سيناريوهات الموت وايحاءات الخوف مقال للدكتور ميثاق الضيفي
سيناريوهات الموت وإيحاءات الخوف
بقلم/ الدكتور ميثاق بيات الضيفي
ان دور وسائط الإعلام في حالة الأزمات الامنية وبعد أي هجوم إرهابي هو دور كبير وخطير وبغاية الصعوبة,
وان الازمة الامنية التي يتسبب بحدوثها عمل ارهابي بسيطا كان او كبيرا وضع مرتبك وشاذ وغير متحكم فيه
أو على الاقل تدار في خلاله الاحداث بأنجرار وصعوبة
لأن اثنائها تتصارع الأحداث الامنية وحتى الشعبية مع بعضها البعض بطريقة غير متوقعة ومثيرة دراماتيكية،
والتطورات والكبوات فيها تتتابع مع بعضها البعض بوتيرة متسارعة،
لدرجة ان القرارات السياسية والأمنية تتخذ بشكل سريع ومتسارع،
وتسمع ردود فعل متناقضة ومتقلبة من جميع الأطراف، وما إلى ذلك.
والعمل الارهابي ونتيجة له فأن الكثير من الاخبار والموضوعات ستكتب وستنشر وتتواصل في الصحف السمعية والبصرية والصحافة المكتوبة والالكترونية
وان تأملنا حال جميع وسائل الإعلام اثناء وعقب ذلك فأن هنالك العديد من المطبات امامها
كالتوترات الناتجة عن حالات غياب وتجميد القانون واشاعة قوانين الطوارئ،
وصعوبة التحقق من صحة المعلومات التي هي بالضرورة ستشهد تطورات باستمرار،
وكذلك خطورة تأليف ونقل الشائعات،
ونشر المعلومات التي قد تلحق الخطر والرعب بالناس،
والضغوطات السياسية عليها لتوظيف الحدث الارهابي لمصلحة جهة او كتلة سياسية ما،
اضافة الى نشوء القصص الدرامات المفرطة المصاحبة للعمل الارهابي وما ينتج عنه من خطر الإثارة والافراط العلمي في بث الصور الصادمة للقتلى والجرحى والدماء ولجوء الاعلاميين للتسابق في اجراء اللقاءات المباشرة مع الشهود او المصابين او المسؤولين الخ الخ ….
وما ان يحدث العمل الارهابي ولتلبية شرط تحقيق ادنى اصول الشعور بالامان الكافي،
يجب على السكان القريبين من مكان العملية الارهابية العثور على مكان ووضع آمن و ومتحكم فيه بغية الوصول إلى المعلومات الكاملة ذات الصلة بمنفذ الهجوم والقضاء عليه لتحقيق هدف الاطمئنان والشعور بالامن,
لان تلك المعلومات لها دورا هام وفعال في إعادة بناء حياة يومية مطمئنة يمكن على الاقل للناس التفكير طبيعيا بحياتهم اليومية والتنبؤ بمستقبلها.
ومن المهم جدا ان نؤكد هنا وفي أعقاب الأعمال إرهابية مباشرة،
فأن التي تعد واحدة من اهم الاحتياجات السكانية الضرورية والحيوية هي توفير المعلومات الصحيحة المطمئنة والتي تعمل على انماء الشعور بالسيطرة على الوضع وإعادة إدخال بعض القدرة على تحقيق الاستقرار النفسي لان توفير المعلومات المناسبة يكاد ان يدفعنا لنجزم بأنه يمكن أن تقلل وبشكل كبير من التوتر والضيق لدى السكان المتضررين من حدوث العمل الارهابي.
تبرز أنشطة اتصال محددة في حالات الطوارئ التي اوجدتها الاعمال الارهابية،
كصعوبة الاتصالات وخطورتها في حالات الأزمات الشديدة لانه يمثل حالة من حالات الذروة،
ويكاد ان تكون تلك الحالة او الفترة هي الهدف الرئيسي من الإعلام لتحقيق المكاسب والنفوذ والسطوة المالية متجاوزا التفكير بقضية الامة في الحالة الراهنة انما تصل بالبعض الى ارتهان المستقبل الشعبي لتحقيق مكاسبه هو في الوقت الذي كان ويكون الجمهور به بأنتظار معلومات عن الأحداث بصيغ ما حدث، وأين، وعدد الضحايا التقريبي،
وكيف سيؤثر ذلك العمل الارهابي على حاضر البلد وما الكيفية التي سيتم بها توقع الأحداث القريبة والمحتملة في المستقبل، وما إلى ذلك،
والاساليب التي سيتم بها تنفيذ أنشطة الإغاثة الفورية وماهية الجهود المبذولة لضمان سلامة الجميع.
ولا يمكن فصل الاعلام المتعلق بالمخاطر عن اجهزة الاعلام الرسمية او الغير رسمية المتعلقة بالأزمات,
والتي تهدف لإعلام واخبار السكان عن المخاطر المحتملة التي قد يشكلها او يحدثها او يثيرها خطر وقوع هجمات جديدة وخطيرة وكبيرة،
كالهجمات التفجيرية او الكيميائية أو البكتريولوجية او الفايروسية،
وما إلى ذلك وماهية والتدابير الواجب اتخاذها والإجراءات الواجب اتخاذها في هذه الظروف وكيفية التعامل مع شروط ايقاف الخدمات واغلاق والمؤسسات لتلك الاسباب وما هو مستوى التهديد الذي سيستوجب الوصول الى تلك الاجراءات العاجلة،
وهل سيصل الامر لدرجة وجوب إخلاء المنطقة المعرضة لذلك الخطر.
وإذا شعر الجمهور بأن السياسات أو وسائل الإعلام تخفي معلومات هامة،
فأن قلقه سيتضاعف ويصبح مصدرا للشائعات المخيفة ونظريات المؤامرة البعيدة المنال لدرجة ان يتسبب القلق والشائعات بحدوث حالات صعبة وحالكة من الذعر صعبة التعامل والاحتواء,
لذا ومن أجل منع مثل هذه النتائج والظواهر المريرة لابد بالاجهزة الاعلامية ان توفر المعلومات الكاملة الصحة والضرورية وايقافها التضخيمات والتهويلات الصحفية والتي من شأنها ان بثت من دون تحليل وتفكير الى اندلاع القلق واثارة الخيال المتخلف الذي قد يؤدي لنتائج كارثية فلذا لابد من تجنب الاثار السلبية للحدث الارهابي.
تؤدي الطبيعة الاستثنائية والدراماتيكية للهجمات إلى عرض ونشر وبث المعلومات بشكل فوري ومستمر وتتوالى الأخبار الإعلامية بشكل فوضوي للحدث الارهابي وبسرعة كبيرة مما ستؤدي اجهزة الإعلام بذلك الى اثارة القلق الجماهيري وقلقهم هذا سيكون من قلقا كبيرا وسيعرقل الوعي النقدي مما سيؤدي إلى جعل الأمر أسوأ مما هو عليه لتجاوزه للادراك العقلي وللمنطق السائد مما سيثير مشاعر حزن وخوف ورعب شديد.
وعلى كل حال فأن السبب الرئيس لكون الناس مهتمين بالهجمات الارهابية وذلك لانها تستهدف الجميع ولخوفهم إن يكون اهلهم أو اقاربهم أو معارفهم من ضمن الضحايا لذا ينظرون ويعتبرون الإرهاب خطرا اساسيا وشخصيا عليهم,
وهم لذلك قلقون حول تضخم المخاطر الخاصة ألمجابهه لهم،
لذا يسعون خلف جمع المعلومات والبحث دوما عن اجدد وآخر الأخبار.
وبالتالي فإن خوفهم يجذبهم بقوة والى اقصى حد ممكن للارتباط المتتابع بوسائل الإعلام والاتصال،
لذا فإن أجهزة الإعلام تجعل الناس سجناء علاقة سلبية ومؤلمة ومتشنجة ومرعبة بحثا عن أخر مستجدات العمليات الإرهابية.
والصادم للجمهور إن الغالبية العظمى لوسائل الإعلام تكون إخبارها ومعلوماتها كأنها مستنسخة عن بعض وحتى الصور والفيديوهات والتعليقات تبثها ذاتها لدرجة أنها تصخب الجمهور وتفقده امكانية استيعاب الكم الفوضوي الكبير من المعلومات التي تفتقد الابعاد الواقعية لمجريات الإحداث وتقودهم الى عالم يصعب فيه الاحساس بأيجاد السلام وانعدام الأمنين الحقيقي والخيالي من جميع الجوانب.
وإن حاجة الجمهور إلى الأمن تدفعه إلى البحث عن المعلومات، ولكن من المفارقات،
إن وسائل الإعلام تقدم له الحدث الارهابي من دون تمحيص وتحليل وابعاد مما يوقعه بكرب فكري وشعوري كبير وتوقعه في سحر الرعب وتفقده أيضا كل الاعتدال.
لدرجة إن الجمهور المتتبع لاجهزة الإعلام بسبب شعوره الكبير بالعجز والخوف من الوقوع ضحية للعمليات الارهابية يقشعر بدنه مع الخوف،
ويتجمد رعبا إثناء تفرجه أمام شاشته الاعلامية إن كانت صحفية أو سمعية أو تلفازية أو امام شبكات التواصل الاجتماعي.
وفي نهاية المطاف نؤكد حقيقة معروفة هي إن الانسان ما هو إلا كائن اجتماعي
فكيف يستطيع العيش بسماحه وسلم ورفاهية
وهو محاط من جهة بالعمليات الارهابية التي تقتله
ومن جهة أخرى محاط بالاجهزة الاعلامية التي ترعبه.
الدكتور ميثاق بيات الضيفي