الأمن الدولي برستيج قديم في ستايلات جديدة مقال بقلم الكاتب د. ميثاق الضيفي مفهوم الأمن مرتبط بدراسة الحرب والإستراتيجية العسكرية والأشكال البديلة لاستخدام القوة
الأمن الدولي… برستيج قديم في ستايلات جديدة
بقلم/ الدكتور ميثاق بيات ألضيفي
الأمن الدولي مفهوم معقد ومتنازع عليه، محمل بقيم وأحكام قرون عدة ومفهومه كبير
ومرتبط بدراسة الحرب والإستراتيجية العسكرية والأشكال البديلة لاستخدام القوة,
ومن الضروري توسيع نطاق المعنى وتوسيع إطاره ليشمل قيم ومصالح قضايا حماية الحقوق الإنسانية والقضايا البيئية والغذائية والبشرية وغيرها.
لذلك يتبادر السؤال بمتى وأين ينبغي ترسيم حدود الأمن الدولي؟
وما الذي ينبغي استبعاده عنها وإدراجه؟
هل تغير الأمن الدولي بطريقة تحتاج إلى إعادة تصور؟
يبدو أن التكنولوجيات الجديدة ونهاية الحرب الباردة والحرب ضد الإرهاب والاقتصاد ينذران ببدء ثورة في الشؤون العسكرية لها عواقب مهمة محتملة على الأمن الدولي،
وفي مواجهة واقع متغير يقترح تعديل مفهوم الأمن الدولي وتكييفه مع السياق الدولي الجديد,
وأن توسيع وتمديد مفهوم الأمن لابد إن يتناول أفضل التهديدات واقتراح بدائل أفضل لضمان السلام الدولي فإذا تغير العالم فلماذا لم يتغير مفهوم الأمن الدولي؟
إن التغيير أمر لا مفر منه وإن الواقع الدولي يحافظ دائما على الاستمرارية
كما إن توسيع مفهوم الأمن الدولي يبالغ بشكل منهجي في عوامل التغيير متجاهلا الثوابت التاريخية.
يُعرَّف الأمن الدولي بأنه نظام وجزء فرعي من دراسة العلاقات الدولية
متناولا التهديدات باستخدام القوة العسكرية والتحكم بها وتحكيمها والسيطرة عليها و
مستكشفا المفهوم والظروف التي تجعل من استخدام القوة أمرا ممكنًا وشاملا للآثار التي يتركها على الأفراد والمجتمع والدولة
إضافة إلى السياسات المتاحة لإعداد الحرب أو منعها أو احتضانها،
وإن هذا يستبعد ويعارض المنظور الليبرالي بشأن الأمن الدولي الذي يدرج فيه جميع الجهات الفاعلة غير الحكومية والقضايا الاجتماعية والاقتصادية وحتى البيئية.
وان محاولات توسيع مفهوم الأمن الدولي ليست جديدة فقد كانت مرتسمة أطروحاته على أولوية سلامة الفرد
وبتأكيده على النظام الدولي الجديد محاولا إعطاء أهمية أكبر للقضايا المتعلقة بالتنمية الاجتماعية على الجيوش,
وان هذه الحقائق أدت إلى إعادة دراسة قصة وفكرة إستراتيجية الأمن الدولي والعلاقات الدولية بشكل خاص
وتوسيع نطاقه ألمفاهيمي ومعالجة عجز التفسيرات التقليدية وكذلك حلحلة سببية وصول الإرهاب العابر للحدود وعواقبه,
لذا فمن الممكن تقسيم المقترحات لتوسيع نطاق دراسة الأمن الدولي إلى نوعين إصلاحيين هما كلا من الإصلاح المتواضع والإصلاح الجذري,
وبالنسبة لأتباع نطاق الإصلاح المتواضع فيجب أن تضع الدراسات الأمنية جانبا للتأكيد على الردع النووي
وأن تشمل الأدوات السياسية والاليات الإستراتيجية الغير عسكرية
مما يعطي مساحة لأشكال مختلفة من الأمن بما في ذلك الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
ومع مرور الوقت تم تطوير مفهوم بديل عرف بالأمن البشري لإعطاء الأولوية المعرفية للإنسان على الهياكل الاجتماعية والسياسية الأخرى
ونرى إن الأمن البشري للأمن هي رؤية أحادية ومحدودة لذا لابد من التركيز على الأسلحة والتنافسات العسكرية بين الدول
والتي تميل أيضاً إلى تجاهل التهديدات البيئية والاقتصادية والثقافية
فالأمن المحدد على هذا النحو غير مقبول لأن معظم الدول في نفس الوقت هي مصدر المشكلة وليس الحل.
والفكرة الرئيسة وراء مفهوم الأمن البشري هي توسيع الجغرافيا والحس المرتبط بالأمن
لتمدد مفهومه إلى مستويات أقل من المستوى النظامي والدولي على أن يشمل تغطية المجموعات والمستويات الفردية الوطنية والأممية,
وتوسيع مصطلحه لمستوى أعلى من المنطقية والأقليمية أي إلى النظام الدولي أو فوق الوطني لتغطية المحيط الحيوي والبيئي,
إضافة إلى توسيع الأمن البشري أفقيا عبر ضمان عيش مختلف الكيانات والجهات الفاعلة فيجب أن تمتد إلى الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية,
كما إن المسؤولية السياسية عن توفير الأمن لابد إن تمتد أيضا في كل الاتجاهات المحلية والمنظمات الاتحادية.
وكانت أول محاولة لتطبيق ذلك المفهوم عبر تطور العقيدة الذي تبنتها الأمم المتحدة بمسمى عقيدة الحماية المتمحورة
على فرضية أن السيادة تنطوي على حد سواء في الحقوق والمسؤوليات لألزام الدول بحماية السكان
في حالات الحروب الأهلية والتمرد والقمع والكوارث الطبيعية وغيرها
وان تعسرت الدولة أو اصبحت غير راغبة في تحمل مسؤوليتها فيجب أن يتم توفير تلك الحاجيات وتخصيصها من قبل المجتمع الدولي مما يسمح بالتدخل الإنساني,
وإن تنفيذ ذلك المبدأ يوفر للأفراد دورا فيه والأولوية لهم على الدول فيعد تغييرًا جذريًا في طريقة عمل الأمن الدولي وفهمه.
ولذلك سنجد إن الأمن متعدد الانواع فمنه البشري الشامل لعناصر الأمن الاقتصادي ومكافحة الفقر والأمن الغذائي والضمان الاجتماعي والحصول على الصحة,
والأمن البيئي الحامي من التدهور البيئي,
والأمن المادي المواجه للجريمة,
والأمن المجتمعي لضمان الكفاف للأقليات العرقية والثقافية,
والأمن السياسي الضمان للحريات الفردية,
فنسعى برؤيتنا لتحسين وتوسيع نطاق فهم نقاط الضعف المتعددة التي تصيب البشرية وتميل إلى التوسع في جميع الاتجاهات لتغطي جميع المناطق والمشكلات الأمنية,
لإن النزاعات ذات الكثافة العالية تغطي أساساً الحروب بين القوى إن حدثت فكيف ستتم معالجة وتعديل تلك الأنواع المختلفة من النزاعات؟
كما إن هناك الكثير من الصراعات من ذلك النوع وتشمل الصراعات المتوسطة الحدة التي تسمى بالحروب التقليدية,
ولذلك من الممكن التأكيد على أن الحروب هي الأخرى قد خضعت لتغييرات قليلة في النزاعات المنخفضة والمتوسطة
وعلى الرغم من التغيرات التكنولوجية العديدة ومن التقدم في المعدات فأن تكرر حدوث الحروب قد عكس تغيرا طفيفا في الإستراتيجية العسكرية.
وبالرغم من تطور مبدأ مسؤولية الحماية فإن الصعوبات التي تواجه الأمم المتحدة في فرض السلام في سياقات الحروب الأهلية والعرقية ليست جديدة،
وكمسألة مبدأ فإن الطريقة التي يشار بها إلى العقيدة تبقى تقديرية وتسترشد ومن دون إنصاف بمصالح القوى النووية الخمس التي يحق لها استخدام حق النقض في مجلس الأمن.
وتواجه الأمم المتحدة مشكلات من حيث التدخل وإن بعثات السلام غالباً ما تنجح مؤقتاً بوقف إطلاق النار أو بعقد هدنة عسكرية تستمر لعقود،
غير إن المعضلات القديمة التي تواجه الأمم المتحدة اليوم تثير النقاش حول الأمن الدولي لذلك نتساءل هنا بما الجديد في طريقة عمل الأمم المتحدة؟
وهل من المرجح أن تطرح عقيدتها بطريقة مغايرة ؟؟؟
الدكتور ميثاق بيات الضيفي