Site icon حديقة المقالات

قتل القتيل ومشى بجنازته !!!

قتل القتيل ومشى بجنازته !!! مقال للكاتبة د. نيرمين ماجد البورنو في التعليق على جريمة قتل الطفل محمود شقفة وبيان عظم جريمة سرقة الروح ودور الضمير الذي هو صوت الحق

قتل القتيل ومشى بجنازته !!!

د .نيرمين ماجد البورنو

لم أدرك ماهية هذا المثل “يقتلون القتيل ويمشون في جنازته” ؛ بانه يمكن أن ينطبق على ما جرى للطفل محمود شقفة ( عامان ونصف )؛

والذي عثر على جثته مدفونة في أرض زراعية قرب مكان سكنه في قطاع غزة برفح

وتم عرض جثته على الطب الشرعي للوصول الى الجاني

وبالفعل ؛ فلقد توصلت التحريات والتحقيقات الى ان الجاني هو ابن عمه والده

والذي يسكن قرب منزل العائلة ؛

وكان على مدار الايام الخمسة لغياب الطفل ملازم لوالد الطفل في البحث عنه ومحاوله التخفيف عن مصابه الجلل ؛

الا بعد أن رأيت مشاهد تمثيل القاتل للقتل ومشاهد الجنازة والمظاهرات والغضب التي اجتاحت الشوارع اثر العمل الجبان لمقتل الطفل ؛

فخيوط الجريمة لم تنكشف بسهولة ؛ فلقد اختفت اثار الطفل لمدة خمسة أيام وبعد أقل من 48 ساعة من وقوع الحادثة،

وأثناء عمليات البحث عثرت الشرطة على بعض ملابس الطفل وعليها آثار دماء وعملت على تكثيف البحث باستخدام الكلاب البوليسية من أجل الوصول الى الطفل وانهاء هذه المأساة , والعجيب بالموضوع ان الجاني ابن عم والده يقتل الطفل بدم بارد ويتصور صور وفيديو تجمعه مع  والد الطفل لمؤازرته ومواساته لاختطافه روح ابنه الوحيد !!!

فلقد بت اتساءل حقا حينما شاهدت أم الطفل تبكي بحرقة ما هو ذنب الطفل البريء محمود حينما ارتكب بحقة جريمة القتل

فهو طفل لم يعرف من الدنيا شيء ابداً ,

وهو وحيد ابوية ؛ جريمة بشعة أحرقت قلوبنا وأوجعت ضمائرنا وأرواحنا وأغرقتنا بحزن كبير وعميق ،

فلقد اصطحب الجاني الطفل من أمام منزله بسيارته، وضربه على رأسه كي يغمى عليه، ووضعه بجوار الدواسة،

ثم مر من أمام منزل عائلة الطفل وشاهد والده ،

وألقى التحية عليه وواصل الطريق باتجاه جدار ضرب رأس الطفل فيه عدة مرات حتى قتله،

حاول دفنه في بئر فلم يستطع، فأخرجه وعاد لدفنه في أرض قرب منزلهم

ووضع فوق التراب فلفل أسمر كي يشتت كلاب الأثر عند البحث.

سرقة الروح

حقا بتنا نستغرب في هذه الأيام أن يقوم أحدهم بقتل والده

أو قتل قاضي يقف مع الحق أو قتل زوجته أو ولده وتناسوا حقا

ان قتل إنسان لإنسان بريء يجرده من أدميته وانسانيته ؛ فهي ليست مجرد جريمة بل تطاول على خلق الله

و سرقة للروح التي خلقها الخالق سبحانه و تعالى …

فالله وحده من يملك تلك الروح , فباي بحق سلب روحه وباي ضمير وانسانية يتنفس ,

فلقد خرج القاتل عن دائرة الانسانية وتحول الى صخره صماء بل أشد قسوة؛

فهل سنجد له مبررا لتلك الافعال كاعتلال في العقل وغياب للوعي وقسوة للقلب !!!

وهل سينال الجناة أشد الجزاء والقصاص وفق القانون التي ترسمه الدولة لحفظ الأمن والاستقرار

ولكي يبرد قلب أهالي القتلى الأبرياء لأنها جريمة نكراء وفعل قبيح لا يمكن تأييده!!!

الضمير صوت الحق

لقد قرأنا وتمعنا وتعلمنا قديما في مدراسنا العديد من الأقوال والأمثال والحكم عن الضمير الحي والانساني

باعتباره الميزان للتمييز بين الاعمال الصحيحة والخاطئة

حينها كنا نشعر بالندم الشديد عندما نرتكب أموراً مخالفة لأخلاقنا أو ما نتبنّاه من مبادئ،

فحينما تسرق ابتسامة من كان سبب في ابتسامتنا فانت بلا ضمير ؛

فالسعادة الحقيقية موجودة في الضمير ؛ والضمير الحي وسادة ناعمة ؛

و الضمير هو صوت الحق؛ الضمير بوصلة المرء؛

فالضمير اذن هو الصديق الذي يحذّرنا قبل أن يحاكمنا القاضي ؛

فأين إندثر ضمير القاتل !!! والى أين المصير في زمن خفت صوته عند الكثيرين ّ!!!!

وهل بات الضمير كلمة محذوفة فعليا من قواميس كثير من البشر !!!

فبأي ذنب قتلوك يا صغيري !!! وأي قدرة إجرامية تملكها القاتل ليقتلك دون أن يرتجف له ضمير ؟؟؟

وهل سنحزن عدة أيام ومن ثم نعود كأن شيئا لم يكن ،

وننتظر وجعا جديداً لتحترق قلوبنا دماً ؟؟؟!!!

Exit mobile version