لبيك اللهم لبيك ! للعلامة محب الدين الخطيب ، مقال نادى فيه الكاتب الأمة الإسلامية بأن تنهض من غفلتنا بالاستجابة إلى حي على الفلاح بالعمل والبذل والجد في حياتنا لتنهض الهمة، كتب المقال في حج عام ١٣٤٩ وعدد الحجاج ١٥٠ ألفاً طالباً من المسلمين عهداً بأن لا يحول الحول إلا وقد نفضت عنها غبار التخلف وحمل زمام المبادرة وقيادة العالم
مقال موجز في ٤٤٠ كلمة و ٢٦ فقرة يستغرق للقراءة الصامتة ٣ ةقائق و ٤٢ ثانية
لبيك اللهم لبيك ! للعلامة محب الدين الخطيب
لبيك اللهم لبيك ! (1) للعلامة محب الدين الخطيب
صوت القدس يصدر اليوم من أفئدة مائة وخمسين ألف مؤمن جمعتهم ساحة عرفات، فدوَّت به أرجاؤها،
ورددت صداه جبالها، وحملته الآفاق إلى ثلاثمائة مليون مسلم انتشروا في أنحاء العالم الإسلامي؛
فاشتركوا مع إخوانهم في إرسال هذا الصوت من الأرض إلى السماء؛
إشعاراً بالعروة الوثقى التي عقدها بينهم دين التوحيد، وشكراً لله على ما أنعم به عليهم من نعمة الهدى والرشاد.
إن قلوب المسلمين تتجه اليوم بما فيها من نور وإيمان إلى موقف تجرد الناس فيه لربهم،
وتساووا فيه جميعاً، فلا يتميزون بثيابهم، ولا تفرق بينهم مظاهر الدنيا.
وإذا علا بعضهم على بعض بشيء فبمبلغ الإخلاص الذي تصدر به كلمة لبيك اللهم لبيك من صميم الفؤاد.
لقد دعانا الله لأن نكون أمة صدق، وإن أعلانا منزلة عند الله والناس من كان أكثرَنا إخلاصاً حين يجيب نداء ربه قائلاً: لبيك اللهم لبيك.
ولقد دعانا الله لأن نكون أمة سعي، وإن أعلانا منزلة عند الله والناس من كان أقوانا عزيمة حين يجيب نداء ربه قائلاً: لبيك اللهم لبيك.
ولقد دعانا الله لأن نكون أمة عزيزة بين الأمم، وإن أعلانا منزلة عند الله والناس من كان أكثرنا عملاً لإعزاز هذه الأمة حين يجيب نداء ربه قائلاً:لبيك اللهم لبيك.
ولقد دعانا الله لأن نكون من أهل الفلاح، وإن أعلانا منزلة عند الله والناس من يذكر أن من واجبه العملَ لفلاح أمته كلما سمع المؤذن يقول: حي على الفلاح وكلما تصور هذه المعاني فقال: لبيك اللهم لبيك.
ولقد دعانا الله لأن نعد ما استطعنا من قوة، وإن أصدقنا إسلاماً من يحاسب نفسه على ما عمل من هذه الناحية، فيذكر ذلك مغتبطاً إذا أجاب نداء ربه فقال: لبيك اللهم لبيك.
كونوا أعز الأمم
أيها المسلمون، إن الأمر قد حزبكم في أضيق وقت، وإن الأخطار قد حفت بكم من كل جانب،
وإن دينكم بريء من كل ما حاق بكم من ذل، وبكل ما نزل بكم من خطب،
وبكل ما ابتليتم به من فقر وفاقة وعجز؛ لأن الله قد أرشدكم بهذا الدين إلى أن تكونوا أعز الأمم، وهداكم به إلى ابتغاء الجلادة (2) والسعادة من أقرب الطرق وأشرفها.
فإن كنتم قد فاتكم قبل اليوم أن تعملوا بهدايته، فأدبكم بالمصائب فقولوا مع شاعركم:
جزى الله المصائب كل خير … . . . . . . . . . . . . .
وارجعوا إلى ربكم رب الهدى والرشاد، ارجعوا إلى دينكم دين العز والقوة والسداد، انسوا السفاسف التي ألفتموها،
وترفعوا عن المنافع الخسيسة التي صرتم لا تقيسون الأمور إلا بمقياسها، وذوبوا في الحق،
واكتبوا سجلَّ اليوم الوقفية التي تجعلون بها أشخاصكم وقفاً على عز الإسلام ونهوضاً بالمسلمين؛
فإنكم إن تفعلوا يكتب الله لكم ذلك عنده وعند خلقه في الدرجات العلى، وتكونوا عنده وعندهم أسمى وأكبر مما لو عملتم للمنافع الخسيسة والسفاسف الصغيرة.
وإذن فلن يحول الحول، فيأتي مثل هذا اليوم المبارك من العام القادم حتى تكونوا سائرين في طريق السعادة والسيادة،
وتكونوا من أهل الصدق والإخلاص تنادون ربكم: لبيك اللهم لبيك!.
هيا تعالوا نتعاهد على هذا، ونجعل الله عليه خير الشاهدين.
الهوامش
____________________
(1) الحديقة 7/ 106_ 110، عام 1349هـ
(2) لعلها: المجادة. (م)
#محب_الدين_الخطيب
#المقالات_المختارة
#مقالات_في_العادات_والعبادات