Site icon حديقة المقالات

شاليه الفقراء

شاليه الُفقراء…!

د .نيرمين ماجد البورنو

الفقر في الوطن غربة, الكثير من أطفال الفقراء والأحياء الشعبية الهشة يعيشون على هامش الحياة فنجدهم يلجئون الى السباحة في البرك والمستنقعات والنوافير العمومية والملوثة ليرموا همومهم ومشاكلهم اليومية فرحين بالانتعاش المجاني الذي يفتقدونه في بيوتهم في ظل الحرارة المرتفعة وانقطاع الكهرباء,


الشيء الذي يعرض صحتهم للخطر وحياة العديد من الأطفال الى الهلاك المحقق,

وذلك بسبب غياب مسابح ملائمة ورخيصة والتي لا يستطيع أبناء الفقراء الدخول اليها بسبب الفقر المدقع وارتفاع معدلات البطالة وارتفاع درجات الحرارة وانقطاع التيار الكهربائي والهدر المدرسي والتفكك الأسري,

ويبقي الأمل الوحيد أمام الأطفال للتخفيف من حدة ارتفاع درجات الحرارة وأشعة الشمس الحارقة التي تجتاح المدن خلال فصل الصيف على وجه الخصوص,

فنجدهم يستسلمون رافعي شعار أما الموت من الحرارة وإما الموت من ملوثات البحر والبرك والمستنقعاتّ!

المشهد ذاته يتكرر والأحاديث نفسها على كل شفة ولسان تتداول في كثير من الدول العربية,

فهل المثل الشعبي” على قد بساطك مد رجليك” ينطبق على حالهم هذا بكل بساطة وهل وصل إهمال الحكومات لشعبها الى هذا الحد حتى أنهم حرموا من أبسط مقومات الحياة ! ولما كل هذا الاهمال اللاحق بالطبقة الكادحة ؟

ولماذا لا تنشئ الدول مسابح تمتلك المقومات الصحية التي تسمح للمواطن بالسباحة في مياهها؟

وتمكينهم من ممارسة رياضة السباحة وتعلمها! ومتي سترفع الحكومات الراية الحمراء لتمنع من تفاقم تلك الظاهرة للحفاظ على سلامة أجساد هؤلاء الأطفال الأبرياء من الأمراض,

والى متى هذا الحيف والتهميش الذي يطال الأطفال والشباب على حد سواء؟

لقد شهدنا حوادث غرق لأطفال وشباب من بين مخلفات السباحة في السدود والمستنقعات، لا سيما في المناطق القروية، أو في ضواحي المدن، والذين لا يجدون القدرة المالية على التنقل إلى شواطئ البحر الكثيرة، ولا حتى الولوج للمسابح الخاصة ، مما يفضي بهم إلى المخاطرة بأنفسهم في تلك السدود والمستنقعات,

فلقد ابتلعت السدود والمستنقعات والوديان أزيد من 65 غريقا خلال شهر ونصف معظمهم أطفال ومراهقون,

وقد تسببت في الاف حالات الإسهال التي مست الأطفال بشكل كبير وقد نتج عنها حالات خطيرة بالنسبة للأطفال الذين لا يتجاوز سنهم 10 سنوات بسبب حساسيتهم المفرطة وضعف الجهاز المناعي لديهم,

ولقد أكدت الدراسات والبحوث والمختصون ان السباحة في هذه المناطق ولدت إصابات عديدة على مستوي العيون التي أصيبت بالتهابات وتقرحات نتيجة الميكروبات التي تسربت اليها بالإضافة لتقرحات معدية موجعة تؤدي بأصحابها للدخول العاجل الي المستشفى نتيجة تسرب المياه الوسخة الى بطونهم.

يلجأ العديد من الشباب و الأطفال الى الاستحمام تحت مياه النوافير العامة في الشوارع والحدائق لترطيب أجسادهم بمياهها ولتخفيف لسعات حرارة الشمس الحارقة,

والغريب بالأمر أن هؤلاء الأطفال يعومون ويلعبون على مرأى أهاليهم وأقاربهم وعامة الناس في الشارع بلا حسيب ولا رقيب,

 تلك الظاهرة أخذت تنتشر بمجيء الصيف فهل وجدوا الأطفال ضالتهم في النوافير العمومية للتلطيف من حرارة أجسادهم النحيفة ,

غير مبالين لا لنظافة مياهه ولا لتلوثها يلعبون بالمياه وكأن المكان الفسيح يضيق بفرحهم فهم يكتفون بمياه باردة وببعض الحلويات والعصائر فجل ما يريدون الضحك واللعب والتسلية لا يفقهون شيئا من التلوث الجرثومي والكيمائي علهم يزيحوا الهم والحزن جانبا ويتناسوا فقرهم وحالهم فهم بلا حول ولا قوة,

فهل باتت النوافير والمستنقعات الملوثة هي الملاذ الوحيد للأطفال ليمارسوا هواياتهم في السباحة أم وجدت هذه النوافير لإضفاء جمالية ورونق على مظهر المدينة,

فمتي سنتخلص من تلك الظاهرة التي سرعان ما تتحول من متعة الى مأساة يكون ضحاياها هؤلاء الأطفال لينقلب أجواء تلك الأماكن من نعمة الى نقمة,

وتتحول الرحلات من استجمام الي مأساة حقيقية!!! لا تكاد ان تمضي سنه دون تسجيل حالات غرق بالعشرات على مستوي الأودية والسدود والابار والبرك والمستنقعات خاصة في فصل الصيف والضحية في الغالب هم شباب وأطفال تستهويهم صفحة الماء الرقراق فينجذبون فرحين اليها لأجل السباحة والمرح ولا تكاد تمضي على بعضهم الا دقائق معدودات حتى يتحول المرح الى كارثة ومصيبة,

والغريب بالأمر إن جل هذه البرك مليئة بالأوحال وبعضها يشكل مصبات نهائية لقنوات الصرف الصحي.حلمنا هو تحقيق عالم خال من الفقر والجهل والمرض,

عالم متساو فيه حقوق الانسان لا فرق بين غني وفقير,

 لان الفقر علّة تتفّشى في جسد العالم, ومرض خبيث يصل حّد القتل يفتك ويشرد ويضرب ويهتك كل كائن بشري فقير على وجه البسيطة وبرغم كل التقديرات والمؤشرات والحلول التي وضعت من خلال الخبراء والمختصين والاستراتيجيين لا يزال الفقر منتشراً رغم ما يتمتع به العالم من خيرات ونعم تنتشر من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه,

لذا يجب العمل على حل تلك المشكلة وذلك عن طريق اقامة التوازن بين الطبقات في المجتمع وقتل الفقر فلقد صدق من قال لو كان الفقر رجلا لقتلته, ونشر التعليم ,

ويجب على الدولة ردم المستنقعات والابار والبرك المهجورة دون تريث والعمل على توعية المجتمع بخطورة السباحة فيها عبر وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية اضافة الى تفعيل دور المدارس في توعية الطلاب وقبل كل ذلك كله رقابة أولياء الأمور فهي مهمة للغاية فان تعاونا أبعدنا الخطر عن أنفسنا وعمن هم في مسؤوليتنا,

لأنه من يمتلك الصحة يمتلك الأمل ومن يمتلك الأمل يمتلك كل شيء, ودرهم وقاية خير من قنطار علاج.

Exit mobile version