أبناؤكم أمانة مقال للكاتبة أ. نعمة القحطاني ، أبناؤكم أمانة مقال للكاتبة أ. نعمة القحطاني ، قد يجد المربين أنه من المضني تربية الأبناء والحفاظ عليهم في عالمٍ يتغير بين كل لحظةٍ ولحظة
أبناؤكم أمانة
بقلم نعمة القحطاني
لماذا تقدم على الزواج إذا لم تكن مستعدًا لتحمل المسؤولية والأمانة التي ستقع على عاتقيك؟
هل حقًا كنت ترغب في الزواج من أجل أهداف حقيقية أم أنك تفعل ذلك ليقال عنك: فلانٌ تزوج؟
هل سألت نفسك يومًا هل يمكنك أن تقدم الواجبات الموكلة إليك كما هو مطلوب منك؟
على من تقع المسؤولية من الأبوين؟
عزيزتي الأم عزيزي الأب اتقوا الله في أبناؤكم وأعلموا أنكم أنجبتموهم بخياركم ولم تجبرون أبدًا ومن قال ذلك قلت له:كفاك كذبًا!
لماذا تحملون أنفسكم ما لا تستتطيعون حمله إذا لم تكونوا متأكدين مما تقومون به قلستم مضطرين للزواج من البداية أصلا،
فإن الله لم يودع الذرية في أصلابكم عبثًا
لقد كان المراد من ذلك أن تحافظوا على النسل البشري
وأن تبنوا مجتمعًا صالحًا يقيم الحق والصلاح ويعمر الأرض وينبذ التخلف والرجعية والشذوذ.
ان الأبناء ثمارٌ تنضج باستمرار وتقطف في أوقات متقطعة فحافظ على ثمارك واجعلها نافعة وليست ضارةً ولا مؤذية.
ان تربية الأبناء لهي ثِقل لو فكرتم به لوجدتموه منهكًا حد القهر، فكونك تطعمهم وتسقيهم وتكسيهم
فذلك ليس كافيًا وهو ليس سوى جزء لا يتجزأ من المسؤولية المترتبة عليك.
أن تمدهم بالحب والحنان والعطف وأن تحرص عليهم وتقومهم وأن تكون المربي لا المعذب،
فبعض الآباء يفهم التربية على أنها تعذيبٌ دائم، وعقابٌ صارم، وظلمٌ قائم،
وأنه يجب أن يكون حاد الطبع غليظ القلب فض اللسان وإذا لم يتسم بهذه الصفات فهو بن يكون مربيًا بحق،
وهذا خطأ وشذوذ عن أصل التربية الحقيقية، فهم أبناؤك وليسوا أعدائك لتعاملهم بهذه الطريقة،
وهو طريقك إلى الجنة، وهم سندك وعكازك وهم من سيحمل اسمك يوما ما.
قربهم ولا تبعدهم، رغبهم ولا تنفرهم، اجعلهم اصدقاؤك،
حببهم فيك ولا تجعلهم يخافون منك، فيفعلون ما تحب من خير حبًا لك وليس خوفًا منك
فالحب أعمق من الخوف و ذو تأثيرٍ بالغٍ على النشأ.
اعدل بينهم ولا تفرق ولا تفضل أحدهم على الجميع أو تقصي أحدهم وتفضل البقية
فأنت بهذه الطريقة تصنع لهم أعداءً من أنفسهم فيتفرقون بسببك وبدلًا من أن تجعلهم عصبة جعلتهم متفرقين متناحرين.
المسؤولية المشتركة
ولتعلم عزيزي الأب وعزيزتي الأم أن المسؤولية ليست حكرًا على أحدكما دون الأخر
أنتما مسؤولين عن هذه الأمانة الأب يقوم بدوره والأم تقوم بدورها
وأنتما أنجبتما وعليكما القيام بما وكِّل إليكما من مهام على الوجه المطلوب.
ففكرة أن الأم هي وحدها المسؤولة أو الأب وحده هو المسؤول ليست في قاموس التربية أبدًا،
أنتم من صنع هذه الأفكار الهزيلة التي تصنع من الأسرة الواحدة فرقًا وشتات، بدلًا من أن تكون أحدى مقومات المجتمع الصالح أصبحت وبالًا وشرًا وعبءً يجب التخلص منه.
نعم الأم مدرسة وكذلك الأب هو مدرسة أيضًا بطريقة أو بأخرى، فإن لم يقفا وقفة واحدة ستنهار الأسرة تمامًا وكأنها لم تكن.
الجميع يدرك أن الحياة باتت أصعب بكثير مما كانت عليه سابقًا فقد يجد المربين أنه من المضني تربية الأبناء والحفاظ عليهم في عالمٍ يتغير بين كل لحظةٍ ولحظة،
لكنكم بحرصكم تستطيعون العبور بهم إلى بر الأمان بإذن الله.
وأخيرًا تذكروا بأن التربية الصالحة تؤتي أُكلها في الحياة وبعد الممات،
فعلموا أبناؤكم حب الخير وحب البذل والعطاء واجعلوا منهم أعداء للحقد والكراهية والعنصرية،
علموهم أن لا يفرقوا بين الانسان وأخيه الانسان إلا بالتقوى،
واجعلوهم مشاعل خير وصلاح لا اصحاب تفرقٍ ولا تحزب، وتذكروا أن الأبناء هم مرآة الآباء.
نعمة القحطاني