شماعة ” الدنيا تغيرت ” ! مقال للكاتبة د .نيرمين البورنو، الدنيا لم تتغير لأنها ليست بعاقل حتى تدرك وتتغير , ولكن القلوب والنفوس والأخلاق هي التي تغيرت !
شماعة ” الدنيا تغيرت ” !
د .نيرمين ماجد البورنو
لقد بتنا نسمع عبارات كثيرة نلوم فيها الدنيا والزمن الذي نحياه وكأن الدنيا أضحت شماعة البعض يخطئون ثم يرددون الدنيا تغيرت ؛
الدنيا لم تتغير لأنها ليست بعاقل حتى تدرك وتتغير , ولكن ربما هي القلوب والنفوس والأخلاق والمبادئ والقيم والعادات والتقاليد هي التي تغيرت !
الناس قد يتغيرون ويتلونون عمداً لأنهم لم يستطيعوا إخفاء حقيقتهم أكثر من ذلك ؛
فهل ما زال هناك شك في عبارة الزمن تغير أم النفوس هي التي تغيرت أم نحنا الي تغيرنا !
لقد شهد العالم حروب وصراعات وجوع وفقر وفقد وتنمر وقتل وانتحار وشربوا أوجاع أكبر من أعمارهم ؛
فإلى متى سنتلاعب بالأقنعة ونتلاعب بمشاعر الناس الصادقة والبريئة؛
فهل الدنيا تغيرت عندما يؤذي الجار جاره وحينما لا يفرح لفرحه وحين لا يعلم بوجوده أو رحيله ؛
وحينما لا يفشي السلام عليه وتنعدم حينها المشاركة والزيارة ؛ أين اقتداءنا بالمصطفى السلام رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال
” ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه ” ؛
وهل الدنيا تغيرات عندما نعلم أطفالنا منذ نعومه أظافرهم على العنصرية ؛ فالإنسان لا يولد عنصريا نحن من يعلمه العنصرية والحقد والكرة ؛
فالأطفال إذن يسمعون كل ما تقول ويقلدون كل ما تفعل فامنحهم إذن القدوة الحسنة ؛
وهل تغيرت النفوس بسبب الأموال والجاه والنفوذ فملئت القلوب غيره وحسد ؛
وبتنا نراقب البعض فلان سافر وفلان أشتري بيت وفلان اشتري عربية وفلان يلبس أفخم لبس ؛ وبتنا نسأل أنفسنا ليه أشتري وليه سافر وليه وليه؟
وهل تغيرت عندما يقسو الأبن على والدية ويطردوهم الي بيوت العجزة والمسنين ؟
وهل تغيرت عندما ندعي العلم والأخلاق والثقافة ونرفع الشعارات الرنانة للحصول على منصب مرموق وهل الشهادة باتت برستيج للتقدم والتباهي ؟
وهل تغيرت لدرجة انه لم يعد لكبار السن وقار بيننا ولم يعد لكبار السن كلمة علينا وننظر لهم بمنظار تطورنا وتخلفهم !
وهل تغيرت الي أن وصل بنا الحال للتقليد الأعمى للغرب في العادات السيئة،
عنوان
وكيف أن الكثير من الشباب والفتيات في مجتمعنا يسخرون من الدين ومن العادات الأصيلة، ولا يحترمون أصحاب الرأي السديد ،
حتى أن مستوى الانحطاط الخلقي وصل بهم أن لا يحترموا أهلهم الذين قدموا لهم جميع متطلبات الحياة؛
وهم يرون في تصرفاتهم وأعمالهم تقدماً وأنهم يسيرون في ركب الحضارة ويقولون “الدنيا تغيرت” ولكنهم لا يعرفون أن من ليس له ماض لا حاضر له،
{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ} ؛
وهل تغيرت لدرجة أن أسمي علاقة على وجه الارض وهي الأخوة باتت مبينة عند البعض على المصلحة؛
فالأخ لا يحن على أخية وقد يصل به الحال لدرجة قتله ؛ بأي عين بتنا نعيب الدنيا والعيب فينا !
لماذا كل هذه الأفعال من أجل مال زائل أو من أجل لحظة غضب وانتقام ؟
وهل الشماعة التي نرمي عليها أخطاءنا هي الدنيا والعولمة والركض لمواكبة تغيرات العصر
التي طرأت على عالمنا وعيشتنا غضب عنا التطور الذي حل علينا وبالتالي أثر على الأنسان ؟
لقد أصبحنا نمتلك أنانية منقطعة النظير فلقد قتلنا روح التملك فنسينا التصافي والمحبة والحب ؛
مصابون بشزفرينية رهيبة منقطعة النظير نقول ولا نعمل فقد نقول شعرا وخواطر في أوطاننا
ونرمي القاذورات من شبابيك سيارتنا وبيوتنا !
ونتلفظ بألفاظ نابية متظاهرين بالرقي والقيم !
عنوان
الناس ليسوا بحاجة للنصح دائما ؛ فأحيانا كل ما يحتاجونه هو يد تمسك بهم وأذن تستمع لهم وقلب يستوعبهم وكلمة طيبة تحنو عليهم ؛
لا ننكر أن الدنيا ما زالت بخير وهناك أناس نتوسم فيهم الخير فقلوبهم بيضاء ناصعه ؛
لم أعي عبارة أمي والتي كانت ترددها عندما كنا أطفال الا عندما كبرت
فلقد كانت تردد الدنيا وصعبة فاضحكوا في وجه أبيكم عندما يعود الي البيت فالعالم في الخارج موحش ؛
يحطم الآباء كالأواني الفخارية ؛
وأن الدنيا لم تتغير فهي لليل كالسبات وللنهار لكسب العيش والسعي والعمل ؛
وأن الدنيا تحتوي على أربعة فصول باقية كما هي فالشمس تشرق صباحا وتغرب مساءا والقمر يطلع ليلا والبحر كاتم الأسرار والجبال لم تتزحزح من مكانها ؛
وان الدنيا تحتوي على جبال وأنهار وصخور وبحار من مخلوقات الله فهي ثابتة فسبحان الخالق .
علينا أن نؤمن بأن الدنيا تتطور وتتغير بسبب التكنولوجيا والتطور وليست النفوس والاخلاق والقيم ؛
وانه ليس سهلاً أن نتغير نحن بنفس السرعة والمقدار، فالمراجعة في مواقفنا ضرورية ونحن على ثقة بقدراتنا على التكيف
وكل ما نحتاج إليه هو التفكير العميق وإعمال الفكر مع العمل والإيمان بقدراتنا الذاتية وتكيفنا مع معطيات العصر
وما تفرضه من ظروف مع عدم التنازل عن كل ما يسيء لمجتمعنا ويزعزع أركانه،
فشعب صاحب حضارة حري به أن يتجاوز السلبيات ويبني على الإيجابيات ويأخذ من الحياة ما يناسبه ويتوافق مع تطلعاته وآماله وأهدافه وأحلامه.