Site icon حديقة المقالات

طغيان الكتابة الرديئة يبدد الكتابة الحقيقية

طغيان الكتابة الرديئة يبدد الكتابة الحقيقية

طغيان الكتابة الرديئة يبدد الكتابة الحقيقية مقال للكاتبة أ. نعمة القحطاني تناولت فيه الكلام عن موضوع التأليف وفق الكتابة السيئة وختم بـ رسالة إلى دور النشر

طغيان الكتابة الرديئة يبدد الكتابة الحقيقية

نعمة القحطاني

هل الكتابة حقٌ للجميع؟

هل منحنا الجميع فعلا كما ندعي حق الكتابة والتأليف؟

هل يوجد في مجتمعنا كُتاب حقيقيين؟

هل نستطيع أن نشعر بالراحة والأمان لأن مستقبل الكتابة والكتاب في مأمنٍ من الضياع والرتابة؟

هل الكاتب يكتب ما يمليه عليه فكره وضميره أم يكتب ما تمليه التفاهة والسطحية وحب الشهرة؟

على من يقع اللوم في ظهور الكتابة الرديئة على السطح وجعلها الأكثر رواجًا؟

يكتب الجميع لأن في الكتابة ما يشفى الصدور وما ينير العقول،

وبعضنا يكتب لأنه يريد أن يكتب لا لشيء إنما يريد ذلك فحسب،

ولكن قد لا نجد الكُتاب الذين نريدهم حقًا ونحن بأمس الحاجة إليهم، فإما محظورٌ وإما صامتٌ كونه لا يجد من يصغي إليه.

هناك الكثير من الكُتاب الجيدين وفي المقابل يوجد الكثير والكثير من الكُتاب الرديئون،

وما بين الصنفين تجد الكتابة تتأرجح فتارةً تجدها مفيدة ذات قيمة وتارةً من حيث لا تحتسب تخرج لنا الكتابة السيئة التي تحط من قيمة الأدب والثقافة بشكل عام.

نحن لا نبحث عن سوى الكتابة الحقيقية نريد علمًا نريد ثقافة نريد فكرًا فذًا نريد فلسفة نريد ونريد، الأمم لا ترقي بالتافهين إنما بالعظماء الحقيقيين.

فنحن الأمة الأكثر إرثًا للثقافة والعلم والفلسفة ورثنا عن الكتاب العمالقة ما لا يعد ولا يحصى ثم ماذا؟

لقد أضعنا الكثير فيما مضى، ثم ازداد الطين بلةً عندما خرج السفهاء على السطح ليكتبوا ما تمليه التفاهة وتشجعه الحماقة والرداءة.

ما يحزن حقًا في الأمر برمته هو أنه إن لم يكون هناك تجديد وبعث لروح الكتابة الحقيقية التي تمدك بالعلم والثقافة

وجدت كتابة لا تقل شأنًا عن المحادثات الاعتيادية والمألوفة للصغير قبل الكبير كما قال أدونيس:”تشكل الكتابة التي يسمونها حديثة آلة عملاقة. آلة من الكلام.

آلة من الكلام.

آلة من الكلمات لا ريب في أنه سيظل دومًا هناك كتابة، وسيظل هناك شعراء وكتاب، وإذا لم يحذروا مما يجري فإن كلمة الإبداع سيكون عليها العفاء.

سيجري إلغاؤها، ويوضع مكانها كلمة الإنتاج، وسنرى بعد ذلك انتاج نصوص أدبية على غرار إنتاج المنسوجات، أو أية سلعة أخرى.

ينبغي للأدب والفن بشكل عام أن يكونا الحياة ذاتها، فإذا لم يكونا كذلك، إذا لم ينعشا روحنا أكثر، على غرار الهواء والشمس، فسيغدوان على هامش الحياة.”هناك الكثير من الأسباب التي جعلت من الكتابة الرديئة ذات رواج وتصدرٌ دائم، سأذكر سببًا واحدًا ولعله الأبرز.

في السنوات الأخيرة وسائل التواصل الإجتماعي أصبحت مرتعًا لهؤلاء الكتاب السيئين وهناك نماذج لا تعد ولا تحصى.

فقد تفاجئ الجيل الأقل وعيًا بالصدام مع هؤلاء الكُتاب فوجدوا لديهم وفي دائرة محدودة ما يغذي حاجتهم اللحظية فقط،

من دون النظر إلى أبعد من ذلك كتغذية العقل والروح،

فأصبح هؤلاء المدعين للكتابة يهرفون بأشياء تافهة لا تسمن ولا تغني فإذا بهم يسيطرون وبشكل تام على هذا الجيل الأكثر عددًا والأقل وعيًا.

أصبح لديهم الكثير من المعجبين وذلك زاد من غرورهم الجاهل وعندها أصبحوا هم الكُتاب والقدوات.

ماذا سترث الأجيال القادمة من كتابات هؤلاء الكتاب السطحيين؟

التفاهة؟ الحماقة؟ الطيش؟

وربما أسوأ من ذلك بكثير.

أخشى أن يشتمنا أبناء الأجيال القادمة ويمزقوا بنا بسبب تفريطنا وعدم اهتمامًا لما سنورثه لهم.

نحن معشر القراء نضع اللوم كل اللوم على دور النشر التي تشرع أبوابها لكل من هب ودب لانريد أن نقف أمام رزقكم ولكن ذلك سيءٌ مخزٍ لدار النشر قبل الكاتب الرديء نفسه.

كانت دور النشر قديما ترفض بعض ما يكتبه الكُتاب؛

لأنها كتابة ضعيفة ركيكة ومكررة لا يمكن أن تنشر عن طريق هذه الدار كون ذلك لا يخدم الكتابة بشكلٍ عام ويعد تشويهًا لسمعة هذه الدار،

أما اليوم فقد باتت دور النشر ترفض الكتابات الحقيقية ذات الفكر الفذ ذات الابداع والقيمة والذائقة الرفيعة

لكونها تطرقت لقضايا المجتمع وانتقدت بعض السلبيات وعالجت بعض الأخطاء.

رسالة إلى الناشر

على دور النشر أن تعي ما معنى أن تنشر كتابًا

هل تنشره من أجل نفسك أم من أجل الأدب والكتابة بشكل عام!!

نرغب حقًا أن نعرف ما معني أن تجذبكم الكتابة الرديئة والسيئة

بدلًا من تلك التي لو نشرت عن طريق داركم لكانت خيرًا لكم أولًا وآخرًا؟!

رسالة إلى الكُتاب: الكتابة أمانة ثقيلة فلا تضعوها في أيدي الحثالة.

كونوا أصحاب رسالة هادفة وقيمة سامية.

رسالة إلى الناشر:

كن حريصًا على سمعة دار نشرك فذلك أهم بكثير من تلك الأموال التي لن تشتري بها السمعة الطيبة والشريفة لهذه الدار.

رسالة إلى القارئ: كن قارئًا راقيًا وإن قرأت شيئا تافهًا فلا تروج له كفانا تلوثًا وقذارة.

وأخيرًا، والحق أنني قد ترددت كثيرًا في كتابة هذا المقال،

ولكن كان لدي أملٌ كبير وشعرت بأن تلك الأمنية الحائمة في سماء أيامنا جميعا ستتحقق

تمنيت حقًا أن نرتقي بالكتابة كأمة تملك القلم تملك المفردة تملك عقولٌ فذة وهممًا عالية تملك الابداع والتميز.

حقًا ذلك ما أريد أراه أنا وجميع القراء في أرجاء الوطن العربي.

Exit mobile version