الفرق بين الخطبة والوصية موضوع موجز لبيان الفرق بين هذين الفنيين قبل الحديث في موضوعات تتطرق لتطوير الذات في هذا الجانب
الفرق بين الخطبة والوصية
أولاً : الخطبة
الخطابة لغة:
الخطابة مصدر ، فعله ( خطب ) من باب قتل ، يتعـدى بنفسه وبحرف الجر ، قال الجوهري : خطب على المنبر خطبة – بضم الخاء – وخطابة ، ويقال : فلان خطيب القوم إذا كان هو المتكلم عنهم ، والجمع خُطباء .
وذهب أبو إسحاق إلى أن الخطبة عند العرب هي : الكلام المنثور المسجوع ونحوه . قال ابن منظور في لسان العرب : والخطبة مثل الرسالة التي لها أول وآخر .
التعريف في الاصطلاح :
وضع العلماء عدة تعريفات للخطابة.
ويمكن أن نختار التعريف الآتي وهي: كلام منثور مؤلف يخاطب به الفرد الجماعة قصد الإقناع والاستمالة .
هذا عن الخطابة ، فماذا عن علم الخطابة ؟ وقد لاحظ الأقدمون والمحدثون أن للخطابة علما ، له أصوله وقوانينه من أخذ بها عُدَّ خطيبا .
والحقيقة أن هذا العلم يرشد دارسه إلى مناهج ومسالك ، ولا يجعله بالضرورة خطيبا ، بل يعطيه المصباح ولا يضمن له الرؤية ، فقد يكون في عينه رمد .
ويعطيه الآلة وقد يكون غير مؤهل لاستعمالها ، فهذا العلم إذن لا يشكل الإنسان ولكن يهديه ويدله على الطريق المستقيم.
تعريف علم الخطابة :
هناك تعريفات عدة لعلم الخطابة .
وقد مال كثير من المحدثين إلى تعريف نرتضيه لعلم الخطابة ، وهو :
أصول وقواعد ترشد الإنسان إلى فن مخاطبة الجماهير بطريقة إلقائية تشتمل على الإقناع والاستمالة .
ملاحظات على التعريف :
1- لا شك أن مخاطبة الجماهير لإقناعهم واستمالتهم فن قديم وقد أصبح اليوم علما مهما من العلوم الذي تعتمد عليها الأمم كثيراً في الداخل وفي الخارج في السلم والحرب وقد أخذ أشكالا عدة ، وتسمى بأسماء مختلفة من فن الإعلام ، إلى الغزو الثقافي إلى الحرب النفسية إلى علم الدعاية وفن التأثير ، إلى غير ذلك من الأسماء المختلفة .
ويعتمد هذا الفن على أسس وعلى قواعد معينة من المعرفة والدراسة والتجربة والدراية بأحوال الأمم والأفراد ، ورغبات الجماعات والشعوب وقياس الاتجاهات والميول والمواقف ، ومعرفة الأحداث والوقائع والبيئات والدراية بالعادات والتقاليد والقيم والمعتقدات ، إلى غيرذلك .
وكل هذا الذي تقدم يلزمه لمسة الخطيب البارعة في استغلاله فيما يريد وتوجيهه إلى ما يخدم فكرته وهدفه المراد . بما يوافق مقتضى الحال ،
وهذا هو الفن المطلوب استخدامه والبراعة فيه . مؤيدا كل ذلك بالحجج والبراهين والأدلة على صدق دعواه فيما يقصد ويريد.
2- لابد في الخطابة من الجمهور الذي يقصده الخطيب ويريد إقناعه بما يريد وبدون الجمهور لا خطيب ولا خطبة ، فمن يحادث فردا لا يسمى خطيبا ، ولا تسمى تلك المحادثة خطبة ، ولا يحتاج في مثل هذا إلى لهجة خطابية وإنما يكفيه أن يشرح المعنى بصوت هادئ وطريقة مألوفة.
3- تكون الخطابة بطريقة إلقائية ، ومعنى هذا أن يكون الخطيب على هيئة معينة في الحديث من جهارة الصوت وتجسيم المعاني وإتباع الأساليب البلاغية والاقناعية ، وقد يصاحب ذلك شيء من الانفعال مع بعض الإشارات باليد إلى غير ذلك من لوازم الإلقاء الاقناعي والتأثيري.
4- أن يكون الكلام مقنعا فيشمل على حجج وبراهين وأدلة يستطيع بها الخطيب أن يبرهن على صحة دعواه وصواب ما يريد ، أما إذا خلت الخطبة من هذا فإن ذلك يكون إبداء لرأي صاحبه أو إعلانا عن شيء ، أو يكون تهريجا أو صياحا لا يؤدي إلا إلى نفور أو ضياع للوقت والجهد ، وقد يؤدي إلى عكس المطلوب .
5- أن تشتمل الخطبة على عناصر تأثيرية ، فإن من أهم عناصرها ، إثارة العواطف وبعث الأحاسيس ، واستجاشة العزائم ، ولهذا كانت الخطبة دائما تسبق الأحداث العظام ، للترغيب أو الاندفاع أو الترهيب ، أو الإقدام والمغامرة ، لأن السامع قد يقتنع بفكرة ما ثم لا يعنيه تنفيذها أو الاندفاع إليها ، ولكن الخطبة تكون للاقناع والدفع والتحريض والاستجاشة ، أو الإقدام والتنفيذ والحماس فتختلف بذلك عن كثير من وسائل الإعلام . تختلف عن المنشور وعن المقال وعن الدرس والحديث .
ثانياً : الوصية
تعريف الوصية :
في اللغة:-مأخوذة من وصيت الشيء إذا وصلته سميت بذلك لأنها وصل لما كان في الحياة بعد الموت( ).
أما في الشرع:-فقد اختلفت عبارات الفقهاء فيها:-
فقال بعض العلماء / الوصية هي هبة الإنسان غيره عيناً أو ديناً أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد الموت( ).
أو بعبارة أخرى:-هي التبرع بالمال بعد الموت.
وهناك أقوال أخرى في تعريفها وإن كانت كلها تؤدي إلى معنى واحد هذا المعنى يتمثل في كونها((تمليك مضاف إلى ما بعد
الموت بطريقة التبرع)) ( ).
ومن هذا التعريف يتبين لنا الفرق بين الوصية والهبة.
فالتمليك المستفاد من الهبة يثبت في الحال أما التمليك المستفاد من الوصية فلا يثبت إلا بعد الموت.
ومن الفروق بين الهبة والوصية أن الهبة لا تكون إلا بالعين.والوصية تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة.
دليل مشروعية الوصية:-
جاءت نصوص الكتاب والسنة على مشروعية الوصية وعلى مشروعيتها انعقد إجماع الأمة:-
أما دليل الكتاب:-
فقول الله تعالى-(كتِبَ عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين) ( ).
وقوله-تعالى-(مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ)( ).
وقال أيضاً ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ ) ( ).
أما دليل مشروعيتها من السنة:-
ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر-رضي الله عنهما-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-((ما حق امرئ مسلم له شئ يوصى فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده قال ابن عمر: ما مرت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول ذلك إلا وعندي وصيتي)) ( ).
أما عن الإجماع فقد نقل ابن قدامة في المغني الإجماع على جواز الوصية حيث قال.((وأجمع العلماء في جميع الأمصار والأعصار على جواز الوصية)) ( ).