كورونا بين الحركة العمالية وسطوة الرأسمالية 1\2 مقال للكاتب فواد الكنجي، كشف القناع عن وحشية (الرأسمالية) التي لطالما مجدت أمجادها بمفاهيم جلها اصطبغت بمعطيات انتهازية لتخدير الشعوب بأوهام الحرية
كورونا بين الحركة العمالية وسطوة الرأسمالية 1\2
فواد الكنجي
في ظل الصدمة النفسية وحالة القلق الوجودي التي أفرزتها جائحة (كورونا) والتي أربكت حركة المجتمعات البشرية؛
كشف القناع عن وحشية (الرأسمالية) التي لطالما مجدت أمجادها بمفاهيم جلها اصطبغت بمعطيات انتهازية لتخدير الشعوب بأوهام الحرية والديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان وغيرها من هذه الشعارات الرنانة؛
وهي في الحقيقة لم تكن إلا وهم وخيال؛
ليس لها تطبيق حقيقي على ارض الواقع؛
بقدر كونها ادعاءات مزيفة تدور في مخيلة الطبقات (الرأسمالية) و(الارستقراطية) التي تسيطر على وسائل الإنتاج بفعل ما تمتلكه من القوة والسيطرة،
والتي شاغل ما يشغلها هو الحصول على مزيد من الثروة ومزيد من الأرباح حتى وان كان على حساب أرواح العمال والكادحين والمعدومين والفقراء باعتبارهم أدوات الإنتاج يتم استغلالهم بكل وسائل الخداع والتظليل؛
لنلتمس وقائع عن هذا الاستغلال المتوحش كيف تم تظليل (الطبقة العاملة) بحوافز وهمية ليتم تشغيلهم واستغلالهم في ذروة تفشي وباء (كورونا) حتى وان جاء هذا الاستغلال على حساب حياتهم ليكون حصيلة هذه الأنانية تجريد الإنسانية من بعدها الإنساني .
وهذا (الاستغلال) يأتي للحصول على مزيد من فائض القيمة على حساب ما يبذله العمال والكادحين من جهد؛
وما يصبونه من عرق جبينهم في العمل،
لان للأسف؛ طبيعة المجتمعات المعاصرة؛
ولطبيعة التعقيدات العصر؛
أصبحت النظم (الرأسمالية) التي اليوم تسيطر على كل حلقات الحياة في اغلب دول العالم – إن لم نقل جميعها – تبعد الأنظار عن كثير من الحقائق والمفاهيم الإنسانية لتجاري الأسس الاقتصادية والتجارية للنظام (الرأسمالي)،
بكون من يسيطر على المنتجين من ناحية عملهم وإنتاجهم يكون بشكل مباشر وغير مباشر من قبل (الطبقة الحاكمة)،
وعبر التاريخ يكون هذا (الاستغلال) واردا بنمط النظام القائم؛
سواء في النظم (العبودية) أو (الإقطاعية) وهي نمط من الأنماط السلوكية (للرأسمالية)؛
إلا أن (الاستغلال) في النظام (الرأسمالي) تظهر مرتكزات الاستغلال بشكل مختلف أكثر ضراوة وبشاعة من النظم (العبودية) و(الإقطاعية)، و وفق ظروف التي تستحدث في حركة التاريخ .
وضع خارطة عمل
ومن هنا فان (الحركة العمالية) مطالبة اليوم بوضع خارطة عمل لـ(الطبقة العاملة) للحد من استغلال العمال في زمن (جائحة كورونا) وعدم مسايرة مخططات الإدارات الحاكم التابعة للنظم (الرأسمالية) التي تحرض على استمرارية العمل لعدم إلحاق أي خسائر في اقتصادها؛
وان كان على حساب تضحية بأرواح العمال،
فهي أي (الحركة العمالية) مطالبة بإعداد خطط عمل للطبقة العاملة ومن خلال تعبئة العمال في المصانع والمعامل والمدن ومطالبتهم لرفضهم القيام بالعمل في زمن (الأوبئة)،
كما يحدث اليوم في عالمنا الملوث بالجائحة (كورونا) وعدم استسلامهم لمخططات الطبقة (الرأسمالية)،
ليتم تغير مسار العمل لصالح (الطبقة العاملة) وسلامة العمل،
لان (الرأسمالية) بعد تفشي وباء (كورونا) طفح على السطح صراع فكري بين المفكرين والمنظرين والفلاسفة ومن مختلف اتجاهات وخاصة من الاتجاهات اليسارية التقدمية لنقد (الرأسمالية) بكل اتجاهاتها وهيمنتها على السياسة والاقتصاد؛
رغم إن بعض المفكرين والفلاسفة (الرأسمالية) يسعون لإنقاذ (الرأسمالية) – بمعنى إنقاذ (الاقتصاد) الذي هو دعائم التي تستند عليه (الرأسمالية) – مع كون أمر هؤلاء لم يعد مقنعا،
بعد إن أصبح منصات الإعلام مفتوحة للجميع؛
رغم إن الإعلام ما زال يتستر عن كثير من الأطروحات التقدمية ومحاولة تظليل الوقائع على حساب جهات معينة مرتبطة بإدارات (الرأسمالية) الحاكمة،
لان اغلب الآراء اليوم تتجه بالقول بان عالم ما بعد (كورونا) ليس كما كان قبله،
لان منطق الذي تفرزه مقدمات العمل في ظل زمن تفشي وباء (كورونا) تؤكد بان النظام (الرأسمالي) بصدد انهيار غير مسبوق لعدة أسباب منها:
أولا.. فقدان عدد هائل من العمال والموظفين إعمالهم أو من هم في طريق فقدانه .
ثانيا.. عدد هائل من الشركات و المعامل أغلقت أبوابها مؤقتا أو ربما ستغلقها نهائيا بعد إعلان إفلاسها .
مؤشرات انهيار النظام الرأسمالي
وهذه الأمور؛
يجعل المجتمعات تدخل مرحلة الانكماش والركود والكساد الاقتصادي،
وهذه مؤشرات توحي كمقدمات منطقية لانهيار النظام (الرأسمالي) – لا محال – سيشهده عالمنا ما بعد زمن (كورونا)،
وهنا يطرح السؤال نفسه :
– هل نحن أمام مرحلة تاريخية لحركة تاريخ في تغيير طبيعة النظام الاقتصادي والايدولوجيا للمجتمعات والانتقال إلى نظام جديد؛
ما بعد (الرأسمالية) ……..؟
لعلا كل مؤشرات الفكرية والفلسفية تؤكد ذلك،
ولكن ليس لهم تصورات عن شكل النظام الجديد الذي سيخرج ما بعد زمن (كورونا)،
رغم إن الفكر (الماركسي) قد أشار إلى مرحلة ما بعد (الرأسمالية) كما يذهب (ماركس) في كتابه (الرأسمالية)،
لأنه أكد بان (النظام الرأسمالي) ضمنيا (يحبل بالتناقضات) وأنه يحتوي في ذاته بذور فنائه .
لان اغلب مفكري الفكر الفلسفي ومنذ أمد ليس بالقصير كانوا يتبنون خط الانتقاد للفكر (الرأسمالية)،
لان عبر حركة التاريخ دوما كان السبب وهو نتيجة أحداث (التغيير)؛
كأحد عوامل انهيار النظم الاجتماعية؛
لطبيعة تأثيرات عوامل (التغيير) على النظم المجتمعية بما يستحدث من تغييرات على كل ما هو عدا قديما،
وهو ما ينطبق على الفكر (الرأسمالية) الحالي بما يواجه من تغييرات في زمن ما بعد (كورونا) ليعد نظاما قديما؛
ولابد من ظهور (نظام جديد) يواكب تطلعات المجتمعية في زمن ما بعد (كورونا)،
لان وفق تحليلات (حركة التاريخ) بان (التغيير) يحدث نتيجة تفاقم أزمة مجتمعية تصل إلى مستوى اختناقات مجتمعية تفقد السيطرة عليها؛
فيحدث (التغيير) في طبيعة النظام (الرأسمالي) القائم؛
تاريخ صفحته؛
لينتقل إلى صفحة أخرى كجزء من (تحولات تاريخية) جديدة بنوعيتها؛
والتي لا تعيد نفسها بكل معطياتها الفكرية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية .
ولكي يحدث مثل هكذا تحولات لابد إن نقف قليلا لطرح سؤال :
– هل إن جائحة (كورونا) ستكون مؤثراتها فعلية لاستحداث تغييرات مجتمعية …………؟
بدا نقول، بان (حركة التاريخ) لا تتوقف بصيرورته،
ولكن لإحداث (التغيير) في حركته تتم وفق (عاملين لا ثالث لهما) لإحداث تغييرات واقعية في المجتمعات جذرية وحقيقية :
أولا.. إما من خلال نشوب حرب كونية طاحنة .
ثانيا.. أما من خلال تفشي أوبئة جائحة تفتك بالمجتمعات بشكل مؤثر .
لا تحول ولا تغيير بدون قوة مؤثرة
فـ(التغيير) و(التحول) المجتمعي يأتي بوجود هذه المؤشرات،
لان لا (تحول) ولا (تغيير) بدون قوة مؤثرة تغير النظم القائمة،
فـ(الرأسمالية) لن تسقط إلا بوجود مثل هكذا عوامل التي تشعل (الصراعات الطبقية) في المجتمع،
والصراعات الطبقية؛
لا تأتي بثمارها في تغيير طبيعة النظم القائمة في الإدارات (الرأسمالية) إلى نظم جديدة إلا بعد إن تكون النظم الجديدة لها تصورات حقيقية ومساهمات فعلية في تعزيز القيم المجتمعية من:
1 .. العدالة الاجتماعية
2 .. المساواة
3 .. الحرية
4 .. نبذ الاستغلال بكل أشكاله وألوانه
5 .. المحافظة على التوازن الطبقي في المجتمع دون تصنيف .
ومن هنا يأتي دور (الحركات العمالية) ونقاباتها في تهيئة المناخ السليم لاحتضان (العمال) والدفاع عن حقوقهم والحد من استغلالهم؛
وخاصة في أزمة الأوبئة كما يحدث في أيامنا هذه،
ليتم توعية (العمال) لاتخاذ إجراءات حاسمة تكون الأولية للقرارات التي تحافظ على الأرواح العمال وإنقاذهم وتدعم مكتسباتهم الحقيقية،
بعد إن اتجهت اغلب الدول (الرأسمالية) وفي مقدمتها (الدول الصناعية – الرأسمالية الكبرى) لضغط على (النقابات العمالية) من أجل عدم توقف الإنتاج؛
دون الاكتراث بمخاطر التي قد يتعرض لها (العمال) نتيجة تفشي وباء (كورونا)؛
الذي يحصد أرواح الملايين في العالم،
حيث لغاية كتابة هذا المقال تم إصابة أكثر من (ثلاثة مليون إنسان) ووفاة ما تجاوزا عن (ربع مليون إنسان) بعد إن انتشر وباء (كورونا) في أكثر من (193 دولة) حول العالم .
دور النقابات العمالية
لذلك يتطلب من (النقابات العمالية) وحركاتها؛
تنظيم احتجاجات وتظاهرات مؤثرة؛
بعد إن تمادى أرباب العمل في غيهم دون الاكتراث بالأضرار الجسدية والنفسية والصحية والمالية التي تلحق بالعمال والكادحين،
بعد إن تم الضغط عليهم لمواصلة العمل في المصانع والمعامل في ظل تفشي وباء (كورونا)،
بحجج – غير مقنعة – بأنه تم إعادة تنظيم العمل في المصانع بطريقة تجعل ظروف العمل أكثر أمانا،
ولكن للأسف وكما لاحظانا في عديد من دول العالم بان قادة (النقابات والحركات العمالية) سايرت بشكل ضمني الطبقة (الرأسمالية) التي تدير هذه المصانع،
وهذا مؤشر بان اغلب قادة (الحركات العمالية) في الدول التي أنظمتها (رأسمالية)؛
تتميز بطابع (بيروقراطي) الذي يؤثر سلبا عن دور النقابات في الدفاع عن حقوق (العمال)،
وهذا ما يتطلب إلى إعادة النظر في هذه (القيادات) من خلال (الطبقة العاملة) لتغيير هذه الهيكلية تغييرا جذريا وإتيان بأناس ذو توجهات تقدمية و وطنية رصينة تمتلك الخبرة والعلم والمعرفة وتتعامل مع (الطبقة العمالية) بمسؤولية أخلاقية عالية؛
بكون حاملي هذه الأفكار الوطنية أناس ثوريين وعمليين وجل هدفهم هو النضال من اجل تغيير (قوانين العمل) بما يخدم مصالح (الطبقة العاملة) والإنتاج الوطني،
لان ما لم يتم معارضة ما يحدث اليوم في اغلب المصانع والمعامل في الدول الصناعية (الرأسمالية) ووقوف بوجه الاستغلال (الرأسمالي) في ظل جائحة (كورونا)؛
فلا محال فإننا لا نتوقع أي (تغيير)،
لان (الرأسمالية) ستعيد إنتاج نفسها في زمن ما بعد (كورونا) إذ ظلت (نقابات العمال) – لضعف أدائهم وبعدهم عن الحس الثوري – تجاري تطلعات الطبقة (الرأسمالية) التي لا تكترث بأرواح (العمال) وتستغلهم في العمل رغم تفشي اخطر وباء يجتاح عالمنا وهو وباء (كورونا) القاتل،
لان في مرحلة ما بعد (كورونا) ستلجئ كل الدول (الرأسمالية) إلى (تضخيم الدين العام) لتلجي إلى فرض الضرائب وستتدخل في رفع أسعار السلع وإعلان حالة التقشف،
وهي عوامل التي تقصف ظهر (الطبقة العاملة) وتهضم حقوقهم،
وهذه الإجراءات ستتخذها الإدارة (الرأسمالية) حفاظا عن مصالحها وليس عن مصالح (الكادحين والفقراء والطبقة العاملة) كونها تخدم أولا وأخيرا مصالحها .