البطل اسماعيل ياسين في خواطر الشيخ #علي_الطنطاوي رحمه الله، مقال بعنوان ( البطل ) كتبه الشيخ عندما شاهد إعلاناً لأحد الأفلام وصورة الملصق الإعلاني
في هذا المقال إعادة تعريف لمعنى البطولة ، لم يغفر الشيخ علي رحمه الله ازدراء معنى البطوله في صورة رجل يهان أمام حذاء امرأة ويُظهر للملأ بصورة مبتذلة ممتهنة ثم يعرف بأنه البطل ،
وبدأها بلفتة كريمة وذكية حيث ابتدأ المقال بنفي البطولة عن نفسه تواضعاً ٫ مقال موجز في ٢٤٧ كلمة و ١٧ فقرة لكنة يغني عن المطولات في موضوعه
البطل اسماعيل ياسين في خواطر الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله
لا أزال أسمع ممن يحسن الظن بي قولهم أني أجيد الوصف وأن لي قدماً في هذا الباب من أبواب الإنشاء،
وكنت -لطول ما أسمع ذلك منهم- أكاد أصدق قولهم،
حتى كشف الله لي اليوم عن الحقيقة فعلمت أن ذلك المقال مجاملة وإيناس، وأني في الوصف من أعجز الناس …
علمت ذلك لما رأيت هذه الصورة التي يعلن بها عن فلم «البطل».
ولما حاولت أن أصفها لمن لم يرها، وأن أبين عن مبلغ ما عراني من الاشمئزاز و (القرف) لما رأيتها …
صورة هذا المهرج إسماعيل ياسين وهو مغمض العينين، محني الرأس، مفتوح الفم، ممدود الشفتين كأنه مجذوم مائل الشدق أو مجذوب سائل الريق …
وفي يديه الشيء الذي جذب لبه، وأخذ قلبه: حذاء امرأة!
فإذا كان هذا هو الإعلان فكيف يكون الفلم، وإن كان هذا هو العنوان فكيف يكون المكتوب؟
أي إهانة للذوق، وطعنة للرجولة، وإفساد لقلوب الشباب!
وإذا كان هذا كله من أجل الحذاء، فماذا يصنع إذا رأى ما في الحذاء، وما فوق الحذاء؟ ويسمونه فلم «البطل» احتقاراً للبطولة، وسخرية بها، وتهويناً لشأنها؟
لا. إن هذا كثير كثير.
إنه سيجعل شبابنا يظنون أن البطل هو الذي يفتح فاه مثل المجاذيب فناء في حذاء امرأة،
على حين أن وراء النهر بنات من بنات اليهود، يحملن الرشاشات ويصلين حر القتال.
إن هذا الفلم وأمثاله جريمة على الوطن، فحاربوها كما تحارب الجرائم.
ولست أكره أفلام المهازل (الكوميديا) ولا أنكر على الشعب أن يضحك،
ولكني أريد أن نضحك ونحن رجال أولو عزة وكرامة، لا أن نضيع كرامة أنفسنا وعزة رجولتنا من أجل ضحك ساعة.
نهاية المقال : البطل اسماعيل ياسين
المؤلف: علي بن مصطفى الطنطاوي (المتوفى: 1420 هـ)