Site icon حديقة المقالات

يوم عاشوراء وعادات الناس للشيخ علي محفوظ

يوم عاشوراء

يوم عاشوراء وعادات الناس للشيخ علي محفوظ تكلم فيه عن البدع التي تشتهر في هذا اليوم الفضيل بين الشيعة والنواصب ، وبعض بدع المتصوفة وما ينبغي عليه المسلم بين هذين الفريقين ، المقال يغلب عليه الطابع العلمي ويحتوي على الاستشهادات من النصوص الشرعية مع بيان صحة الأحاديث وضعفها ، جاء المقال في 1166 كلمة و 68 فقرة ، تكرر فيه عبارات ( يوم عاشوراء ، بدعة ، الشيطان ، الاكتحال ، يوم ، عاشوراء )

يوم عاشوراء وعادات الناس للشيخ علي محفوظ

يوم عاشوراء وعادات الناس (1) للشيخ علي محفوظ

إن لله _ تعالى _ نفحاتٍ يتعرض لها الموفقون من عباده ويغفل عنها المخذولون،

ومن رحمته أَنِ اختص من الأيام والليالي والأشهر ما شاء، وتسمى المواسم،

ثم أرشد عباده إليها طالباً منهم أن يَجِدِّوا في طاعته عسى أن يمسهم شيءٌ من رحمته وإحسانه؛

فالمواسم هي الأوقات التي رسمها الشارع؛ لطلب القرب منه فيها، والقيام بشكره على نعمه.

والمواسم معالمُ الخيرات، ومظانُّ التجارات التي بالغفلة عنها يفوت الربح العظيم؛

فإن البضائع لا تروج إلا في المواسم، والله _ تعالى _ إذا أحب عبداً شرح صدره للهداية،

واستعمله في هذه الأوقات الفاضلة بأفضل الأعمال؛ ليثيبه أفضل الثواب ويجزيه أحسن الجزاء على ما قدم من خير العمل

[وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً].

ولكن الشيطان _ لعنه الله _ قد آلى على نفسه أن يصد الناس عن سبل الخير، ويقعد لهم بكل صراط مستقيم؛

ليحول بينهم وبين إحسان الله ورحمته، ويقذف بهم في مهاوي الشقاء والخسران؛

فزين لهم في هذه المواسم أموراً بعيدة عن الهدى والرشد، ورسم لهم فيها من ضروب الهوى ما استمال به قلوبهم،

ووضع لهم مكان كل سنة بدعة حتى تعرضوا لمقت الله، وغضبه بدل رضوانه وإحسانه.

الدين واضح، والحلال بيِّن، والحرام بيِّن، والسنة جليَّة نيِّرة، والبدعة خفيَّة مظلمة؛

فلا تكون السنة يوماً بدعة، ولا تكون البدعة يوماً سنة إلا إذا عميت البصائر، وانصرفت النفوس عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم

وسار كلٌّ وراء شهوته وهواه، [وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ].

فإن السير وراء الهوى يعمي باصرة القلب حتى لا تعرف للخير سبيلاً.

وللإيمان الصحيح نورٌ يسطع في العقول، فيهديها في ظلمات الحيرة،

ويضيء أمامها السبيل إلى الحق الذي لا يشوبه باطل، ويسهِّل عليها أن تتجنب كل أذىً يتعثر فيه السالك.

حسن الإسلام

والإيمان الصحيح لا يبيح لصاحبه أن يعمل عملاً قبل أن يتبصر فيه، ويعلم أنه نافع له في دينه ودنياه، ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

ولا يسمح له أن يترك أمراً حتى يشهد عنده البرهان أو العيان بأنه ليس مما يجب عليه أن يأتيه بحكم إيمانه.

الإيمان الصحيح يجعل من نفس صاحبه رقيباً عليها في كل خطرة تمر بباله، وكل نظرة تقع منه على ما بين يديه من آيات الله في خلقه.

ماذا يقع في يوم عاشوراء؟

يقع في هذا اليوم كثير من البدع، منها ما لا أصل له في الدين القويم،

ومنها ما ينبني على أحاديث موضوعة أو ضعيفة كاتساع الناس في اتخاذ الأطعمة الخاصة بهذا اليوم، واعتبارهم له عيداً وموسماً من مواسم المسلمين.

وهذا من تلبيس الشيطان على العامة _ فإنه قد ثبت أن هذا اليوم تعده اليهود عيداً وكانت تصومه كما في مسلم:

كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيداً، ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم أي لباسهم الحسن الجميل.

فأمرنا الشارع الحكيم بمخالفتهم بصوم يوم قبله أو بعده،

قال الإمام الشافعي أخبرنا سفيان أنه سمع عبدالله بن أبي زيد يقول سمعت ابن عباس يقول: صوموا التاسع والعاشر، ولا تشبهوا باليهود.

وفي رواية له عنه: صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، وصوموا قبله يوماً أو بعده يوماً.

ولم يشرع فيه توسعة في مطعم، ولا غيره؛ لهذه المخالفة.

وما ورد في صلاة ليلة عاشوراء ويومها وفي فضل الكحل فيه لم يصح عن الرسول صلى الله عليه وسلم،

ومن ذلك حديث عن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ رفعه: من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبداً وهو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين.

قال الإمام أحمد : والاكتحال يوم عاشوراء لم يرد فيه عن رسول الله”فيه أثر وهو بدعة.

بدعتين بسبب قتل الحسين

فلقد أحدث الشيطان بسبب قتل الحسين بدعتين:

الأولى: الحزن، والنوح، واللطم، والصراخ، والبكاء، والعطش، وإنشاد المراثي، وما إلى ذلك من سبِّ السلف، ولعنهم، وإدخال البريء مع المذنب،

وقراءة أخبار مهيجة للعواطف، مثيرة للفتن كثير منها كذب.

وكان قصدُ مَنْ سنَّ هذه السنِّة السيئة في ذلك اليوم فتحَ باب الفتنة، والتفريق بين الأمة؛

فإن هذا ليس مستحبَّاً، ولا جائزاً باتفاق المسلمين، بل إحداث الجزع والنياحة للمصائب القديمة من أكبر المحرمات.

الثانية: بدعة السرور والفرح واعتبار هذا اليوم عيداً يلبسون فيه ثياب الزينة، وذلك أنه كان بالكوفة،

وقوم من الشيعة ينتصرون للحسين، ويغلون في حبه رأسهم المختار بن عبيد الكذاب،

وقومٌ من الناصبة يبغضون عليَّاً وأولاده ومنهم الحجاج بن يوسف الثقفي.

وقد ثبت في الصحيح عن النبي _ عليه الصلاة والسلام _ أنه قال: سيكون في ثقيف كذاب ومبير.

فكان ذلك الشيعي هو الكذاب، وهذا الناصبي هو المبير؛

فأحدث أولئك الحزن، وهؤلاء السرور، ورووا أن من وسَّع على عياله يوم عاشوراء وسَّع الله عليه سائر سنته.

وقد سئل الإمام أحمد  عن هذا الحديث فقال: لا أصل له وليس له سند إلا ما رواه ابن عيينة عن ابن المنتشر وهو كوفيٌّ سمعه ورواه عمن لا يعرف.

ورووا أنه من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام، ومن اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام؛

فصار قوم يستحبون في هذا اليوم الاكتحال والاغتسال والتوسعة على الأهل،

وهذه بدعة أصلها من خصوم الحسين، كما أن بدعة الحزن من أحبابه.

والكل باطل، وبدعة وضلالة؛ ولذا قال العز بن العز الحنفي: إنه لم يصح عن النبي _ عليه الصلاة والسلام

في يوم عاشوراء غير صومه وإنما الروافض لما ابتدعوا المأتم وإظهار الحزن يوم عاشوراء ؛

لكون الحسين قُتِل فيه ابتدع أهل السنة إظهار السرور واتخاذ الحبوب والأطعمة والاكتحال، ورووا أحاديث موضوعة في الاكتحال والتوسعة على العيال.

حديث موضوع

وقد جزم الحافظ السخاوي في المقاصد الحسنة بوضع حديث الاكتحال، وتبعه غيره منهم مثلاً (2) علي القارئ في كتاب الموضوعات.

ونقل الحافظ السيوطي في الدرر المنتثرة عن الحاكم أنه منكر.

وقال الجراحي في كشف الخفاء ومزيل الإلباس: قال الحاكم _أيضاً_: الاكتحال يوم عاشوراء لم يرد عن النبي فيه أثر وهو بدعة. ا_هـ

ولم يستحب أحد من الأئمة الأربعة، ولا غيرهم لا هذا ولا هذا؛ لعدم الدليل الشرعي

بل المستحب يوم عاشوراء عند جمهور العلماء هو صومه مع صوم يوم قبله؛ فعن ابن عباس _ رضي الله عنهما _ قال: قدم النبي المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء فقال: ما هذا؟

قالوا: يوم صالح هذا يوم نجَّى الله _عز وجل_ بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى.

قال: فأنا أحق بالصوم منكم، فصامه، وأمر بصيامه متفق عليه.

أي أن موسى صامه؛ شكراً، ونحن نصومه تعظيماً له.

وعنه _ أيضاً _ قال: قال رسول الله “: لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع رواه مسلم.

وعن أبي قتادة ÷ أن رسول الله “سئل عن صيام يوم عاشوراء فقال: يكفر السنة الماضية رواه مسلم.

ومن بدع اليوم الشحذ على الأطفال باسم زكاة الفطر؛

رجاء أن يعيشوا، وهو شائع في مصر ويزعم بعض أرباب الأموال أن ذلك كاف عما وجب في زكاته، ولا يخفى أنه ضلال.

ومنها البخور الذي يطوف به على البيوت قومٌ من العاطلين الذين لا خلاق لهم،

فيرقون الأطفال منه مع كلمات يقولونها بمحضر من أمهاتهم يوهمونهن أن ذلك وقاية لهم من العين وكلِّ مكروهٍ إلى السَّنَةِ القَابلة.

وهذا أمر يحتاج إلى توقيف من صاحب الشريعة “ولم يثبت إلا أنه بدعة وضلالة.

بدعة طواف البنات بالحلوى

ومن البدع السيئة في هذا الموسم طواف البنات بأطباق الحلوى ينادين عليها بقولهن: يا سي على لوز فهذه ضلالة؛

فإن البنات قد بلغن حدَّ الشهوة، ويخرجن متبرجات بزينة على صورة الخلاعة تعبث بهن الكهول والشبان في الشوارع وعلى قارعة الطريق،

ولا يخفى ما في ذلك من الفتنة وفساد الأخلاق نعوذ بالله من الشيطان وحزبه، ونسأله _ تعالى _ السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.

الهوامش

(1) مجلة الهداية الإسلامية، الجزء الثامن، المجلد الثاني ص443، محرم 1349هـ.

#اسماء_مقالات_مميزة

#مقالات_في_العادات_والعبادات

#علي_محفوظ

اسماء مقالات مميزة : المقالات المختارة لأبرز كتّاب المقالة العربية المجموعة الثانية

اقرآ الكتاب على موقع المكتبة العربية الكبرى

 

Exit mobile version