آيات جامعة في الدلالة على وحدانية الله وكماله والرد على الملحدين
- الحمد الله رب العالمين،الذي فطر القلوب على توحيده ونصب الأدلة وأوضح فيما أنزل من البراهين العقلية ما يقتضي إلزام من سمعها بالرضوخ لها وتصديقها،والإيمان بها طوعاً وكرهاً،ولا ينكرها إلا مكابر خارج عن مقتضى ما تمليه عليه عقول البشر .
وصلى الله وبارك على رسوله محمد ،الذي قرر قواعد العقيدة السليمة ،وأرساها على ملة إبراهيم عليه السلام،وبعدُ :
فهذه ثلاث آيات جامعة في الدلالة على وحدانية الله وكماله والرد على الملحدين.
والمقصود بالآيات الجامعة،أي الآيات التي هي كلمات يسيرة ولكنها تحمل من المعاني والدلالات الكثيرة والغزيرة.
■الآية الأولى :
قال تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۚ بَلْ لَا يُوقِنُونَ}.[سورة ،٣٦،٣٥]
:إذا نظرتَ إلى العالم العلوي والسفلي وما أودع فيه من المخلوقات المتنوعة الكثيرة جداً،والحوادث المتجددة في كل وقت، وتأملتَه تأملاً صحيحاً،عرفت أن الأمورالممكنُ تقسيمُها في العقل ثلاثةٌ:
ـ أحدُها:
أن توجدَ هذه المخلوقات والحوادثُ بنفسها من غير محدِث ولا خالِق، فهذا محالٌ ممتنعٌ؛ يجزم العقل ضرورة ببطلانه،ويعلم يقيناً أن من ظن ذلك
فهو إلى الجنون أقرب منه إلى العقل،لأن كل من له عقل يعرف أنه لا يمكن أن يوجَد شيء من غير موجِد، ولا محدِث .
ـ الثاني: أن تكون هذه المخلوقات محدِثةً وخالقةً نفسَها،فهذا أيضاً محالٌ ممتنعٌ؛
يجزم العقل ضرورة ببطلانه وامتناعه،
فكل من له أدنى عقل يجزم أن الشيء لا يحدِث نفسه،كما أنه لا يحدُث بلا محدِث،
وإذا بَطَلَ هذان القسمان عقلاً وفطرة
تعيَّن القسم:
ـ الثالث: وهو أن هذه المخلوقات والحوادث لها خالِقٌ خلقها،ومحدِثٌ أحدثها،وهو الله الرب العظيم،الخالق لكل شيء،المتصرف في كل شيء، المدبر للأمور كلها. البراهين العقلية للعلامة السعدي (ص،١٧).
■الآية الثانية:
: قال الله تعالى على لسان نبيه موسى عليه السلام.
: {قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ} [سورة طه : ٥٠].
هذه الهداية العامة المشاهدة في جميع المخلوقات فكل مخلوق، تجده يسعى لما خلق له من المنافع، وفي دفع المضار عنه، حتى إن الله تعالى أعطى الحيوان البهيم من العقل، ما يتمكن به على ذلك.
فإذا تأملنا في الوجود حولنا لا نرى شيء من المخلوقات،وإلا وقد وهب الهداية.
فانظر إلى جميع المخلوقات فهل تجد من المخلوقات الصغيرة أوالكبيرة على اختلافها.
هل تجد فيها من لا يعرف كيف يعيش أو اين يتجه إلى ما فيه معاشه وصلاحه.
فهذا كله يدل يدل على الهادي سبحانه.
ومراتب هدايته لا يحصيها إلا هو، فتبارك الله رب العالمين.
ومن تأمل بعض هدايته المبثوثة في العالم شهد بأنه الله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم.
■الآية الثالثة:
قال جل ذكره:{ ۚ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ۚ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}.[سورة النمل: ٨٨].
أي: ربنا الذي خلق جميع المخلوقات،وأتقنها، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، الدال على حسن من صنعه وأعطى لكل شيء صورته التي لا يشتبه فيها بغيره، وأعطى كل عضو شكله وهيئته، وأعطى كل موجود خلقه المختص به.
فهل تجد في خلق الله ما ليس بمتقن.
فلا إله إلا الله الذي اتقن كل شيء وخلق كل شيء وأحكم كل شيء.
وفي كل شيء له آية
تدل على أنه الواحد.
■الخاتمة:
هذه البراهين في هذه الآيات يشترك في معرفتها والخضوعِ لها جميعُ العقلاء من البشر، ولا ينكرها إلا كلُّ مكابر مستكبر،منابذٍ للعقل والدين.
وهي مسائل أوضحُ وأظهر
من أن يحتجَّ لها وتذكر براهينها،ولكن كلما عرف المؤمنُ براهينَها قوي إيمانه،
وازداد يقينهُ، وحـمد الله على هذه النعمة
التي هي أكبر النعم وأجلها.
فسبحان من وضع هذه الدَلالاتْ والآيات البينات في الأَنفُسِ والأَراضينَ والسماوات {لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ }.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وصحبه أجمعين.
Be the first to comment on "آيات جامعة في الدلالة على وحدانية الله وكماله والرد على الملحدين"