ما فائدة الرجل إذن ؟! مقال للكاتبة أ. زينب علي البحراني ، إننا في زمنٍ يتطلب من الرجُل بذل مجهودٍ أكبر كي يستحق المكانة التي يهبها إياها المُجتمع عن جدارة
ما فائدة الرجُل إذن ؟!
زينب علي البحراني
انتشرت في الآوِنة الأخيرة أسطوانةً مُبتذلة تجتر نفسها عبر وسائل الإعلام مُخاطِبةً المرأة العربية في إطار الترويج لمفاهيم من نوع:
“لا تعتبري الرجُل مصباح علاء الدين”،
“لا تعتبري الرجُل حارسًا شخصيًا/ بودي جارد”،
“لا تعتبري الرجُل صرافًا آليًا”،
“أشبِعي مشاعرك ذاتيًا بنفسك ولا تُزعجي زوجك بطلب الاهتمام”!
حسنًا.. لا بأس.. حاضِر.. على عيني.. لن أعتبرهُ شيئًا، ولن أحتاج له في أي شيء،
وسأعتمد على نفسي في توفير كل شيء وفعل كل شيء،
لكن إن لم نحصُل – نحن النساء- من الرجُل على الاهتمام، الحماية، الرعاية، التدليل، المشاعر العاطفية، والمال،
فلماذا نُريده في حياتنا أصلاً؟!
بالنظر إلى الحياة البشرية بواقعية بعيدًا عن التنظير غير القابل للتطبيق على أرض الواقع؛
نرى أن تلك الحياة قائمة على “تبادل المصالح” بين طرفي العلاقة رجُلاً وامرأة،
لن يقترب الرجُل دون مصلحة مُتمثلة بإشباع احتياج من احتياجاته تُحققه له تلك المرأة،
بالمُقابل يجب أن يكون لها الحق في الحصول على المصلحة التي تحتاجها سواءًا تمثلت بصورة اهتمام، حماية، رعاية، أو مال.
قد يظن بعض الذكور أنهم قدموا كُل شيء بمُمارستهم علاقة الفراش مع زوجاتهم،
لكن الحقيقة التي لا يعلمونها أنهم بهذه الطريقة “يأخذون” ولا”يُعطون” بالنسبة لمُعظم النساء،
لأن المرأة غالبًا ما “تُعطي” هذا الشيء للحصول على اشياء أخرى،
وكثير من النساء يُمثل أدوار “الراغِبات” أو”الراضيات” لعلمهن أنها الطريقة الوحيدة لاستبقاء رضا الرجُل والحصول منه بعدها على الاهتمام والحماية والمال.
مفاهيم تضر الرجل
الترويج لمثل تلك المفاهيم ضرره على الرجُل أكبر وأخطر كثيرًا من ضرره على المرأة،
فاعتقاده بأنه “غير مُلزم” بتقديم أي شيء لشريكة حياته لأنها قادرة على توفير كل احتياجاتها لنفسها بنفسها يُنفر تلك المرأة منه،
إذ ما الذي يُجبرها على التورط بعلاقة تُفيد فيها ولا تستفيد؟
تستنزفها مشاعريًا وجسديًا دون أن تُقدم لها ما تُريد؟
إننا في زمنٍ يتطلب من الرجُل بذل مجهودٍ أكبر كي يستحق المكانة التي يهبها إياها المُجتمع عن جدارة،
وأقولها لكُم بصدقٍ وشفافية: طبيعتنا الفطرية كنِساء لا ترفُض أن يحتل الرجُل مكان “السِّيادة” ولا يُزعجنا الأمر،
لكننا نُريد أن يكون بحجم هذا التشريف المُجتمعي بأن يتحمل المسؤوليات المعنوية والمادية التي تجعلنا قادرات على احترامه والاعتراف بسيادته،
نريده أن يكون شهمًا، طيبًا، كريمًا، مُجتهدًا، صبورًا، مُبادِرًا، شُجاعًا، مُستعدًا لحماية المرأة وتوفير الأمان العاطفي والمادي لها
كي لا تجد نفسها مُضطرة لحماية نفسها، والعمل لأجل نفسها، والإنفاق على نفسها، وتقديم الهدايا لنفسها، وتناول الطعام مع نفسها،
فينطفئ احتياجها له، وتختار عدم الارتباط به، وربما الابتعاد عنه اتقاء “وجع الرأس”!
المرأة و الاكتفاء الذاتي
سنين طويلة والمرأة هي المُستهدفة كُل الوقت بالنصائح والتوصيات المُتعلقة بأفضل الوسائل للتعامل مع الرجُل تحت عناوين:
“كيف تُسعِدين زوجك؟”، “كيف تملئين حياة زوجك بالراحة؟”،
“كيف تجعلين بيتك عُشًا جذابًا لزوجك؟”،
“كيف تُبهجين معدة زوجك؟”،
“كيف تُسعدين زوجك في الفراش؟”،
ولا نصائح للرجُل تُذكره – على الأقل- بأن أحد أدواره في الحياة الاهتمام بشريكة حياته وإسعادها،
واليوم بعد أن فشِلت كل النصائح التي أفنت المرأة ذاتها في تنفيذها دون نتائج ملموسة؛
انتقلت النصائح إلى مُستوى إقناعها بـ”الاكتفاء الذاتي” عاطفيًا وماديًا كي لا تتوقع شيئًا من الرجُل،
بينما الحل الحقيقي في تسخير وسائل الإعلام ذاتها لنُصحه وإرشاده وتذكيره بأفضل السُّبل لإسعاد ذاته عن طريق إسعاد شريكة حياته.
وكي نكون مُنصفين؛
فإن هذا النوع من الرجال الذين يمتازون بالرجولة الحقيقية وتحمل المسؤولية صالحين للتعامل مع النساء الطبيعيات السويات نفسيًا؛
أما النساء المُضطرِبات العنيفات اللواتي يُفضلن كائن الغابة المتوحش فيجدر بأي “جنتلمان” يحترم نفسه تجنبهن كي لا يُفسِدن شخصيته وينشرن الفوضى في عالمه.
زينب علي البحراني