بقلم د. عبدالحميد بن علي
اعتاد كثير من الجهال إذا أراد أن يسب أحدا أن ينسبه إلى قريش، وهذا سببه الجهل ليس غيره، وإلا فقريش هي تاج العرب ورأسها وفخرها ونبع فضائلها وأطيب معادنها، ويكفي أن الرسول عليه الصلاة والسلام من هذه القبيلة التليدة.
وفي الحديث الصحيح ” إن الله اصطفى من ولد اسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشا ” الحديث. فهم اذن صفوة العرب ونخبتها.
وقد ذكر الأديب الجاحظ جملة خصائص بديعة لهذه القبيلة، أنقلها لكم هنا بالنص مع بعض الاختصار.
قال الجاحظ: ولقريش جملة فضائل:
1- فمن ذلك أنا لم نر قريشياً انتسب إلى قبيلة من قبائل العرب، وقد رأينا في قبائل العرب الأشراف رجالاً – إلى الساعة – ينتسبون في قريش، كنحو الذي وجدنا في بني مرة بن عوف، والذي وجدنا من ذلك في بني سليم، وفي خزاعة، وفي قبائل شريفة.
2- ومما بانت قريش أنها لم تلد في الجاهلية ولداً قط لغيرها
3- ومما بانت به قريش من سائر العرب أن الله تعالى جاء بالإسلام وليس في أيدي جميع العرب سبية من جميع نساء قريش، ولا وجدوا في جميع أيدي العرب ولداً من امرأة من قريش.
4- ومما بانت به قريش من سائر العرب أنها لم تكن تزوج أحداً من أشراف العرب إلا على أن يتحمس، وكانوا يزوجون من غير أن يشترط عليهم، وهي عامر بن صعصعة، وثقيف، وخزاعة، والحارث بن كعب، وكانوا ديانيين، ولذلك تركوا الغزو لما فيه من الغصب والغشم، واستحلال الأموال والفروج.
ومن العجب أنهم مع تركهم الغزو كانوا أعز وأمثل، مثل أيام الفجار وذات كهف.
5- ومن خصالهم أنهم لم يشاركوا العرب والأعراب في شيء من جفائهم، وغلظ شهواتهم؛ وكانوا لا يأكلون الضباب، ولا شيئاً من الحشرات؛ ألا ترى أن النبي – صلى الله عليه وسلم – أتوا خوانه بضب فقال: ” ليس من طعام قومي “، لأنهم لم يكونوا يحرشون الضباب، ويصيدون اليرابيع، ويملون القنافذ، أصحاب الخمر والخمير، وخبز التنانير.
وقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، ونشأت في بني سعد بن بكر “.
6- وقريش قوم لم يزل الله تعالى يقلبهم في الأرحام البريئة من الآفات، وينقلهم من الأصلاب السليمة من العاهات، ويعبيهم لكل جسيم، ويربيهم لكل عظيم.
من كتابه (الحنين الى الاوطان، ضمن رسائله ص: 115 وما بعدها ج 4)