات لازالت تخدم البلاد ليومنا هذا ، لكن الامر لم يدم طويلا ، فتميّع عمل التنظيمات الطلابية اصبح واضحا ،
ما جعل مصداقيتها تتراجع بشكل كبير لدى الطلبة – حتى لتكاد تنعدم – و هذا ما اوضحته الشعارات التي حملوها في حراكهم المبارك .
التنظيمات الطلابية والثقة المعدومة
ان الواقع المؤسف اليوم ، يملي على الطلبة بشكل فاضح ان لا يضعوا ثقتهم في التنظيمات الطلابية ،
فرغم كثرتها الا اننا لا نجد تأثيرا واضحا لها على ارض الواقع ،
فيمكن ان تلمس تباينا واضحا في مستوى الخدمات المقدمة من ولاية الى اخرى ،
و احيانا حتى بين مديريتي خدمات جامعية في نفس الولاية ،
و لا قدرة لأي من تلك النقابات على احداث تغيير واضح و ملحوظ ،
و اصبحت فكرة ( تنظيم التونة ) هي الغالبة بين جموع الطلبة ،
و هذا ما يرويه لنا العديد من النقابيين الذين فضلو العمل خارج اطار النقابات ،
رغم ما في الامر من مخاطر عليهم .
في زمن النظام السابق ، طلبة في الجوع و اخرون في الخطر
الطالب ضحية … اما النقابي الشريف فهو ضحيتان
اخذ بعض الطلبة على عاتقهم مهمة التغيير و التحسين ،
و هذه الرغبة نابعة من داخل انفسهم ، و لن يقدر على فهمها الا من مارس النقابة يوما ،
فصحوة الضمير تملي عليه قول كلمة الحق … و الحق علقم
و لكن قانون ( الخايب يفسد على المليح ) اصاب الطلبة باللبس فلا احد يمكنه انكار ان الاغلبية الساحقة من النقابيين ينظر اليهم من قبل الطلبة على انهم ( بايعين البارتي )
و يروون العديد من القصص التي تطعن في مصداقيتهم و هذا للأسف واقع صحيح في اغلب الاحيان ،
فأصبح النقابي الناجح ( في نظر المسؤولين الفاسدين ) هو النقابي الذي يخدم مصالحه بعيدا عن الاضواء ،
اما الذي يخدم الطلبة فهو شخص ( تاع مشاكل) .
لولا المشقة لساد الناس كلهم —- الجود يفقر و الاقدام قتال
الضعف النقابي
ان عدم اقدام اغلب الطلبة على المطالبة بحقوقهم و اكتفائهم بما يقدم لهم حتى و ان شح و قل ، يجعل النقابي الشريف في حالة ضعف ،
بينما يجعل النقابي الذي يخدم مصالحه في حالة راحة ،
فهو هكذا مطمئن لنصيبه من الكعكة الطلابية التي تم اقتسامها سلفا ،
و لا يفصل بينه و بين نصيبه سوى بعض الاشاعات التي يطلقها على الشرفاء على طريقة ابن سلول ( و الله ما سلم منها و لا سلمت منه )
و يبقى حب البعض للطعن في الاخرين دون تمحيص ،
و رغبتهم في القصص المثيرة التي تنزل بالأخرين من المقامات العالية – ما يكون مرضيا لعقد النقص لديهم – هو ما يدفعهم الى تصديق تلك الاشاعات ،
غير دارين بانهم يدمرون انفسهم و اقرانهم و اجيال قادمة بعدهم .
ان هذه الحرب الضروس التي دخلها الشريف تقوده الى خيارين :
- اما ايجاد حلفاء ممن هم اقل فسادا لتنحية الفاسدين
- او العيش تحت طائلة التهديدات ، و المضايقات
تلك التهديدات و المضايقات التي لن يسلم منها في جميع الاحوال ،
لكنه ان لم يضع سندا سيجد تلك التهديدات تجسد عليه دون أي فرصة منه للدفاع عن نفسه .
و لكن هل يساند الشريف الخبيث ؟
الاسوئ من سرقتهم لأموال الطلبة ، سرقتهم لأحلامهم و آمالهم …
الحراك الطلابي والحراك الشعبي
جاء الحراك الشعبي الجزائري المبارك مدافعا عن الحريات ، محاسبا للفاسدين و معيدا للحقوق المغتصبة ،
و الحراك الطلابي جزء لا يتجزأ منه ، لما اضافه من ثقل للقضية و لكون الطالب مسؤولا عن التغيير اكثر من اي فئة اخرى في المجتمع .
الا اننا نرى بان بعض الاطراف التي اعتادت الفساد لازالت تمارس سلطتها المشبوهة على الضعفاء بحق و بغير حق ،
و تتفنن في اخضاعهم و اذلالهم بسادية اعتادوها ايام الفساد ، و الغرض الواضح من ذلك هو قمع الحريات .
و كبح الطلبة و تخويف كل من تسول له نفسه الدفاع عن حقه او المطالبة به … او حتى ابداء رأيه
و قد يصل الامر من بعض المسؤولين الى اللجوء للجهات الامنية و القضائية قصد تخويف الطالب بتدمير مستقبله ان هو طالب بحقوقه ، ما يعيد الذاكرة الى زمن النظام .
( يتنحاو قاع ) هل من العدل ان تشمل هذه العبارة المسؤولين في الخدمات الجامعية ؟
مع امال الشعب في بناء جزائر متطورة تساير ركب الدول المتقدمة ،
فإلزامية توفير الجو الاجتماعي المناسب للطالب تصبح اولوية ،
فهو حجر الاساس في البناء و السير في تجارب الدول التي انتشلت من براثن الفساد و صعدت الى قمم العيش الكريم ،
لا بشيء سوى العلم و العلماء ، و من هنا فقد كان من باب اولى ان يشمل الاصلاح هذه الهيئة قبل غيرها ،
و يبقى حلم الطالب قائما ، بايجاد المدير الذين لا يظلم عنده احد .
بقلم محمد الطيب أمين دبة