الحبُّ بات شيء محال خاطرة للكاتب موسى العايد تناولت الكلام عن ظاهرة العلاقات المحرمة المعروفة بـ (الحب ) .. كلام فارغٍ يخرجُ من أطرافِ اللسانِ لا القلبُ (موسى العايد)
الحبُّ بات شيء محال
موسى العايد
في بيئةٍ مليئةٍ بالضوضاءَ، في ساحةٍ كبيرةٍ، في مجتمعٍ يتخبَّطه الظلام، لم نعدْ نسمعُ سوى الحبِّ فما الحبُّ وما أدراك ما الحبُّ،
كلام فارغٍ يخرجُ من أطرافِ اللسانِ لا القلبُ ينطقُ حقيقةَ مافيه ولو نطقَ لاختلفتْ الأقوالُ وتبدَّلَتْ كما تتبدَّلُ الشمسُ والقمرُ، ولا العين تصدُق نظراتِها،
في الحبِّ لا تسمعُ إلا الكلامَ المعسولَ الملطَّخَ بالخبث، كمن يضعَ السُّمَّ بالدَّسمِ، هي كلمة بلكادِ كنَّا نسمعُها لكنَّها أصبحت على ألسنةِ الصغارِ قبل الكبارِ، الأولاد الذين من المفترضِ أن ينشغلُوا بأمورٍ أخرى…..
تراهُم يضعُون حالاتًا على وسائلِ التواصلٍ الاجتماعيِّ ويسمعُونَ الألحانَ الموسيقيةَ التي تُشيرُ إلى ذلك، ولو سألتُهم ما الحبُّ لأجابوك اختلاط رجل بأنثى، هم يردِّدُون ولا يعرفُون!!!
فبات الحبُّ الذي كان عِناقَ الرُْوحِ بالرُّوحِ،ضربٌ من الخيالِ بمظاهرِ الجسدِ والشَّكْلِ بعيدًا عن الصِّدقِ والأخلاقِ والجوهرِ،
فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وكثرة الانشغالات، وصعوبة الحياة، بات الحبُّ أشبه مايكُون بإكذوبةٍ، وهو كذلك،
في الحبِّ تجدُ المرأةَ المتزوجة من بعلِها إذا ما عطشَ عقلُها للحبِّ تفكِّر كيف تتخلص من بعلها رُغمَ العِشرةِ والأولادِ، فكم سمعنا إمرأة قتلت بعلها من أجلِ الحبِّ،،
أيَّ حبٌّ هذا الذي يؤدِّي إلى الدَّمارِ والهلاك والضَّياعِ،
فالجامعاتِ التي تعدُّ صِرحًا للعلمِ والثقافةِ ومركزٍ للنورِ، باتت اليوم أشبهُ ما تكون حقلًا من الألغامِ الغراميةِ،
فأولئك الشَّباب الذين يدفعُون بعجلةِ التَّغيير في هذا الكون أقتصر الكلام لديهم على الحبِّ، وكأنَّه لا يوجد أحاديث إلا ذلك…
فاختلفت الأسماء لديهم كالزَّمالةِ أو الصَّداقةِ أو التَّعارفِ والنَّتيجةِ واحدةٍ كمن يضعَ الزِّينةَ على السيارةِ وهو يلعم أنَّها سيارةٌ،
فأيُّ زمالةٌ وصداقةٌ وتعارفٌ التي يختلطُ المحظور بالمباح!!! والتي يجتمعُ فيها الكذبُ قبل الصِّدقِ!! ،
والتي تسُودُها النَّواية الخبيثة،
في الحبِّ تتبدَّدُ الأحلامَ لدى كلِّ فتاةٍ، فتبدأ تخطِّطُ لمستقبلٍ مجهولٍ،
وتحلمُ بأن تكون ملِكةً للبيتِ وكأنَّها توِّجت بتاجِ الوقارِ ،
فما أن يحينَ الوقتُ ويقعُ المحظورَ تبدأ الآمالُ تتراجعُ كتراجعِ السَّهمِ قبل انطلاقه،
وينتهي الحبُّ المزعومُ الذي طالما سطَّرنا به الكلمات والأقوال فقد تبخَّرت كتبخر الماء،
كيف لفتاةً مثقَّفةً أنْ تُصَدِّقَ هذا الهُراء
ولا عجب فقد أُخِذَتْ الغايةُ، إلا أنَّه كيف لفتاةً مثقَّفةً تحملُ لواء العلم، أنْ تُصَدِّقَ هذا الهُراء من هؤلاء!!!
وإن أغرُّوها ببعضِ الورود! فهل يعقل لشابٍ يأخذ أجرة نقله وثمن دُخَّانِهِ ومصارِيفِه اليومية من والده أن يؤسسَ بيتًا في هذا الوقت؟ وهو لايستطيع أن يؤمِّنَ لنفسه عملٌ،
ففي الحبِّ صراعا طويل يسعى كلّ منه الوصول إلى مبتغاه،
وأي مبتغًى هذا! ففي الحبُّ وقت يقضى من أجلِ التَّسليةِ، فالحبِّ في نظرةِ المتأملِ مفخرةً وما هو بذلك بل مهلكةٍ لمن أراد الهلاك ،
ومقبرة لمن أرد الدفن وهو على قيدِ الحياةِ، فلم يعد الحبِّ كما كان في الزمن الماضي الذي يملؤه الصدق والإخلاص،
فبات اليوم شيء مُحال التصديق، يقوم على الكذب وإضاعة الوقت،
فهل ياترى أصبحنا نركضُ خلفَ المغرياتِ دون تفكير؟أم هل ياترى نُسلِّ أنفسنا بهكذا أمور؟ ونسينا أن الأيام دول…..