مسائل في الخلاف الفقهي بين علماء الأمة 

الخلاف الفقهي بين علماء الأمة

الخلاف الفقهي بين علماء الأمة مقال للكاتب يزن الغانم أبو قتيبة استعرض فيه ثنتي عشرة مسألة من مسائل في الخلاف الفقهي بين علماء الأمة 

 

مسائل في الخلاف الفقهي بين علماء الأمة

المقدمة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: فإنه ينبغي تعلم، كيف يتعامل مع الخلاف الواقع بين العلماء،ويتعلق في بهذا الأمر مسائل.

المسألة الأولى :
قال تعالى :{فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.[سورة اﻷنبياء ٧].
قال العلامة السعدي رحمه الله تعالى في تفسير الآية : وهم أهل العلم، فإنها عامة في كل مسألة من مسائل الدين، أصوله وفروعه، إذا لم يكن عند الإنسان علم منها، أن يسأل من يعلمها، ففيه الأمر بالتعلم والسؤال لأهل العلم، ولم يؤمر بسؤالهم، إلا لأنه يجب عليهم التعليم والإجابة عما علموه.
وفي تخصيص السؤال بأهل الذكر والعلم، نهي عن سؤال المعروف بالجهل وعدم العلم.

المسألة الثانية:
اختلاف العلماء في كل عصر في المسائل الفرعية الجزئية،من زمن الصحابة رضي الله عنهم إلى زماننا.

ففي الصحيح، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا لَمَّا رَجَعَ مِنَ الْأَحْزَابِ : لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ .
فَأَدْرَكَ بَعْضَهُمُ الْعَصْرُ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ : لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : بَلْ نُصَلِّي ؛ لَمْ يُرَدْ مِنَّا. ذَلِكَ فَذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ. رواه البخاري (٩٤٦)،ومسلم (١٧٧٠).

فائدة : ومن أفضل ما كتب في بيان أسباب اختلاف العلماء، رفع الملام عن الأئمة الأعلام لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، ورسالة سهلة لطيفة للعلامة ابن عثيمين بعنوان الخلاف بين العلماء أسبابه وموقفنا منه.

المسألة الثالثة :
لم يختلف الصحابة والسلف في أصول الدين وأصول الاعتقاد والتوحيد، وكذلك من بعدهم من علماء أهل السنة والجماعة، في مثل مسائل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
وهذا بخلاف مسائل الأحكام الفرعية القابلة للاجتهاد والاختلاف.

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:
إن أهل الإيمان قد يتنازعون في بعض الأحكام، ولا يخرجون بذلك عن الإيمان، وقد تنازع الصحابة في كثير من مسائل الأحكام وهم سادات المؤمنين، وأكمل الأمة إيمانا. ولكن بحمد الله لم يتنازعوا في مسألة من مسائل الأسماء والصفات والأفعال، بل كلهم على إثبات ما نطق به الكتاب والسنة، كلمة واحدة، من أولهم إلى آخرهم، لم يسوموها تأويلا، و لم يحرفوها عن مواضعها تبديلا.إعلام الموقعين(٩١/٢).

المسألة الرابعة :
خلاف العلماء رحمة واسعة في المسائل الجزئية الفرعية،وفيه نوع من التوسعة على الأمة.
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله تعالى:
جعل في سلف هذه الأمة أئمة من الأعلام، مهد بهم قواعد الإسلام، وأوضح بهم مشكلات الأحكام، اتفاقهم حجة قاطعة، واختلافهم رحمة واسعة. المغني(٤/١).
وقال أبو يزيد البسطامي رحمه الله تعالى:
اختلاف العلماء رحمة إلا في تجريد التوحيد.حلية الأولياء(٣٦/١٠).
ولا يجوز أخذ هذا النوع من الخلاف السائغ مطيةّ للتجريح في العلماء و اسقاطهم،فذلك من أعظم الجهل والظلم.

المسألة الخامسة :
إذا اختلف أهل العلم في مسألة من المسائل وجب على المسلم أن يتبع من يظنه أقرب للحق والصواب لعلمه وورعه.
فإن كانوا سواء في العلم والورع، أو شق معرفة الأعلم، أو كان ما استدل به أحدهما أقوى في الحجة وظهور الدليل مما استدل به الآخر، أخذ به، أو كانت نفسه تسكن لفتيا أحدهما، ويطمئن لها قلبه، دون فتيا الآخر، أخذ بهذا المرجح.
ولا يجوز أن يتخير ما تهوى نفسه،لأن ذلك اتباع للهوى لا للشريعة ،قال تعالى{وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}
[سورة ص ٢٦].
قال العلماء : ونظير هذا كما أن الإنسان إذا أصيب بمرض ،فإنه يبحث عن أوثق الأطباء وأعلمهم ويذهب إليه لأنه يكون أقرب إلى الصواب من غيره ، فأمور الدين أولى بالاحتياط من أمور الدنيا .

قال الإمام الخطيب البغدادي رحمه الله تعالى: وإذا قصد أهل محلة للاستفتاء عما نزل به , فعليه أن يسأل من يثق بدينه ويسكن إلى أمانته.الفقيه والمتفقه(٣٧٦/٢)

قال ابن القيم رحمه الله تعالى:
وقد نصب الله سبحانه وتعالى على الحق أمارات كثيرة، ولم يسوِّ الله سبحانه وتعالى بين ما يحبه وبين ما يسخطه من كل وجه، بحيث لا يتميز هذا من هذا، ولابد أن تكون الفطر السليمة مائلة إلى الحق، مؤثرة له، ولابد أن يقوم لها عليه بعض الأمارات المرجحة. إعلام الموقعين(١٣٨،١٣٧/٦)

قال الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى : أما اختلافُ العلماء بالنسبة إلى المقلِّدين، فكذلك أيضًا، لا فرق بين مصادفة المجتهدِ الدليلَ، ومصادفة العاميِّ المفتيَ؛ فتعارُضُ الفتويَيْنِ عليه كتعارض الدليلينِ على المجتهد، فكما أن المجتهد لا يجوز في حقه اتباعُ الدليلين معًا، ولا اتباع أحدهما من غير اجتهاد ولا ترجيح، كذلك لا يجوز للعاميِّ اتباع المفتيَيْنِ معًا ولا أحدهما مِن غيرِ اجتهادٍ ولا ترجيح.الموفقات(٧٧/٥).

المسألة السادسة :
لا يجوز للمسلم أن يتتبع رخص العلماء، وما يسمى بالأسهل في كل مذهب، فإنه من تتبع رخص العلماء اجتمع فيه الشر كله، ووجد من الفتاوى ما يستحل فيه كثير المشتبهات والمحرمات.
قال سليمان التيمي: لو أخذت برخصة كل عالم اجتمع الشر كله، وعلق ابن عبد البر على ذلك بقوله: هذا إجماع لا أعلم فيه خلافاً.جامع بيان العلم وفضله(٩٢،٩١/٢).
وقال الإمام الأوزاعي: من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام. سير أعلام النبلاء( ١٢٥/٧).

المسألة السابعة :
رواه الإمام أحمد ،(١٧٥٤٥) ،عن وابصة بن معبد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : (جِئْتَ تَسْأَلُنِي عَنْ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ فَقَالَ نَعَمْ فَجَمَعَ أَنَامِلَهُ فَجَعَلَ يَنْكُتُ بِهِنَّ فِي صَدْرِي وَيَقُولُ يَا وَابِصَةُ اسْتَفْتِ قَلْبَكَ وَاسْتَفْتِ نَفْسَكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ الْبِرُّ مَا اطْمَأَنَّتْ إِلَيْهِ النَّفْسُ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي النَّفْسِ وَتَرَدَّدَ فِي الصَّدْرِ وَإِنْ أَفْتَاكَ النَّاسُ وَأَفْتَوْكَ) .وهو من أحاديث الأربعين النووية ، وقد حسنه النووي والمنذري والشوكاني ، وحسنه الألباني لغيره في صحيح الترغيب (١٧٣٤) .

وفي شرح هذا الحديث قال أهل العلم :
يخطئ كثير من الناس في فهم هذا الحديث ، حيث يجعلونه مطية لهم في الحكم بالتحليل أو التحريم على وفق ما تمليه عليهم أهواؤهم ورغباتهم ، فيرتكبون ما يرتكبون من المحرمات ويقولون : (استفت قلبك) !! مع أن الحديث لا يمكن أن يراد به ذلك ، وإنما المراد من الحديث أن المؤمن صاحب القلب السليم قد يستفتي أحداً في شيء فيفتيه بأنه حلال ، ولكن يقع في نفس المؤمن حرج من فعله ، فهنا عليه أن يتركه عملاً بما دله عليه قلبه .

قال ابن القيم رحمه الله :
“لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي إذا لم تطمئن نفسه ، وحاك في صدره من قبوله ، وتردد فيها ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : (استفت نفسك وإن أفتاك الناس وأفتوك)
فيجب عليه أن يستفتي نفسه أولا ، ولا تخلصه فتوى المفتي من الله إذا كان يعلم أن الأمر في الباطن بخلاف ما أفتاه ، كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : (من قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذه ، فإنما أقطع له قطعة من نار) .
والمفتي والقاضي في هذا سواء ، ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه إذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن ، سواء تردد أو حاك في صدره ، لعلمه بالحال في الباطن ، أو لشكه فيه ، أو لجهله به ، أو لعلمه جهل المفتي ، أو محاباته في فتواه ، أو عدم تقيده بالكتاب والسنة ، أو لأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة ، وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه، وسكون النفس إليها. إعلام الموقعين(٢٥٤/٤) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
حتى وإن أفتاك مفتٍ بأن هذا جائز ، ولكن نفسك لم تطمئن ولم تنشرح إليه فدعه ، فإن هذا من الخير والبر ، إلا إذا علمت في نفسك مرضا من الوسواس والشك والتردد فلا تلتفت لهذا ، والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يخاطب الناس أو يتكلم على الوجه الذي ليس في قلب صاحبه مرض .شرح رياض الصالحين(٢٨٤/٢) .

وقال رحمه الله : (الإثم ما حاك في نفسك) أي : تردد وصرت منه في قلق (وكرهت أن يطلع عليه الناس) لأنه محل ذم وعيب ، فتجدك متردداً فيه وتكره أن يطلع عليك الناس .
وهذه الجملة إنما هي لمن كان قلبه صافياً سليماً ، فهذا هو الذي يحوك في نفسه ما كان إثماً ، ويكره أن يطلع عليه الناس .
أما المُتَمَرِّدون الخارجون عن طاعة الله الذين قست قلوبهم فهؤلاء لا يبالون ، بل ربما يتبجحون بفعل المنكر والإثم ، فالكلام هنا ليس عاماً لكل أحد ، بل هو خاص لمن كان قلبه سليماً طاهراً نقياً ، فإنه إذا هَمَّ بإثم وإن لم يعلم أنه إثم من قبل الشرع تجده متردداً يكره أن يطلع الناس عليه ، فهذا علامة على الإثم في قلب المؤمن. شرح الأربعين النووية(ص،٢٩٥،٢٩٤).

المسألة الثامنة:
لا يجوز لمسلم ولا مسلمة إهمال تعلم الدين وسؤال العلماء، بل الواجب أن يجتهد في ذلك ويسأل عن كل ما يأتي ويذر .
قال الإمام ابن عبد البر : يلزم كل مؤمن ومؤمنة إذا جهل شيئا من أمر دينه أن يسأل عنه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ،إنما شفاءُ العيّ السؤال.الاستذكار(ص،٢٩٣)

قال الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (٣٧٥/٢) .أول ما يلزم المستفتي إذا نزلت به نازلة أن يطلب المفتي ليسأله عن حكم نازلته، فإن لم يكن في محله وجب عليه أن يمضي إلى الموضع الذي يجده فيه، فإن لم يكن ببلده لزمه الرحيل إليه وإن بعدت داره، فقد رحل غير واحد من السلف في مسألة.

المسألة التاسعة :
ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص بعينه من العلماء من الأئمة الأربعة أو غيرهم في كل ما يقول، وعلى المسلم إذا نزلت به نازلة أن يستفتي من يعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله امتثالاً لقوله تعالى: {فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون} [الأنبياء ٧].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإذا نزلت بالمسلم نازلة فإنه يستفتي من اعتقد أنه يفتيه بشرع الله ورسوله من أي مذهب كان، ولا يجب على أحد من المسلمين تقليد شخص معين من العلماء في كل ما يقول، ولا يجب على أحد من المسلمين التزام مذهب شخص معين من العلماء في كل ما يوجبه ويخبر به، بل كل أحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتباع شخص لمذهب بعينه لعجزه عن معرفة الشرع من غير جهته إنما هو مسوغ له، ليس هو مما يجب على كل أحد إذا أمكنه معرفة الشرع بغير ذلك الطريق، بل كل أحد عليه أن يتقي الله ما استطاع، ويطلب علم ما أمر الله به ورسوله، فيفعل المأمور ويترك المحظور .مجموع الفتاوى (٢٠٨،٢٠٩/٢٠).

وقد ذكر أهل العلم أن الناس ثلاثة أقسام:
الأول: المجتهد، وهو من عنده القدرة على استنباط الأحكام من نصوص الكتاب والسنة مباشرة، فهذا يتبع ما أداه إليه اجتهاده، ويحرم عليه التقليد.

الثاني: طالب العلم المتمرس في طلب العلم حتى صار لديه القدرة على الترجيح بين أقوال العلماء ، وإن كان لم يصل إلى درجة الاجتهاد ، فهذا لا يلزمه أن يقلد أحدا من العلماء ، بل يقارن بين أقوال العلماء وأدلتها ويتبع ما ظهر له أنه القول الراجح .

 الثالث :العامي الذي ليس عنده حصيلة من العلم الشرعي تؤهله للترجيح بين أقوال العلماء ، فضلا عن الاجتهاد، فهذا فرضه سؤال أهل العلم، فيعمل بقولهم، وهذا هو التقليد. قال الله تعالى : (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ).

المسألة العاشرة :
ذكر أهل العلم أن دراسة الفقه لطلاب العلم على مذهب معيّن لأجل اكتساب الملكة الفقهية بأيسر طريق،ولأجل وفرة المؤلفات الفقهية المنهجية في كل مذهب،ووفرة شيوخ المذاهب،فيأخذ الطالب هذه الكتب الفقهية المذهبية على أنها وسيلة،وليس لأنها هي كل الحق الذي لا يجوز خلافه،بل متى ظهر له في مسألة ما أن السنة الثابتة، بخلاف قول المذهب الذي يدرسه ترك قول المذهب، واتبع الدليل،فهذا الأمر لا بأس به وليس مذموما،بل هو طريقة حسنة مشروعة.
قال الإمام الذهبي رحمه الله تعالى :
شأن الطالب أن يدرس أولا مصنفا في الفقه [والغالب في هذا المصنف لا سيما في زمن الذهبي أنه سيكون على مذهب من المذاهب المعروفة] ، فإذا حفظه، بحثه وطالع الشروح ، فإن كان ذكيًّا،فقيه النفس، ورأى حجج الأئمة،فليراقب الله،وليحتط لدينه،فإن خير الدين الورع،ومن ترك الشبهات،فقد استبرأ لدينه وعرضه،والمعصوم من عصمه الله.
سير أعلام النبلاء (٩١،٩٠/٨) .

المسألة الحادية عشرة :
غلو الطالب في المذهب الذي يدرسه وذلك إما بالغلو في دراسة المذهب،فيغرق الطالب في متونه طوال عمره ، مكتفيا،ومستغنيا بها عن نصوص الكتاب والسنة، ومعرضا تماما عن التفقه فيهما،فهذا الأمر مذموم لأن فيه نوع إعراض عن نصوص الوحي.
وإما بغلو الطالب في أقوال المذهب،فيتمسك بها،ولو علم أن النصوص الشرعية على خلافها،فهذا هو التعصب المذموم الذي حذّر منه أهل العلم،حتى أئمة هذه المذاهب أنفسهم.
قال الشيخ غالب الساقي حفظه الله تعالى:ﻣﻦ ﺗﻠﺒﻴﺴﺎﺕ ﻣﺘﻌﺼﺒﺔ ﺍﻟﻤﺬﺍﻫﺐ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺪﻋﻮﻥ ﺃﻥ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﻓﻘﻪ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺴﻨﺔ ﻳﻔﻬﻤﻮﻥ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺮﺟﻮﻉ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ،ﻣﻊ ﺃﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺣﺪﻳﺚ ﺃﺧﺬﻧﺎ ﺑﻪ ﻋﻠﻰ ﺧﻼﻑ مذهب ﻭﺍﻓﻘﻨﺎ ﺇﻣﺎﻣﺎ ﺁﺧﺮ في مذهب آخر ﻓﻨﺤﻦ ﻧﺘﺒﻊ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺩﻭﻥ ﺃﻥ ﻧﺨﺮﺝ ﻋﻦ ﺃﻗﻮﺍﻝ الأئمة المعتبرين( بتصرف يسير).

المسألة الثانية عشرة :
ذكر عدد من أهل العلم ،ثلاثة مراتب من الناس في تلقي العلم :
-المرتبة الأولى التقليد:
وهو قبول قول الغير بلا حُجَة وقيل هو: اتباع من ليس قوله حُجَة، هذا تقليد.

-وأما الاتباع: فهو اتباع الدليل، مسألة بدليلها يسمى اتباعًا، وهي المرتبة الأعلى من التقليد.

-ثم بعد ذلك المرتبة الأخيرة وهي الاجتهاد: هي بذل الجهد لإدراك حكم شرعي،والنظر في الأدلة .

بعض العلماء الذين فرقوا بين الاتباع والتقليد: ابن أبي العز من الحنفية،
وابن خويز منداد ،وابن عبدالبر.
واختاره الشنقيطي من المالكية، وابن القيم من الحنابلة،وغيرهم ونقله ابن القيم عن الإمام أحمد، فقال: “وقد فرق أحمد بن التقليد والإتباع.أعلام الموقعين(٤٢٦/١).

هذا ما تسنى جمعه من المسائل، وهي أبرز المسائل التي يسأل عنها، والله الموفق، والحمد لله، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

About the Author

يزن الغانم
يزن الغانم أبو قتيبة باحث شرعي

Be the first to comment on "مسائل في الخلاف الفقهي بين علماء الأمة "

تعليقك يثري الموضوع