بريخت عمل على تعميق الوعي الإنساني في مسرحياته للكاتب فواد الكنجي
بريخت عمل على تعميق الوعي الإنساني في مسرحياته
فواد الكنجي
إما على صعيد أنشطته الحزبية أو مع ارتباطاته الحزبية حيث كان عضوا في (الحزب الشيوعي الألماني)،
فان (بريخت) كثيرا ما وجهه انتقادات للحزب؛ بما وجد من تصرفات بيروقراطية بين أعضاءه؛ وهو الأمر الذي رفضه الحزب فاتخذوا مواقف صارمة ضده بين حين وأخر وتسببت له الكثير من المضايقات سواء بمنع بعض مسرحياته التي كانت تنتقد مواقف (الحزب الشيوعي) وهذا ما جعل الحزب يصدر أمر بمنع عرض بعض من مسرحياته كمسرحية (المعيار) و(القرار) التي انتقد فيها البيروقراطية القائمة داخل الحزب والانتهازية السياسة داخل النظام سلطة الحزب وقد أستشف معلوماته عن هذا الجانب من خلال عمله في الحزب الذي كان يمارس هنا وهناك،
علما بان (بريخت) كان مؤمنا بالفكر (الماركسي اللينيني) وشديد الإعجاب بقيادة (ستالين) كما انه منح جائزة (ستالين) وهي ارفع جائزة كانت تمنح في (الاتحاد السوفيتي) .
وقد ظل (بريخت) يتحدى وينتقد البيروقراطية الحزبية من اجل تصحيح مسار عملهم في (ألمانيا)،
ولم يكتفي بهذا النحو بل صاعد انتقاداته ضد ممارسات السلطات في (ألمانيا) وخاصة بعد صعود (النازية) ومسك زمام الأمور فيها؛ في وقت الذي عرف عن (بريخت) في عموم (ألمانيا) بمواقفه المؤيدة للحزب (الشيوعي) وانه كان من اشد منتقدي سياسية السلطات في (ألمانيا)،
حيث عمل (بريخت) بتشكيل ممثلين من العمال كهواة لتمثيل في مسرحياته التي أخذت تجوب مدن (ألمانيا)،
مما أدى إلى تعرضها للقمع والمنع من قبل رجال الأمن والشرطة الأمر الذي قرر (بريخت) بعد عام 1933 إلى ترك (ألمانيا) حين استلم (هتلر) الحكم في (ألمانيا)؛ وبعد إن أخذت السلطات (النازية) تضطهد كل كاتب ومفكر وأديب وفنان لا ينتمي إلى (النازية) ويتم حرق كتبهم،
فهرب (بريخت) من (ألمانيا) ليقضي بعد ذلك حياته في المنفى؛ بعد إن أصدرت سلطات في (برلين) أمر بسحب الجنسية الألمانية منه عام 1935 ،
فاخذ ينتقل بين دول الأوربية (سويسرا) و (فرنسا) و (فينا) و (دانمرك) و (سويد) و (فنلندا)،
وبعدها هاجر إلى (أمريكا)، وبعد مكوثه في (أمريكا) سبع سنوات قرر (بريخت) العودة إلى (ألمانيا) عام 1948 ولكن فوجئ بمنع سلطات في (ألمانيا الغربية) دخوله البلاد فتوجه إلى (ألمانيا الشرقية)،
حيث استلم هناك إدارة المسرح حتى وفاته بعد إن قضى أكثر من خمسة عشر سنة في المنفى بعيدا عن وطنه .
وخلال هذه الفترة كتب (بريخت) اغلب مسرحياته رغم إن الكثير من هذه الأعمال رفض عرضها في هذه الدول،
وخلال العقد الأخير من عمره أي ما بين عام (1948 – 1956) استمر (الحزب الشيوعي الألماني) غير راضي لانتقاداته رغم تقديمه تنازلات؛ وحين قدم مسرحيته عن (كومونة باريس) عام 1949 – و(كومونه باريس) هي أول دولة عمالية في التاريخ استلمت الحكم في (باريس) العاصمة (الفرنسية) لمدة ثلاثة أشهر في الثامن عشر من مارس عام 1871 مما إربك العالم (الرأسمالي) حين وجدوا راية العمال مرفوعة في (باريس) قلب أوربا وان الثورة الاشتراكية رفعت شعارات (تحرير العمال) مما ضنت الدول (الرأسمالية) بان لا محال بان العالم كله مهدد بالسقوط،
ولهذا عملوا بكل ما في وسعهم لإسقاطها وحصر نطاق الثورة العمالية في (باريس) ومنعوها من التوسع إلى مدن (فرنسا) والدول الأوربية المجاورة بكل وسائل القمع؛ وفعلا نجحوا في ذلك،
و رغم سقوط (الكومونة) في (باريس) فإنها بقت في ضمير وعقل كل أحرار العالم مؤكدين بأنه لا بديل مهما طال الزمن عن (الثورة العمالية) لإسقاط النظم (الرأسمالية) ولا بد لأي (ثورة عمالية) إن تبدأ بالخطوة الأولى في تحطيم الدولة البرجوازية والرأسمالية الغاشمة – ولهذا أقدمت الحكومة إلى منع مسرحته (كومونه باريس) واخذ الحزب يضايق (بريخت) كثيرا مما اضر إلى تقديم استقالته من الحزب؛ واخذ يقدم مسرحياته القديمة؛ في وقت الذي لابد من الذكر بان (بريخت) منح جائزة (ستالين) من (موسكو) قبيل وفاته عام 1956 بعد إن تدهور أوضاعه الصحية،
لأن (بريخت) بقى وفيا ومخلصا و مؤمنا بمبادئ (الماركسية – اللينينية) وان انتقاداته لم تكن لفكر الحزب (الشيوعي) بقدر ما كانت تتجه نحو تصرفات بعض القيادات الحزب،
وهنا لا بد إن نذكر بان (بريخت) رغم انتقاده لبعض مواقف (ستالين) إلا انه كان شديد الإعجاب بقيادته وقد كتب الكثير من الإشعار يمدح فيها قيادة (ستالين) في الاتحاد السوفيتي كما كتب فصائدا عدة منتقدا عن بعض مواقفه،
ولكن في مجمل مسار عملة ونشاطه احتسب على التيار (الستاليني)،
ولكن في المجمل ظل (بريخت) مؤمنا بـ(الماركسية – اللينينية) بيقينه المطلق بان ليس هناك من نظام يحكم بالعدل والإنصاف هذا العالم المليء بالتناقضات والأزمات ويستطيع تحويل كل الجوانب السلبية في الحياة إلى ايجابية،
لان (الحزب الشيوعي) في اعتقاده هو النظام الأكثر وعيا وتطبيقا وإيمانا بقوة التغير وبناء منظومة إنسانية واعية دورها في العطاء والتضحية والعمل والكفاح والنضال؛ ولذلك تبنى (بريخت) الاتجاه العلمي (للماركسية – اللينينية) ووجد في معطياتها ملاذا فكريا تبحر فيه وقدم أعظم أعمال المسرحية لخدمة الإنسانية برمتها،
ليعطي جل أوقاته بدراسة (الماركسية) وفلسفة (هيجل) وخاصة بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى 1914،
ولذلك ومنذ لحظة الأولى لثورة (لينين) وقف (بريخت) مناصرا ثورته ومؤيدا لتطلعاته الثورية وكتب في ذلك قصائد غنائية يمجد قيادة (لينين) .