تنمية #الإبداع لدى الطلّاب .. طرق سهلة وعمليّة .. مقال آكاديمي للكاتب Mr. Lahoucine Oubari المعلم وأحد منسوبي وزارة #التعليم بالممكلة المغربية ،
تطرق فيه لتعريف الإبداع، واستعرض ستة طرق لتحقيق الإبداع ، وتخصيص وقت للإبداع ،
وأهمية إعادة بنية الفصل الدراسي ، ،استخدام #التكنولوجيا، وتعزيز الحوار والتفكير النقدي لدى الطلاب
جاء المقال في ١٣١٦ كلمة و ٤٥ فقرة ،
تكرر فيه عبارات ( الفصول الدراسية ، كين روبنسون ، فصلك الدراسي )
وكلمات ( الإبداع ، الطلاب ، الفصول ، الدراسية ، المستقبل ، المتعلمين ، #التفكير ، #المدارس )
تنمية الإبداع لدى الطلّاب .. طرق سهلة وعمليّة
Mr. Lahoucine Oubari
Teacher, Ministry of Education of the Kingdom of Morocco
تنمية الإبداع لدى الطلّاب
منذ ما يقارب عشر سنوات، وخلال حديثه على موقع TED، أشار كين روبنسون Ken Robinson إلى نقطة مهمة
مفادها أنّ معظم الطلاب الذين يدرسون في الفصول الدراسية اليوم،
سيلتحقون مستقبلا بسوق عمل لا يمكن لأحد أ ن يتوقع كيف ستكون.
إنّ ما أشار إليه كين روبنسون بالغ الأهمية، فمدارسنا لا تعلم الطالب مهارات التفكير مثل النقد والمنطق والإبداع والتفكير العملي،
ولا تعلمه كيف يخطط لنفسه ويستغل وقته، بل تكتفي بتلقينه بعض المعلومات و النصائح التي ينساها فور خروجه من الفصل.
بصيغة أخرى فإنّ المدارس لا تؤهّل الطلّاب لمواجهة المستقبل الذي لا يعلمون عنه شيئا، بل تكتفي بتلقينهم بعض المهارات و المعارف الجامدة،
والتي و إن كانت مفيدة في عالم اليوم، فهي لن تكون بالضرورة كذلك في عالم الغد.
بل يمكن الذهاب إلى أبعد من ذلك و القول أنّ المدارس اليوم تقتل الإبداع.
فخلال استطلاع للرأي1 أجري خلال فعاليات المؤتمر العالمي للإبتكار في التعليم وايز 2014،
عبّر 66% من الحاضرين عن إيمانهم بأن المدارس فعلا تقتل الإبداع، في حين نفى 33% من الحاضرين ذلك.
وهذا ما عبّر عنه أيضا كين روبنسون حين شخّص واقع التعليم اليوم بقوله:
“إن نظامنا التعليمي الحالي يقوم على فكرة القدرة الأكاديمية وهناك سبب لذلك:
لقد تمّ اختراع النظام لتغطية احتياجات التصنيع لذا فالهيكل الهرمي متأصل في فكرتين،
الأولى أنّ المواضيع ذات الفائدة الأكبر لمتطلبات العمل تتربع على القمة.
التوجيه الخاطئ
لذا تجد أنك على الأرجح تم توجيهك في المدرسة حين كنت طفلا بعيدا عن الأمور التي كنت تحبها على أساس أنك لن تجد عملا في ذلك المجال،
هل هذا صحيح؟ لا تعزف، فلن تكون موسيقارا، لا ترسم، إنك لن تكون فنانا …
والنتيجة هي أن العديد من الموهوبين العباقرة والمبدعين يعتقدون أنهم ليسو كذلك لأن الأمور التي كانوا متميزين فيها في المدرسة لم تكن تُقَدَّر ..”2
إن تعلم مجموعة من المهارات المحدّدة لم يعد ذا قيمة في عالم اليوم كما كان عليه الحال في الماضي، فعالم اليوم يتسم بالدينامية و التطور السريع و المستمر،
و يفرض علينا أن نتعلم كيف نكون أكثر إبداعا و أكثر قابلية للتكيف، و هذا بالضبط ما يهيئ الطلاب للحياة الحقيقية خارج الفصول الدراسية.
ووعيا منها بهذه الحقيقة، فقد بدأت المدارس والشركات في جميع أنحاء العالم الالتفاف حول هذه الفكرة.
و بدأت الأوساط الأكاديمية تقديم دورات في الإبداع،
كما أنّ العديد من أكبر وأنجح الشركات في العالم شرعت في تطبيق قاعدة 20٪
أي الالتزام بالسماح للموظفين بتكريس 20٪ من وقت العمل من أجل التفكير بشكل خلاق واستكشاف أفكار جديدة.
وقد أجريت دراسة عام 2010 شملت أكثر من 1500 من المديرين التنفيذيين أثبتت أن الإبداع أكثر مهارات ريادة الأعمال أهمية في العالم الحديث.
كما أن كلمة الإبداع هي واحدة من الكلمات الأكثر استخداما على موقع LinkedIn عاما بعد عام.
فما معنى هذه الكلمة التي حظيت باهتمام العالم بأسره؟ و كيف يمكن تنمية المهارات الإبداعية لدى الطلاب؟
تنمية الإبداع لدى الطلّاب : ما هو الإبداع؟
لم يعد ينظر إلى الإبداع باعتباره حكرا على الفنانين والموسيقيين، بل أصبح يعتبر مهارة حاسمة و ضرورية للجميع.
و في هذا الإطار، يقول فنان الفيديو الأمريكي بيل فيولا: ” الإبداع ليس ملكا للفنانين وحدهم،
بل هو عنصر أساسي في شخصية الإنسان بغض النظر عن الثقافة التي هو فيها، وبغض النظر عن مكان وجوده على الأرض أو في التاريخ ” .3
و كذلك في اللغة العربية، لم تكن كلمة إبداع يوما مرادفا للفن، فهي متّصلة بمعنى الاستحداث الّذي يرتبط بالكلمة في أصلها الانجليزي والتي تعني creativity .
فالبديع والبدع في لسان العرب هو الشيء الّذي يكون أوّلاً ويقال عن مبدع الشيء: إنّه مبدعه بدعاً، وابتدعه: أي اخترعه على غير مثال.
و في تعريف آخر، يعبر الإبداع عن التفاعل الحاصل بين عدة عوامل عقليّة وبيئيّة واجتماعيّة و شخصيّة،
وينتج هذا التفاعل حلولا جديدة تمّ ابتكارها للمواقف العمليّة أو النظريّة في أيٍّ من المجالات العلميّة أو الحياتيّة.
الإبداع إذن هو القدرة على التعامل مع الأشياء المألوفة بطريقة غير مألوفة، هو القدرة على الانشقاق من التسلسل العادي في التفكير إلى مخالفة كلية.
و هو بهذا يعتبر مهارة لابد من التسلح بها لمواجهة المستقبل و التكيف مع متغيراته. فكيف يمكن إذن تنمية هذه المهارة الأساسية من خلال الممارسة الصفية؟
ستة طرق لتحقيق الإبداع في الفصول الدراسية
إن تحقيق الإبداع في فصلك الدراسي ليس معناه جعل عملك أكثر صعوبة، بل إنه في الحقيقة يمكن أن يجعله أكثر متعة و إثارة للاهتمام.
كما أن اعتماد المهام التي تتطلب توظيف مهارة الإبداع سيؤدي حتما إلى جعل العمل أكثر جاذبية و تحفيزا لطلابك.
فيما يلي ستة نصائح ستساعدك على تحويل فصلك الدراسي إلى ورشة كبيرة لصناعة الإبداع.
لا تحصر طريقة إنجاز المهام في شكل واحد
إذا طلبت من تلاميذك إنجاز مهمة معينة، فما يجب عليك فعله هو تحديد الموضوع، و منحهم بعض الحرية في كيفية الإنجاز،
فبعض الطلاب سيبدعون من خلال شريط فيديو أو رسم ساخر أو حتى عرض مسرحي، أكثر مما إذا تم حصر طريقة الإنجاز في كتابة موضوع إنشائي،
فعند السماح للطلاب باستخدام طرقهم الخاصة في التعبير و التعلم، سيكونون أكثر تحفيزا لإتقان العمل الذي يقومون به،
و أكثر استعدادا لاستثمار كل مهاراتهم و طاقاتهم للإبداع فيه.
وقت خاص للإبداع
يمكنك الاستفادة من قاعدة 20٪ التي توظفها الشركات عن طريق تطبيق فكرة “ساعة العبقرية” حيث يتم تخصيص ساعة للإبداع و الإبتكار في كل يوم دراسي،
مع إمكانية تعديل مدة هذا النشاط ليتناسب مع خصوصيات فصلك الدراسي.
و في الجانب العملي، يمكنك أن توفر لطلابك بعض الأدوات لإطلاق قدراتهم الإبداعية : الطباشير الملون، والطين، وأجهزة الكمبيوتر المحمول ، الكمبيوتر اللوحي…
أو تسهيل الوصول للمكتبة أو الإنترنت (في حدود المعقول). بما يوفر شروط الإبداع و الابتكار.
و خلال فترة الإنجاز، شجع التعاون بين الطلاب، دون فرضه عليهم، و اسمح لهم بممارسة هواياتهم، و إظهار اهتماماتهم.
توظيف التكنولوجيا في خدمة الإبداع
إن محو الأمية التكنولوجية إلى جانب الإبداع، شرطان من الضروري تحقيقهما للنجاح في عالم اليوم؛ و في إطار توظيف التكنولوجيا في خدمة الإبداع،
يمكن على سبيل المثال استخدام أدوات جوجل، و في الرابط المرفق بعض الأفكار الإبداعية المبتكرة التي تتناول هذا الموضوع بالتفصيل.
إدماج مواد تعليمية غير تقليدية في الصف
هل سبق لك أن رأيت طالبا متحمسا عند قراءتك لنص معين في الكتاب المدرسي؟ ماذا لو اخترت محادثة TED Talks كدعامة للدرس بدلا من النص؟
أو حتى بودكاست تعليمي ومسل في نفس الوقت مثل Radiolab وستارتوك Startalk؟ أو كوميديا هادفة؟
ماذا لو تم توظيف الفن في الرياضيات؟ لابد أن الأمر سيكون مختلفا، و سيشجع المتعلمين حتما على التعلم و الإبداع.
تنمية الإبداع لدى الطلّاب : إعادة النظر في بنية الفصل
إن الطرق التقليدية في تنظيم الفصل الدراسي، لا تشجع المتعلمين بتاتا على الإبداع،
و هي مناسبة أكثر لطرق التدريس التقليدية التي يعتبر فيها المدرس مصدرا للمعرفة و الطلاب مجرد متلقين،
أو بالأحرى مجرد أدمغة فارغة يجب شحنها بالمعرفة.
هذه الحقيقة تفرض علينا إعادة تنظيم فصولنا الدراسية لتشجع التعلم التعاوني لما له من دورٍ بارزٍ في تنمية مهارات التواصل لدى المتعلّمين،
وزرع بذور التعاون، وخلق روح الفريق لديهم.
لكن ومن خلال معاينة تجارب عدة في الفصول الدراسية، تبرز مشكلات كثيرة، تظهر لدى محاولة المعلّم تنفيذ الأنشطة التعاونية،
وتشكيل مجموعات العمل، فنجد أنَّ هذه المجموعات تُعيق تقدم بعض الطلبة هذا إن لم يكن غالبيتهم.
مما يدفعهم إلى رفض العمل ضمن المجموعة، والتفرُّد بالرأي، والتشاحن،
والسعي نحو التنافس بدلاً من التعاون، لكي لا تجد نفسك في هذه الوضعية،
نقترح عليك مجموعة من النصائح لتعلم تعاوني فعال تشجع على الإبداع و ترسخه كمهارة لدى المتعلمين.
تشجيع المناقشة و الحوار
إن نشر ثقافة المناقشة الحرة و الحوار الهادف يؤدي إلى إشراك الطلاب في بناء تعلماتهم بدلا من أن يكونوا مجرد متلقين للمعرفة،
فالمشاركة و التفاعل مع المواضيع التي تتم مناقشتها داخل الفصل، لها الكثير من الإيجابيات نذكر منها:
- تعزيز التفكير النقدي لدى المتعلمين.
- الرفع من القدرة على التواصل، و التعبير عن الأفكار و الآراء الشخصية.
- التدريب على فن الاستماع لآراء الآخرين و أفكارهم والتعامل بتفكير نقدي معها.
- إتاحة الفرصة للاطلاع على أفكار الآخرين و تجاربهم و الاستفادة منها.
إن القدرة على إيصال الأفكار بوضوح واحترام من شأنه أن يفيد الطلاب في جميع مجالات حياتهم، و يهيئهم للسير بخطى واثقة نحو المستقبل.
من الواضح أن إيجاد طرق لدفع طلابك ليكونوا أكثر إبداعا يتطلب أن تتحلى أنت أيضا كمدرس ببعض الإبداع في الجزء الخاص بك من العملية التعليميّة التعلّميّة،
لذلك فلابدّ لنا من مراجعة طرق تدريسنا و نظرتنا للتعليم عامة، في أفق تكوين جيل من الطلاب المبدعين، و المستعدين لمواجهة تحديات المستقبل.
نهاية المقال : تنمية الإبداع لدى الطلّاب
تنمية الإبداع لدى الطلّاب : الهوامش
اقرأ أيضاً :